شعر وأدبمقالات الرأي

علبة الأسنان….هوليوود سمايل

عبد السبام مستاكو

لازم ألم الأسنان الحاجة رفيعة سنوات عديدة، لأكثر من عقدين من الزمن وهي تحاول أن تخفف من ألم اسنانها باستعمال بعض انواع الاعشاب والمحاليل الغريبة المقترحة من جيرانها اللاتي لا يدخرن جهدا لإفادتها بمعلومات حول طرق فعالة لتخفيف ألم الأسنان . .

تقترح إحداهن وضع 3 ملاعق كبيرة من الملح في نصف كوب من الماء الدافيء وإطالة المضمضة لبعض الوقت ، هناك من أفتت بوضع ملعقة صغيرة من الملح مباشرة على مكان الألم.

في المرة القادمة، تقترح سيدة وضع قليل من مسحوق الفحم ، أو الجير أو حتى ملون للصباغة المائية، وتفتخر إحداهن باكتشافها العلمي والحصري لمضاد نهائي لألم الأسنان (دقة بطلة) بوضع وريقات خضراء لنبتة برية لايعلم أحد مدى درجة سمومها بعد مضغها لساعات.

تتألم الحاجة رفيعة ،تحادث كل جاراتها عن معاناتها من تجربتها الأخيرة الغير المجدية عندما جربت وصفة الحاجة عايشة المرينية، التي كادت أن تودي بروحها بعد مغص شديد بالمعدة والذي لم ينفع معه كل علب الأعشاب المجففة المعلقة بالرف الصغير بالمطبخ، إلا صبر الحاجة رفيعة على احتمال الألم حتى الصباح.

صار فم وأسنان الحاجة رفيعة مختبرا مفتوحا لتجربة كل مقترحات جاراتها وصديقاتها من وصفات متجددة وجديدة، لكن الأمل والألم لا يفارقانها، لم يتبق إلا القليل لاستكمال مبلغ تكلفة طقم علبة الأسنان التي تزين أحد الرفوف الزجاجية لمحل صانع الأسنان” الحاج بيه فيه” القريب من بيتها.

ككل إثنين وخميس ،تمر الحاجة رفيعة لتؤدي القسط الأسبوعي التسبيقي لصاحب محل صانع الأسنان وتؤكد له على طلبيتها لتكون جاهزة في الوقت المحدد.

تحدثها إحدى جاراتها عن معاناتها مع طقم الأسنان البلاستيكية والألم الشديد الذي تحدثه على لثتها وعظام فكها الأسفل والأعلى، لكن تحسن مظهر وجهها وأصبحت شابة في أبهى جمالها وأناقتها رغم الألم الشديد الذي يسببه جهاز الأسنان البلاستيكية.

تخبرها عن مغامراتها الجديدة بأكل حبوب الكاوكاو والزريعة والحمص المملح، تسائل الحاجة رحمة كل جاراتها اللاتي استطعن توفير مبلغ علبة الأسنان وعن طريقة تمويلها بأقساط شهرية أو سنوية، ما لم تسأل عنه الحاجة رفيعة هو تكلفة عملية نزع الأسنان الثلاثة المتبقية في فمها ومدى صعوبة نزعها والألم الشديد المصاحب لاقتلاع سن في صحة جيدة…

اكتمل مبلغ علبة الأسنان وحان موعد عملية قياس حجم ونوع وشكل الطقم الجيد والجديد، المفاجئة كانت عندما أضاف صانع ومركب الأسنان مبلغا إضافيا لنزع الأسنان الثلاثة المتبقية في فم الحاجة رفيعة.
اختلط الألم بالتفكير في توفير مبلغ إضافي ومدة إضافية ليبقى فم وجيب الحاجة فارغين من كل مدخراتها واسنانها الثلاثة.

الفم والجيب الفارغين ارغماها على الاعتكاف بمنزلها لمدة تقارب الشهرين مع استعمال أدوية ومحاليل حتى يأتي موعد قياس وضبط علبة الأسنان الجديدة…

تشعر الحاجة بالغثيان عند اول عملية قياس علبة
الأسنان البلاستيكية، فيطالبها صانع الأسنان بالصبر والضغط جيدا على قالب القياسات حتى تكون النتيجة جيدة جدا…
تعود الحاجة لتوها للإعتكاف بمنزلها، مع تفادي فضول جاراتها اللاتي يسالنها عن غيبتها الطويلة، دون معرفة آخر أخبارها وأنبائها.
اقترب الموعد النهائي لتركيب علبة الأسنان البيضاء الناصعة المتلألئة.
وقف صانع الأسنان ” الدكتور “ببه فيه” أمام الحاجة رفيعة وأشار إلى مرآة معلقة في “عيادته”مفتخرا بجودة عمله الذي يضاهي خبرة أكبر أطباء جراحة الأسنان الذين قضوا أكثر من عشر سنوات بعد شهادة الباكالوريا في الجامعات والكليات داخل وخارج البلد..اندهشت الحاجة من تغير ملامح وجهها وتذكرت أيام شبابها فأذرفت دمعة فرحا وشكرا لله تعالى على نعمة الأسنان وصحتها…أدت ما عليها من قسط آخر وأخير لصاحب عيادة صانع الأسنان وهي تضع كفيها على فمها حشمة واستحياء على استعادة شبابها وابتسامتها..
اسرعت لمنزلها بلثامها الذي يغطي وجهها دون عيناها لتزف الخبر لزوجها الحاج الذي انتظر شهورا طويلة انتهاء عملية صنع علبة الأسنان الإصطناعية…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube