احمد رباصمستجدات

نظرة جديدة إلى التنسيق الميداني بين النهج الديمقراطي والعدل والإحسان

أحمد رباص

رغم المسافة الإيديولوجية الهائلة بين تنظيم إسلامي متطرف وحزب ماركسي لينيني، خلصت اللجنة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي في اجتماعها الاستثنائي بتاريخ 13 فبراير 2011 إلى التنسيق الميداني في إطار حركة 20 فبراير مع جماعة العدل والإحسان. وفي لامبالاة تامة بمخاطر هذه الخطوة على الحزب والحركة كليهما، انبرى قادته المنظرون لتبريرها استنادا إلى مسألة التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية، معتبرين الأول تناقضا تناحريا يتميز بصفة عدائية مكشوفة ولابد أن يتطور ليتحول، أو للدقة لا بد أن من العمل على تأجيجه ليتحول إلى تناقض عدائي حتى يصل حد الانفجار. أما التناقضات في صفوف الشعب، في صفوف الحركة (حركة الشعب) فهي تناقضات ثانوية.
ظاهريا، يبدو هذا التأويل مقبولا ومستساغا لكن بتفحص مقتضياته الواقعية وأبعاده الفكرية نلمس أنه بعيد كليا عن الماركسية في تحديد أصدقاء وأعداء الشعب بحيث نجد أن التحالفات تتحدد وفق المصالح الطبقية للطبقات المعنية بالتعبيرات السياسية. وإذا كانت جماعة العدل والإحسان تتوخى إقامة نظام الخلافة التوليتاري على المستوى السياسي المرتكز على الاقتصاد الإسلامي الذي يشرعن تمركز وسائل الإنتاج بيد حفنة من المستغلين تحت غطاء ديني فليس لها مكان بين التنظيمات التي تتوخى بناء نظام وطني ديموقراطي شعبي على المستوى السياسي الاقتصادي والاجتماعي.
وعلى اعتبار أن مناضلي حزب النهج الديمقراطي يقرأون جيدا الكتابات الماركسية فمن المؤكد أنهم ما خططوا لذلك التنسيق الميداني عن جهل وإنما تماشيا مع اختياراتهم السياسية البعيدة كل البعد عن الماركسية. دليلنا على ذلك كونهم استبدلوا مفهوم النظام بسلطة المخزن أو المافيا المخزنية والنظام الرأسمالي التبعي باقتصاد الريع والدولة الاشتراكية بدولة الحق والقانون ودولة المؤسسات وهذا الذي يؤسس لتحالفهم مع جماعة العدل والإحسان التي اعلنوا أنهم واعون بأنها تواجه فعلا الاستبداد.
لكن العواقب الوخيمة لما أقدموا عليه لم تخطر ببالهم لأنهم كانوا مهتمين بتسويغ وتبرير تحالغهم مع الظلاميين. تلك فعلا عواقب حقيقية أكدها وخلدها جوزيف ظاهر المناضل والأكاديمي. المؤسس لمدونة “سوريا الحرية للأبد”، والمؤلف لعدة مقالات منشورة في مجلة “Contretemps”، ولكتاب يسمى “حزب الله، الاقتصاد السياسي لحزب الله” (مطبعة بلوتو، 2016).
من أحد مقالاته أقتطف هاتين الفقرتين اللتين أتوجه بهما لماركسيي النهج الديمقراطي الذين أستمرأوا التحالف مع العدل والاحسان وكأني بهم يتبعون نهج ما تبقى من الشيوعيين المغاربة الذين تحالغوا مع العدالة والتنمية طمعا في اقتسام الغنائم على حساب توجهاتهم ومباذئهم.
“عانت العملية الثورية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من سلسلة من الهزائم والانتكاسات بعد بداية واعدة في عام 2011. وسحقت القوات التقدمية والديمقراطية سحقا من قبل قوتين من القوى المضادة للثورة – الأنظمة القديمة ومختلف التيارات الأصولية الإسلامية – ودعمهم الإمبريالي والإقليمي. كانت الأنظمة القديمة تشكل التهديد الرئيسي للانتفاضات الشعبية. وفي الوقت نفسه، يجب اعتبار الحركات الإسلامية الأصولية قوة سياسية رجعية متجذرة في جميع أنحاء المنطقة.
ويتطلب هذا الدور المناهض للثورة إعادة تقييم الكثير من الفهم التحليلي لليسار والنهج الاستراتيجي للأصولية الإسلامية. يجب أن يحتل اليسار موقعا مستقلا عن الأنظمة والحركات الأصولية الإسلامية القديمة، على أساس برنامج لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتحرير المضطهدين.”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube