سياسةمقالات الرأي

إدارة بايدن والتحديات الإقليمية

بقلم: مندي صفدي

لا يستطيع أي من الخبراء في الدبلوماسية الدولية أن يبرر موقف الإدارة الامريكية برئاسة بايدن ضد المملكة العربية السعودية بشأن قضية خاشقجي، بالتزامن مع إعدام قادة المعارضة الأحوازية دون أن يذكر الجرائم الإيرانية بحق الأحواز في كلمة واحدة، إلا تجند إدارة الحزب الديموقراطي (منتهجا خط سلفه أوباما) لمصالح قيادات الإخوان المسلمين في تركيا وقطر.

بدأت سياسة بايدن تجاه حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط برجل اليسار ، وتبشر بالخير لأعدائهم في إيران وقطر وتركيا ، فبدا بتجميد قرارات الرئيس ترامب التي كانت جزءًا من تعزيز السلام بين إسرائيل والدول العربية ، ورسائل إيجابية إلى إيران بشأن تجديد المفاوضات وتخفيف العقوبات، ثم اخراج تنظيم الحوثي الارهابي من قائمة الارهاب السوداء ، واندلاع تهجمات ضد القادة السعوديين ، وتسريبات من مقربين حول تعمد تأجيل المكالمات الهاتفية للقادة الإسرائيليين والسعوديين بهدف الازدراء والتقزيم، كل هذه الخطوات وغيرها توحي لسياسة مماثلة لسياسة إدارة أوباما ، والتي خان خلالها الحليف الأكبر لأمريكا في القطر العربي ، حسني مبارك ، ودعمه للإخوان المسلمين في الثورة السورية بناءً على طلب أردوغان ، الأمر الذي أدى إلى فشل الثورة الليبرالية وتصدّر القوى الإسلامية الراديكالية ورفع العقوبات وإقامة اتفاقية نووية مع إيران أعطتها نفسًا عميقًا وتقدمًا خطيرًا نحو قنبلة نووية.

كما قيل، في كل شيء سلبي يمكن للمرء أن يجد الجانب الايجابي لاستغلاله وتمكينه، والإرث الذي خلفته إدارة ترامب يشكل وسيلة والملاذ الوحيد الذي يمكننا التغلب به على اي اختراق قد يهدد مصالح المنطقة من الادارة الأمريكية الجديدة، نعم في الماضي كنا معتادين على أن تلعب الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في رسم سياسة الشرق الأوسط. حيث منح ادارة اوباما التفويض لرسم الاتفاق النووي مع إيران على الرغم من معارضة إسرائيل ودول الخليج، حيث في ذلك الوقت كان كل منهما يعمل بشكل منفصل ولم يكن هناك تنسيق للمواقف وأنشطة مشتركة، ولكن اليوم وبعد إنجازات إدارة ترامب بمعاهدات السلام وتشكيل التحالف الجديد، فقد تغيرت الساحة السياسية في المنطقة وبوحدتنا يمكننا التصدي لأي قرار يهدد استقرارنا حتى لو بادرت به الإدارة الأمريكية، ويمكننا فرض سياستنا على ادارة بايدن.

لدى التحالف الخليجي الإسرائيلي القدرة على إفشال سياسة إدارة بايدن الداعمة لإيران وإحباط المخططات التي يمليها أوباما، فيمكننا أن نتحد معًا ونستخدم نفس الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة، وإعلان العقوبات في حال إجراء مفاوضات على النووي الإيراني الا بشروط التحالف الجديد الرامي الى التصدي لمنع ايران القدرة على انشاء قنبلة نووية، تعليق كل قرار له علاقة بدول التحالف واستلزام موافقة دول الخليج وإسرائيل ، والتركيز على سحب سلاح إيران من الدول التي تسللت اليها وأنشأت بها خلايا إرهابية ، مثل اليمن. وسوريا ولبنان والعراق وليبيا ، حيث على ادارة بايدن ان تدرك ان التواجد العسكري الاميركي في المنطقة والقدرة الأمريكية على المناورة في أي لحظة في وجه كل تهديد محتمل ، والقرارات الحيوية التي تحتاج الولايات المتحدة إلى دعم حلفائها في الشرق الأوسط، لا يمكنها ان تستمر كما هي اليوم اذا انتهجت ادارة بايدن خط معادي لمصالح التحالف الجديد.

فيجب ان تصل لإدارة بايدن رسالة واضحة مفادها أنه بعد التحركات الهدامة التي قادتها إدارة أوباما في المنطقة، تعلمنا واستوعبنا ونفذنا آليات دفاعية في حال استمرار سياسة تجاهل مصالح دول التحالف الجديد، والسلام الذي تحقق خلال إدارة ترامب اهم اهدافه هو انشاء تحالف قادر على تصدي اي تهديد استراتيجي بدعم او بدون دعم امريكي، والتصدي لتحركات محتملة من قبل ادارة بايدن لصالح إيران وخططها والتي تشكل جزء من التهديد الاستراتيجي المحتمل الذي سيوحدنا لمواجهتها  ومنعها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube