فيسبوكيات

فتيحة الشاربي تكتب لابنها عمر الراضي: لك من والدتك هذا البوح أيها النجم الساطع

رسالتي إليك أيها الغالي في اليوم 214 من الحكم الجائر و اليوم 579 من الاعتقال التعسفي.
سلامتك أيها الحر من مزيفي الحقائق.
كم أشتاق إليك حبيبي الغالي و أحبس دمعي بالقوة كلما نطقتُ إسمَك أو تأملتُ صورتَك الحزينة التي تقبع في إحدى غرف بيتنا.
هذه الصورة هي الوحيدة التي لا أرى فيها ابتسامتك الرقيقة و لا بريق عينيك اللامع الذي يعكس حدَّة ذكائك وقوة بصيرتك، ولكن أرى فيها حزنا عميقا و شبهَ ابتسامة لا زالت تحاول الظهور على مُحيَّاك متحدية المجهول.
ولدي الغالي لا أستطيع أن أتخيل القادم من الأيام في ظل ما نعيشه من ردة حقوقية واستهداف للأصوات الحرة و تكميمها بإبعادها عن ساحة النضال وذلك بسجن كل من يغرِّد خارج السرب.
وليتهم كانوا يسجنونه لهذا السبب، فهم يتفننون في تلفيق التهم حتى ينفك مِن حولهم المتضامنون وحتى يلبسوهم التهمة التي صنعوها وخلقوها لأجلهم.
ولدي صغيري الغالي، لا أستطيع أن أصف لك الإحساس الذي نعيشه داخل البيت، والمرارة التي تطبع أيامنا والتي لم نعد نعرف لها طعما ولو أننا نتظاهر بالضحك مع أصدقائك و صديقاتك/ أصدقاؤنا الآن، ونتكلم في كل المواضيع ونطوف بكل القضايا ولكنها كلها تتمحور حولك أيها الغائب- الحاضر دوما بيننا.
أكتشفك كل يوم من جديد وأتساءل مع نفسي وأقول ربما من كثرة خوفي عليك و محاولة جعلك تمشي جنب الحائط قد ساهمت بطريقة غير مباشرة بتحويلك الى ذلك الثوري الذي أراد تغيير الواقع.
نعم تغيير واقع مبني على الخوف من المغامرة و من خوض غمار المواضيع الحارقة.
لقد كنتَ تقول دائما لماذا توجد لدينا هذه الفوارق الطبقية؟ لماذا على الدول الفقيرة أن تؤدي ديون الدول الاستعمارية؟
لماذا يُفلت الأغنياء والمسؤولون من المحاسبة ويتهربون من أداء الضرائب؟ لماذا نجد بأن الموظفين الصغار والمياومين والعمال هم فقط من يؤدون الضرائب؟
هذه جملة من التساؤلات التي كان عمر يطرحها في بداية وعيه الشقي.
في الكثير من الأحيان أقول، ما كان لعمر أن يكون غير ما هو عليه، فعمر الحنون والمرهف الحس لا يستحي من البكاء في المناسبات الأليمة.
عمر ذو العزيمة القوية و النظرة الثاقبة والذي يتعلم بسرعة كبيرة ويفهم مقالب رجال الأعمال والسياسيين ويحاول أن يكشف الفاسدين منهم بالتقصي في المشاريع ” الوطنية ” التي يصبحون مسؤولين عليها ولكنهم يخونون الأمانة ويسرقون الأموال المرصودة لهذه المشاريع. و في نهاية المطاف هناك من يأتي ويقول لهم عفى الله عما سلف و ماذا يتبقى لنا نحن المواطنين؟؟ نؤدي تكلفة هذه المشاريع من جيوبنا و عرق جبين كل مغربي حر.
عمر ولدي كانت تستفزه مثل هذه المواضيع و قد عاهد نفسه على أن يكون صوتا الى جانب الضعفاء وأن يحارب الفساد بكل ما لديه من علم و تقنيات لجرد وتقصي وتتبع الفساد والفاسدين أينما تواجدوا.
لقد كنت وفيا يا ولدي لوعدك و نبشت وبحثت وتقصيت ولكن عصا السلطوية كانت لك بالمرصاد لم يعجبها أن تُعرّي خدامها وأن تكشفهم وتفضحهم بالإسم، فحاربوك في كل موقع أو جريدة أو إذاعة، أينما ولّيت وجهك إلا ووجدت المنع يسبقك.
ولم تتراجع و لم تُحبط وأكملت طريقك إلى أن وجدوا الوسيلة المُثلى لإخراسك و إسكاتك.
إنهم بسجنك يعتقدون أنهم نجحوا في مخططهم ولكن بالعكس إنهم يجعلونك تتمسك أكثر بأفكارك و بمبادئك وتصبح نجما ساطعا في عالم الحريات.
قوتنا من قوتك يا ولدي ولن نستسلم و لن نسامح.
ليلتك حرية ياولدي وفي انتظار مكالمتك غدا، أتمنى الحرية لكم جميعكم.
—من ماماتي—

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube