أسماءالمدير تعرض فلمها الوثائقي كذب أبيض الحائز على جائزة أحسن فلم وثائقي في مهرجان كان

الفلم بالنسبة لكل المغاربة الذين يشاهدونه يذكرهم بأحداث مؤلمة عرفتها مدينة الدارالبيضاء ،انتفاضة الأحياء الشعبية،إبان الإضرابات التي دعت إليها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل .أحداث رفع فيها سكان الأحياء الشعبية بالخصوص شعارات ضد سياسة الدولة اللا شعبية،فكانت الأوامر من أعلى سلطة في البلاد لإخماد هذه الإنتفاضة التي لم تكن إلا انتفاضة ضد الغلاء وسوء اقتسام الثروة والغنى الفاحش والفقر المدقع.أسماء المدير المخرجة المثقفة التي تتكلم لغات عدة أبدعت في هذا الفلم باختيارها ممثلين يحملون ثقافة الثورةوضد سياسة الخنوع لكن في نفس الوقت جمعت في الفلم من يعارض الأفكار التي اختارت أسماء ليجسدوا واقع المغرب آنذاك،ممثلون كانوا يرفضون سياسة الدولة وسياسة الأمر الواقع وتعرضوا للإعتقال والتعذيب ،وأدلوا بحقائق مؤلمة عن المأساة التي وقعت ذلك اليوم الذي سيبقى في عقول الذين لازالوا يتذكرون الضحايا الذين سقطوا بالرصاص ،والذين ذكروهم بالإسم ،تبقى فاطمة عنوان الشهادة التي إن ذكرت في جلسة عائلية ترفض الجدة ،الخوض في أسباب وفاتها، لكن المخرجة كانت في العديد من الأحيان تحاول استفزاز الجدة المرتبطة بحب الجالس على العرش آنذاك والذي علقت صوره في أكثر من غرفة في البيت ،وعندما يبدأ البعض في الخوض في الأحداث الأليمة ترفض الجدة رفضا وتثور في وجوههم .المخرجة استطاعت

أن تشرك في الفلم فريق معارض للنظام آنذاك ويحمله كامل المسؤولية فيما وقع ،ويلح على معرفة قبور الذين سقطوا في تلك الليلة المرعبة التي استعمل فيها الجيش والشرطة والقوات المساعدة الرصاص الحي ،وسقط العديد من الشهداء ولم تتمكن عائلاتهم حتى من دفنهم ولم تسمح لهم قوات الأمن الحديث عنهم .هذه الأحداث المؤلمة رواها الممثلون الذين عاشوا هذه الأحداث.فلم يؤكد مرة أخرى ماوقع في سنوات الرصاص،التي ذهب ضحيتها العديد ،ورغم تأسيس لجنة الإنصاف والمصالحة سنة 1999فإن العديد من الضحايا الذين سقطوا في تلك الأحداث لازالت قبورهم مجهولة.الفلم في حد ذاته قراءة جديدة للذاكرة التاريخية المؤلمة التي عاشها المغرب ذلك اليوم،واعتمدت المخرجة في السيناريو على الجمع بين من عاش الأحداث المؤلمة وعانى من الممارسات القمعية للمخزن وبقيت تلك الأحداث مرسومة في ذاكرته وترسخ في ذهنه نوع من الكراهية للمخزن والذين طبقوا الأوامر في ممارسة القتل ضد كل من انخرط في تلك المظاهرات والأحداث الأليمة،وبين الجدة التي بقيت وفية لحبها للملك الحسن الثاني الذي كان على رأس الدولة آنذاك وبقيت متشبثة بحبها للملك رغم تلك الأحداث المؤلمة التي ذهب ضحيتها العديد ،الجدة كانت ترفض الحديث عن الشهيدة فاطمة التي سقطت برصاص المخزن وترفض رفضا مطلقا البحث عن الأسباب التي تعتبر الخوض فيها من الممنوعات ،التي يحاسب عليها المخزن وليس القانون حتى بعد تأسيس لجنة الإنصاف والمصالحة.أسماء المدير تهدف من وراء الفلم الجديد ،إعادة إحياء الذاكرة ،وقراءة مغايرة للأحداث المؤلمة التي وقعت وفي نفس الوقت المطالبة بجثامين الذين سقطوا في تلك الأحداث،ومعرفة تواجدهم ،لأن هيأة الإنصاف والمصالحة التي كان يرأسها آنذاك إدريس بن زكري لم تلبي مطالب عائلات المفقودين الذين سقطوا في ذلك اليوم المؤلم .رسالة أسماء المدير من الفلم في اعتقادي أبلغ،وقد أشاركها الطموح والرغبات،كمواطن مغربي تأسف لتلك الأحداث ولازال يتألم من غياب ديمقراطية حقيقية واستمرار التضييق على حرية التعبير واعتقال الصحفيين وكل من ينتفض ويعارض الفساد والقمع وغياب العدالةوالإنصاف وسياسة التفقير في بلد غني بثرواته،إذا نجحت أسماء المدير بفلمها الحائز على جائزة والترشح لنيل المزيد من الجوائز ،حضرت عرض الفلم في إحدى قاعات العرض السنمائي كنت أود أن أسألها عن مستقبل المغرب في ضل التحولات التي تقع في غياب جدتها لأني أخشى من انتفاضتها بحكم أنها متعلقة بحب العائلة الملكية وهذه خصلة كانت موجودة عند والدي كذلك .

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك