اقواس

قصيدةُ أبُو الغَلَاءِ المُعَرِّي!

بقلم: محمد الشرقاوي

لا تسألوني مَنْ كنتُ قديمًا، وأيِّ ماضٍ منْهُ أتيتُ
وهل كانتْ لي أحلامٌ كبيرةٌ، وهل أنا فعلا شَقَيْتُ!
لم أتعبْ مثلكُمْ أيُّهَا التُّعساءُ يومًا، ولا للكدّ بغيْتُ
ولم أَرَ شظفَ العيشِ، أو قسى عليَّ الفقرُ أو خشَيْتُ
لم أكُ نملةً تَحْمِلُ أثقالًا، بل أشبعني المَرَحُ فغَنَّيْتُ
أنا الصَّرْصُورُ على الغصن، فلا عرَقْتُ، ولا ضَحّيْتُ!
ولم أكُ مثابرا في شيء، ولا في سبيلِ نجاحٍ سَعَيْتُ
هو الحظُّ قال: ابتسمْ، هذي بقرةٌ حلوبٌ، فسَقَيْتُ!
لم أزرعْ بيداي الناعمة قطُّ، لكن ها أنا اليوم جنيْتُ
لم أحملْ همّ الضَّائقاتِ مثلكُم، المهمُّ أنّي اغتنيْتُ!

ملعَقَةٌ ذهبيةٌ وُلِدْتُ بها عسلا، فلا فَكَّرْتُ ولا دَرَيْتُ
وذاكرتي تنسى، فلا تسألوا: هل ثَابَرْتُ أو عنها أدّيتُ؟

فلا تُحْرِجُوا تواضعي، وكيف أنا للصعاب ما طَوَيْتُ؟
أو أنَّ في سيرتي ذَاتِيَةٌ عازمةٌ، ولا عصاميٌ أنا عَتَيْتُ!

ولا كيف هم صنعوا لي بُرَاقًا سِحْرِيا جِدًّا، فوصلتُ!
فلا تُرهقُوا تخمينكم: هم قالوا تقدّمْ، وأنا ابتسمتُ!

لا تسألوني كيف رَكِبْتُ المِصعد السريعَ، فَصَعَدْتُ
ولا عندما قالوا: تقدّم إلى الكرسي الوثير، فَجَلَسْتُ

واليوم، أنا سَيُّدُكم، أيّتُها السادةُ، أيُّها السيّداتُ
فصَفًِقوا لي طويلا، و اعلموا أني من الزهو ما عيَيْتُ

أنا هديةُ الربّ إليكم في سنواتٍ عجافٍ، وما دَرَيْتُ
أنِّي ألمعيُ الزمان، وحتى اللغةُ تخشاني، وإنْ غَفَيْتُ

أنا سيّدُكم عبقريُّ جدّا بكل الحسابات، وما حَسِبْتُ
فلا تشكوا أن جيوبكم مثقوبة، وأنِّي لأحوالكم عَرَّيْتُ

هي دراهمٌ فقط تعلو في الزيت، والله معكم ما غَلَّيْتُ
فاعلموا أنِّي في سعر البنزين مضاربٌ رحيمٌ وما جَفَيْتُ

وإن تعمدتم إحراج أنفسكم: هذا جفافٌ، وماذا فعلتُ؟
أقول: كفاكم عنادًا مع الله، فصلّوا استسقاءً كما شرحتُ

أو وفِّروا سقيَ مزارعكم إلى العام المقبل، كما فكّرتُ
“نتمنى سقوط المطر، الله غالب”، هذه العبرة فيما توصّلتُ

وإذا تضخمت فواتير الكهرباء، فعليكم بالشموع، ها أنا نصحتُ
أما الثيابُ إنِ اتَّسَخَتُ، فاغسلوها بعد عام، لا للتبذير دعوتُ
فلا تكونوا جاحدين، وأنا أكْثِرُ عليكم الرخاء كما وعدتُ
بل كونوا شعبًا وفيًا لسيّده، وأدخلوا الجنة التي فتحتُ..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube