احمد رباصتقارير

اعتداءات على موظفي السجون بالمغرب .. فصول مأساة إنسانية مستمرة في الزمان والمكان

أحمد رباص – حرة بريس

أحيت جريمة ذبح معتقل إرهابي لموظف بسجن تيفلت 2 الجدل حول الاعتداء الذي يتعرض له كل يوم داخل سجون المغرب موظفون محسوبون على إدارة السجون وإعادة الإدماج على يد السجناء يسائل المسؤولين المتربعين على هرم هذه المؤسسة ويفتح باب النقاش على مصراعيه حول خطورة الوضعية التي أصبح حراس السجون يعيشون حاليا في كنفها.
1) صورة حارس السجن من المنظور الاجتماعي والقانوني
من الناحية الاجتماعية، يقال عن الحارس بأنه عنيف ذو قلب لا رحمة فيه، مستفز لا يثق في أحد، غليظ القلب، يتعامل مع نزلاء المعتقلات بخشونة وفظاظة، هو أصل كل الآفات التي تعرفها السجون.
المؤسف في الأمر هو أن ما يصل من أخبار من داخل السجون يصدق بعض هذا الواقع. إلا أن هذا لا يجب أن يدفعنا إلى تعميم الأحكام. فالحارس هو فرد من المجتمع، يصدق عليه ما يمكن أن يقال على كل فئة من فئات الشعب. فيه الصالح و الطالح، و الغث و السمين.
ومن الناحية القانونية، تتجاوز مهام حارس السجن فتح الزنزانة للسجين و إقفالها خلفه. أو ربما قد يضاف إليها تسليمهم وجبات الطعام ومرافقتهم في تنقلاتهم داخل السجن إلى المرافق الإدارية والاجتماعية حسب ما تقتضيه الضرورة.
ذلك أن إن الحارس مطالب منه الحرص على الحفاظ على النظام العام داخل السجن بما تحويه من صعوبات و عراقيل و ضغوطات الحياة بين أفراد لا يجمعهم إلا اليأس و الخوف و العنف. و هو مطالب بفرض الاحترام بين السجناء و موظفي المؤسسة السجنية من جهة، و بين السجناء فيما بينهم من جهة أخرى… مطالب بالقيام بكل هذا بنوع من التجرد، دون ظلم أو تحيز أو حيف.
يمكن أن نضيف إلى ذلك ما تدافع عنه بعض النظريات الغربية التي ترى في الحارس العنصر الأساسي، داخل المؤسسة السجنية، الذي يمكن أن يساعد على إعادة إدماج السجين في المجتمع. فرغم عدم قبولنا لها كلية، فإننا سنذكر أهم ما فيها من باب الاستئناس، و حتى نعلم الأهمية التي قد يكسبها الحارس. هذه النظرية تدخل فيما يسميه بعض الباحثين ب “السجن الإيجابي”، و هي تعتبر الحارس المحاور الأساسي للسجين، بحيث يكون له الدور الرئيسي في التعامل معه، بتمكينه كل الوسائل، و مده بكل الإمكانات كي يقوم بدورة كحارس، و ليس كسجان.
2) أرقام وبيانات رسمية
وها هي أرقام المندوبية العامة لإدارة السجون واعادة الادماج ناطقة بهول وفظاعة الاعتداءات التي ذهبت ضحيتها هذه الفئة من الموظفين. ففيما يتعلق بالاعتداءات على موظفي السجون، أكدت الإدارة العامة للسجون أن عددها في عام 2011 بلغ 381 حالة (306 حالات إهانة و 75 حالة عنف). وارتفعت هذه الأرقام ارتفاعا حادا في عام 2015، حيث سجلت 158 حالة عنف و 931 حالة إهانة. وقد أدرجت المندوبية العامة أيضا 750 حالة من حالات السلامة الجسدية للسجناء في عام 2011 و 1502 حالة في عام 2015. وبالإضافة إلى ذلك، ازدادت اعتداءات السجناء على سجناء آخرين من 2487 في عام 2011 إلى 3257 في عام 2015.
3) حكايات ووقائع مؤسفة لكن مقابل جلال المهام المنوطة بالحراس داخل المؤسسة السجنية توجد سجامة في المخاطر التي يكونون أحيانا عرضة لها عند تعاملهم مع عتاة المجرمين الميالين الى إزهاق الأرواح بالجملة، وهي نفس الحالة التي وقعت في سجن تولال في نهاية العام الماضي حيث أن المعتدي محكوم عليه بالمؤبد لقتله نفسين انضافت إليهما روح الحارس المتحدر من إقليم الرشيدية والأب لثلاثة أطفال.
قبل وقع حادثة سجن تولال بتسع سنوات تقريبا، كان مدير سجن الزاكي بسلا، قد تعرض لاعتداء خطير وشنيع على يد سجين مدجج بمدية حادة كان يخفيها تحت تلابيبه، استعملها ليسدد للمدير ضربات مختلفة إلى الوجه والرأس، مما نتج عنه إصابات جسيمة نقل على إثرها المدير، على وجه الاستعجال، إلى إحدى المصحات الخاصة بسلا لتلقي العلاجات الضرورية. للإشارة، فإن المعتقل المعتدي يقضي عقوبة سجنية مدتها 15 سنة على خلفية جريمة قتل. وقد ثبت أن أصل الخلاف بدأ بين المعتقل المعتدي وأحد الموظفين حول مبلغ مالي اختفى من زنزانته في ظروف غامضة. قيل بهذه المناسبة المفجعة إن المعتدي كان يحتفظ بمبلغ مالي مهم قدر بين 15 ألفا و20 ألف درهم، راج حينئذ أنه تحصل عليه من ترويج المخدرات بين السجناء. ودخل السجين في مشادة مع الموظف حول المبلغ المالي المذكور، مما اضطر المدير إلى التدخل لوضع حد للشجار، الذي تعدى صداه جدران المؤسسة السجنية، لكن المجرم الخطير باغثه واعتدى عليه بمديته. أما الموظف الآخر الذي اكتفى بمراقبة المشهد باندهاش فقد بقي سالما غير ممسوس. ومن ضمن المعلومات المتداولة على إثر هذه الفاجعة ترحيل هذا المجرم المعروف بخطورته وعدوانيته المفرطة من سجن طنجة إلى سجن الزاكي.
مرة أخرى، يعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط أن أحد السجناء بالسجن المحلي تيفلت 2 (زعيم خلية تمارة الإرهابية المعروف ب”الهيش مول التريبورتور”) قام، بتاريخ 27 أكتوبر الماضي، باحتجاز أحد الموظفين بالغرفة التي يوجد بها وعرّضه للضرب والجرح بأداة حديدية، وعلى إثر ذلك تدخلت فرقة التدخل السريع لتخليص الموظف المذكور وجرى نقله فورا إلى المستشفى، حيث فارق الحياة جراء الاعتداء الذي تعرض له، كما أصاب ثلاثة موظفين آخرين بجروح أثناء عملية تخليص الموظف منه.
وأضاف بلاغ الوكيل العام للملك أن الأمر يتعلق، حسب المعطيات الأولية للبحث، بأحد المعتقلين ضمن الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها بمدينة تمارة يوم 10 شتنبر الفائت، التي كانت موضوع بلاغين سابقين لهذه النيابة العامة بتاريخ 19 و22 شتنبر الماضي، والذي كان قد ضبطت لديه مجموعة من المُعدات والمواد والعينات الكيميائية التي يُشتبه في عزم أفراد الخلية المذكورة استعمالها في عمليات إرهابية والتي تم إخضاعها لخبرات علمية وتقنية.
وقد أمرت النيابة العامة الشرطة القضائية بفتح بحث دقيق في الموضوع لترتيب الآثار القانونية اللازمة على ضوء ذلك، يورد البلاغ ذاته.
وتُبرز هذه الواقعة الطابع الإجرامي الخطير والإرهابي لأمير خلية تمارة الملقب؛ وهو ما يُفند تصريحات زوجته التي كانت قد صرحت ببراءة زوجها من التهم الموجهة إليه، قبل أن تتراجع عن أقوالها وتكشف لضباط الشرطة القضائية عن المكان الذي كان زوجها يخبئ فيه مواد متفجرة وقابلة للاشتعال داخل عربة لتبريد السمك في مرآب عمارة سكنية بمدينة تمارة.
وكان المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أعلن سابقا عن تفكيك خلية إرهابية بمدن طنجة وتيفلت وتمارة والصخيرات، وأسفر عن توقيف خمسة متطرفين تتراوح أعمارهم ما بين 29 و43 سنة.
وقال عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، إن التحريات الأولى بيّنت أن الخلية الإرهابية كانت تستهدف شخصيات عمومية وعسكرية ومقرات مصالح الأمن والدرك في المغرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube