ضد التيارمستجدات

يونس دافقير “الديمقراطية السلفية”

الديمقراطية السلفية:

وانا اتابع تعليقات دكاترة قناة الجزيرة واليسراوية الشعبوية على ما يجري في تونس، انتهيت الى ان هؤلاء ينتمون إلى تيار اخترت ان أسميه : ” الديمقراطية السلفية”.يبدو واضحا منذ البداية أن مصدر اشتقاقه محدد، وهو ينحدر من سلالات متحورة : السلفية التقليدية، السلفية الجهادية …يجمع بين الديمقراطية السلفية وباقي السلفيات الدينية ما يلي: _ العودة إلى السلف الصالح وهو في هذه الحالة التنظيرات الكلاسيكية حول الديمقراطية البرلمانية والجيل الاول من حقوق الانسان _ التشبت بالنص ولو كان ضعيفا او هشا او متجاوزا، وبدورها تؤمن السلفية الديمقراطية بأن النص صالح لكل زمان ومكان لانه نص لا تاريخي._ وجود مشيخات ومرجعيات تحدد درجات الايمان الديمقراطي ومرجعياته وبرزخه، وقد تستلهم ممارسات كنيسية قديمة كتوزيع صكوك الغفران الديمقراطي._ يمكن للديمقراطية السلفية ان تكون دعوية مثل السلفية التقليدية، وقد تتحول الى ممارسات سلفية جهادية حين تعلن الحرب على مخالفيها سياسيا وعلى البلد ككل._ الديمقراطي السلفي أصولي بطبعه مثل السلفي الديني، فكلاهما متعصب للأصول الأولى ولو كانت متجاوزة._ ينتمي الديمقراطي السلفي الى مرحلة دمقرطة الدولة بينما انتقلت الشعوب إلى مرحلة فعالية الدولة وليس ديمقراطيتها فقط._ ابتلعت السلفية الدينية السلفي الديمقراطي، وصار تابعا خادما لها ولو على حساب مشروعه السياسي المناقض للمشروع السلفي الديني._ كما استعملت الامبريالية الدولية السلفية الدينية لاختراق وهدم الدول الوطنية في العالم الاسلامي، تستعمل اليوم الديمقراطية السلفية لنفس الغرض._ يتميز الديمقراطي السلفي بضبابية وانفعالية وتوتر تحالفاته بسبب تأثره بالتيار السلفي الديني، فكما تحالف الدينيون مع الامريكيين، لا يجد الديمقراطي السلفي حرجا في التحالف مع القوى الاكثر تطرفا دينيا ضد الاقرب اليه ايديولوجيا._ يتميز الديمقراطي السلفي مثل السلفي الديني بازدواجية المعايير، فقد يكون الأمر حلالا في حالة محددة ونفسه يكون حراما في حالة مشابهة بحسب مصلحة السلفي وليس مصلحة الموضوع.وتترتب عن هذه النزعة الأصولية لدى الديمقراطي السلفي ثلاث نتائج مقلقة:_ المبالغة إن لم نقل التهويل في قراءة الوقائع والاحداث المستجدة، وما قد يبدو عاديا او ضررا خفيفا سيراه كارثيا ونكوصا وردة، وهو في ذلك ضحية لمقاربته ومنهجيته السلفية وليس اسوء نيته._ توتر أجواء الحوار والنقاش، ان لم اقل استحالتها في الحالة الديمقراطية السلفية، ما ينتج عنه صعوبة توصل الديمقراطي السلفي إلى حلول وتسويات توافقية مع المخالفين له في الرأي والتقدير._ تقديم حلول ماضوية لإصلاح أعطاب فعالية الدولة، وقد قرأت مؤخرا لرئيس مركز للدراسات يقول ان ” تفتيت السلطة وتوزيعها بين مؤسسات مختلفة قد يبطأ عملية اتخاذ القرارات ولكنه بكل تأكيد يحول دون تغول فرد او مؤسسة على الباقي”.يقدم هذا التصور الأخير نموذجا صارخا الديمقراطية السلفية، لان التوجه المعاصر الٱن في آسيا و اوروبا وأمريكا هو تجميع السلط وليس تفتيتها، التوجه نحو الأنظمة الرئاسية القوية والمستقرة وليس البرلمانيات الهشة وغير القادرة على ضمان استقرار وفعالية مؤسسات الدولة.إني أكاد أجازف بالقول : نحن نعيش احتضار الأنظمة البرلمانية، والديمقراطية السلفية محاولة يائسة لإعادة إنقاذها، وهي بذلك ضحية إنقاذ غير ممكن. وهذا بالضبط ما يحدث في تونس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube