حزبيات مغربية

في جوهر الديمقراطية التمثيلية

محمد المباركي، عضو في المجلس الوطني للحزب الإشتراكي الموحد، مقيم في باريس

 
الديمقراطية التمثيلية هي أقرب النظم للعدالة الاجتماعية وما ينتج عنها من حريات فردية وجماعية وسيادة القانون وكون الدولة آلية تنفيذية غير تقريرية. وهي بذا تنفرد، عكس باقي النظم السياسية التي عرفتها تجارب الشعوب والأمم لحد الأن، كونها تخص المجتمع السياسي، مؤسسات وقوى سياسية نقابة ومهنية، وعلاقتها بالمواطنين والمواطنات وهي بذا تضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم في ظل القانون ومنه نعت الدولة التي تحترم مبادئ وأسس الديمقراطية التمثيلية قولا وفعلا بالدولة الديمقراطية.
لتثبيت الديمقراطية التمثيلية ذأب مؤسسوها الأوائل الى تبني العقد الاجتماعي كأساس لا مناص عنه، المبني على التصويت المباشر لاختيار من ينوب في المؤسسات التشريعية عن مجموعة من المواطنين والمواطنات حسب المسطرة المتبعة لتثبيت التصويت العيني. حيث يلزم اعتماد مسطرة التصويت المباشر، سواء ما خص المرشح أو المواطنات والمواطنين. نحن هنا أمام مبدأ يشابه صلاة عين، علما أن صلاة كفاية تكون على الأموات فقط. لذا يظهر جليا أن اعتماد القاسم الانتخابي الذي يجعل من عدد المسجلين قاعة لانتخاب المرشحين يضرب قلبا وقالبا في منهجية الديمقراطية التمثيلية. انه طعن في لب الديمقراطية كمفهوم وكممارسة. والدخول في هذه اللعبة بالرجوع الى اعتبارات تبريرية لا تليق.
لقد تعددت التجارب الشكلية للديمقراطية التمثيلية، لكن لم يصل الحد الى مثل هذه المهزلة التي هي عبارة عن ريع سياسي لا أقل ولا أكثر. حيث يتم عبرها قتل روح الديمقراطية التمثيلية كما مورست بمختلف أشكالها، الحقة منها والشكلية.
 
أمام هذه الوضعية الشاذة المتمثلة في ريع انتخابوي الى جانب خنق مجمل الحريات العامة والفردية، التي ترجع المجتمع المغربي الى مرحلة سنوات الجمر والرصاص، وجب مقاطعة الانتخابات الى حين:

  • اعتماد نمط الترشح والتصويت المباشر الذي يتماشى واحترام المساطير الديمقراطية،
     إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والرأي، من مناضلي الحراك الشعبي في -الريف وجرادة وباقي مناضلي المطالب المشروعة وكذا الصحفيين والمثقفين،
     – تمكين المواطنات والمواطنين المغاربة بالمهجر من حقهم المشروع في التصويت والترشيح في لانتخابات التشريعية كاعتراف بمواطنتهم،
  • اعتماد المناصفة الفعلية بين الرجل والمرأة عبر كل لوائح الترشيح.
     
    انها مطالب مبدئية تتماشى والمشروع اليساري الذي تم من أجله تقديم مختلف التضحيات والتنازلات. لقد تم التنازل عن المجلس التأسيسي باسم الموضوعية. وكذا تم التنازل على شعار ” لا يمكن اصلاح النظام المخزني الا بزواله”، وهذا دائما باسم الموضوعية، بعدها جاء الانصهار في “المسلسل الديمقراطي” وترك الخط الثوري، وهذا أيضا باسم الموضوعية. ولقد تم القبول ب” الانتقال الديمقراطي”، باسم الموضوعية. لكن كل ما نتج عن هذه الموضوعية الدائمة، هو التراجع الدائم لقوى اليسار عن مواقفها المبدئية وسيادة الخط الانتخابوي الذي يفتح الباب للتسيب ومختلف التطلعات. العودة للمبادئ الثابتة لليسار وحدها تحصن لحمته النضالية. وان المشاركة بأي ثمن وتحت أي اعتبار ليست من منطقه وسيرته النضالية. المشاركة والمقاطعة في العملية الانتخابية خاضعة للحد الأدنى من صيانة الروح النضالية اليسارية. عند فقدان الحد الأدنى كما هو حاصل تصبح المقاطعة في الانتخابات المقبلة اختيارا واعيا ومبدئيا.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube