•عبدالعالي الطاهري.
- في خمسة أيام..17 شحنة توجهت إلى إسبانيا والمملكة المتحدة .
بسبب الاضطرابات السياسية وكذا سلسلة الإضرابات المتتالية ضد لائحة رفع سنّ التقاعد في البلاد، التي تعيش على إيقاعها فرنسا منذ أسابيع، اضطرت شحنات الغاز المسال إلى تغيير دفّتها من هذا البلد الأوروبي إلى دول أوروبية أخرى،.
وتعيش فرنسا حالة من الاضطراب في قطاع الطاقة، بسبب مشاركة العاملين بمحطات الغاز المسال ومصافي التكرير في الإضرابات المتتالية الممتدة منذ شهرين ضد لائحة رفع سنّ التقاعد.
ولجأت أغلب شحنات الغاز المسال القادمة إلى فرنسا لتغيير وجهتها إلى دول أوروبية أخرى، بعد أن أغلقت محطات الإسالة الفرنسية أبوابها في إطار سلسلة الإضرابات المستمرة التي تقودها النقابات العمالية بحماسة بالغة وتحدٍّ ملحوظ على مستوى الخطاب والحركة، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال بلاتس المتخصصة (S&P global Platts).
واتجهت هذه الشحنات إلى دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا والمملكة المتحدة وألمانيا إلى جانب تركيا، في إطار البحث عن بدائل الانتظار بالموانئ الفرنسية إلى أجل غير مسمى، وفقًا لما رصدته تقارير حكومية رسمية في الموضوع.
- شحنات الغاز المسال تهرب بسبب إضرابات فرنسا.
بلغ عدد شحنات الغاز المسال المحولة من فرنسا إلى دول أوروبا قرابة 17 شحنة خلال المدة من 24 إلى 28 مارس/آذار 2023.
وأسهم تحول الشحنات إلى أوروبا في حدوث تخمة في جانب المعروض بالمحيط الأطلسي، وسط مخاوف من استمرار إضرابات فرنسا، تزامنًا مع تراجع الطلب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ما قد يؤثّر في تكاليف الشحن.
وبلغ متوسط تكلفة شحن الغاز المسال على “مؤشر جيه كيه إم” الآسيوي قرابة 62.2 سنتًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية متجهة إلى شمال غرب أوروبا، بدءًا من 27 مارس/آذار (2023).
في المقابل، بلغ متوسط تكلفة الشحن من إسبانيا إلى تايوان قرابة 1.83 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
- تكاليف الشحن.. العائق الأكبر.
ترجّح تكاليف الشحن المرتفعة من أوروبا إلى آسيا صعوبة تحويل تدفقات غاز كبيرة إلى المحيط الهادئ، حتى لو ارتفع الطلب عليها، ما قد يحصر المنافسة بين دول أوروبا لحين توقّف إضرابات فرنسا.
ورغم تضرر فرنسا من تحول شحنات الغاز المسال عنها إلى غيرها، فإن غالبية الدول الأوروبية استفادت من تخمة المعروض في تعزيز إمداداتها بضغوط تسعير أقلّ من السابق.
ودخلت إضرابات فرنسا مرحلة حرجة، وسط مخاوف من اتّساع رقعة أعمال العنف والشغب والتخريب والصدامات مع الشرطة الفرنسية.
- 10 إضرابات ولا نتيجة.
نفّذت النقابات العمالية في فرنسا، إلى الآن، 10 إضرابات، وشملت الموظفين والعاملين في أغلب قطاعات الدولة الحكومية والخاصة، لا سيما قطاع مصافي التكرير ومحطات الغاز المسال.
ولم تُبدِ الحكومة الفرنسية تجاوبًا مع مطالب المحتجين والنقابات العمالية بتعليق لائحة رفع سنّ التقاعد في البلاد من 62 إلى 64 بحلول 2030.
وتدافع حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون عن رفع سنّ التقاعد بوصفه إصلاحًا ضروريًا لم يعد يحتمل التأخير، تجنبًا لإفلاس محتمل في منظومة التقاعد والتأمين على مستوى فرنسا.
إلى ذلك، تعترض النقابات العمالية على تمرير الحكومة الفرنسية للائحة دون الرجوع للبرلمان، عبر استعمال مادة مثيرة للجدل في الدستور تجيز للحكومة إقرار اللوائح دون تصويت البرلمان.
- الحوار..الأُفق مسدود.
ما زال أفق الحوار بين الحكومة الفرنسية والنقابات مسدودًا، في ظل إصرار الطرفين على مواقف متشددة تجاه تمرير أو تعليق لائحة رفع سنّ التقاعد، ما يهدد بتعرّض الأمن العام في البلاد لمخاطر عالية، وفقًا لتحذيرات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درامانان.
ويتّسع نطاق أعمال العنف والشغب والتخريب والنهب أثناء المظاهرات، ما أدى إلى اعتقال مئات المتظاهرين، وتأجيل زيارة ملك بريطانيا تشارلز الثالث وزوجته إلى فرنسا، والتي كانت مبرمجة في 28 مارس/آذار 2023.
كما تترقب شحنات الغاز المسال القادمة إلى فرنسا مواقف عمال محطات استيراد الغاز المسال الفرنسية الـ3 المضربة جزئيًا عن العمل منذ أسابيع، وسط توقعات بتمديد الإضراب لمدة غير معلومة، في ظل إصرار الحكومة الفرنسية على موقفها.
- إضراب محطات الإسالة.. النزيف مستمر.
المحطات المضطربة عن العمل هي : محطة مونتوا دو بريتاني على ساحل المحيط الأطلسي، ومحطة فوس تونكين، ومحطة فوس كافاو للغاز المسال على ساحل البحر المتوسط.
وتعمل محطة دنكيرك للغاز المسال بصورة جزئية عبر خفض كميات تسليم الغاز، ما يهدد باستمرار تكدّس شحنات الغاز المسال في الموانئ الفرنسية أو تغيير دفتها إلى دول أوربية أخرى.
كما يُتوقع تحول ناقلات الغاز المسال الأمريكية إلى آسيا والمحيط الهادئ، بدلًا من أوروبا والمحيط الأطلسي، لحين استقرار الأوضاع الداخلية في فرنسا على الأقلّ.
وستؤثر هذه المتغيرات في معدل خصومات الغاز المسال على مؤشر “تي تي إف” الهولندي، المعيار الأوروبي المعتمد لأسعار الغاز.
- غاز الأنابيب.. الانتعاش المنتظرة.
من المرجح ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي في خطوط الأنابيب مع نقص شحنات الغاز المسال إلى فرنسا، ما قد يوسّع الفوارق السعرية بين إمدادات الغاز المنقولة برًا وبحرًا.
وترتبط الترجيحات السعرية بالمدى الزمني لتوقّف إضرابات فرنسا المتفاقمة داخل محطات الغاز المسال على وجه الخصوص، إضافة إلى معدل الصادرات المتجه إلى أوروبا، وعمليات تحويل الشحنات إلى آسيا.
وينطبق الأمر نفسه على شحنات النفط المكدّسة في الموانئ الفرنسية، بانتظار قرار التفريغ والتحميل إلى مصافي التكرير المضربة عن العمل.
- 14 مليون برميل عالقة.
بلغ حجم ما تحمله الناقلات المنتظرة في الموانئ الفرنسية قرابة 14 مليون برميل من النفط الخام القادم من بلاد مختلفة، حتى 28 مارس/آذار 2023، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
ويمتلئ ميناء فوس لافيرا الفرنسي على البحر المتوسط بناقلات تحمل النفط الليبي والنيجيري والإيطالي والأمريكي وغيرها، بسبب إضراب 4 مصافٍ للتكرير من أصل 6 مصافٍ عاملة في البلاد، إضافة إلى إضرابات عمال الموانئ.
واضطرت ناقلات نفط قادمة إلى فرنسا لتغيير دفّتها باتجاه دول أوروبية أخرى مع استمرار إضراب المصافي، دون ظهور بارقة أمل بعد مرور شهرين دون استجابة حكومية.
وأدت إضرابات مصافي النفط الفرنسية إلى اضطراب إمدادات الوقود ونقصها في 17% من محطات تموين السيارات على مستوى البلاد، كما أغلقت 10 مستودعات من أصل 200 مستودع في البلاد، وفقًا لوزير الطاقة الفرنسية أنييس بانييه-روناشيه.
واتخذت الوزارة قرارًا بالسحب من احتياطيات الوقود الإستراتيجية في البلاد لتعويض نقص الإمدادات داخل محطات الوقود إلى حين حل أزمة إضراب عمال مصافي التكرير.