فيسبوكياتمقالات الرأي

حوار فيسبوكي مع ليلى بنت مقال كلاود

أحمد رباص – حرة بريس

كمدخل لهذا الحوار الفيسبوكي المولد توليدا ليس عن تكلف واصطناع وإنما عن رغبة خبيئة في جعله في قامة حدث ثقافي يوثق للحظة تفاعل مثمر ومفيد ضدا على أصحاب الدعوة الى ترك الناس تكتب ما تشاء دون التدخل بأي شكل من الأشكال..
هؤلاء لا يرتاحون لمن يحملون بين أناملهم قلما أحمر ويتصيدون أخطاء مرتادي الفضاء الأزرق أثناء الكتابة والتعليق بدعوى أن الزمن والتجربة كفيلان بتمكين الخطائين من تصحيح أخطائهم من تلقاء ذواتهم. أتفق مع بعض العناصر الواردة في هذه الأطروحة دون ان أتبناها جملة وتفصيلا. مثلا، أنا مع نبذ السب والقذف وتبادل الشتائم ونشر الغسيل الوسخ حقا أو زورا للخصوم..انا مع تقبل الآخر في اختلافه فكريا وعقديا وايديولوجيا وسياسيا..إلخ.
لكني لا أستسيغ الخلط بين هذا الموقف المتسامح والحضاري مع الموقف السلبي المتمثل في عدم الدخول مع الفاعلين في المواقع الاجتماعية في تفاعل مثمر يوسع من أفق الرؤية ويؤسس للمنظور لمتعدد.
هكذا، يبدو أني من عشاق الحوار الفيسبوكي الذي نجحت في تدشين ربرتواره، على الصعيد الوطني، بمحاولات واعدة وإن كانت معدودة على رؤوس الأصابع. بهذه المناسبة، أود تمرير تحية حارة لصديقي محمد السلايلي الذي شجعني منذ مدة على الانغمار في هذه التجربة لأول مرة على صفحات موقعه ذي النفحة اليسارية.
بالطبع، كان ذلك الرصيد كافيا لتحفيزي على الدخول في حوار فيسبوكي مع ليلى بنت المسؤولةعن موقع “مقال كلاود” المتميز والمتمركز في عاصمة البوغاز، وذلك تأسيسا على تحيتها المسائية الموجهة لصديقاتها وأصدقائها والمتضمنة لرأيها حول إكراه نفسي يعيشه الأفراد ويحكم عليهم بالعقم والجمود مدى الحياة.
“الحياة بلا رؤية واضحة ليستْ إلا محض عبث، ومجرد أنشطة غير منظَّمة لا تُثمر شيئًا؛ يكون الفرد فيها عرضةً لكلِّ شيء باضطراب تفكيره، فيَنعكس ذلك على سلوكاته، ويظهر ذلك جليًّا مِن خلال حالة الفوضى واللامبالاة الواقعة في ممارساته اليومية.
مساء الخير ليلى بنت، أما بعد،
“الأمر يحتاج الى بحث في علم النفس معمق لتحديد السمات التي تميز مثل هذه الشخصية التي تتكلمين عنها..لكن ما أود الاشارة اليه كاضافة لما جاء في تدوينتك، اختي ليلى، هو أن الفوضى المقترنة بالمبالاة والاهتمام المستمر باب بفضي الى العبقرية..
المهتمون بسيرة كارل ماركس يتحدثون عن استغراقه في الفوضى لما كان طالبا جامعيا في برلين مع أن أمه كانت دائما توصيه في رسائلها بشيئين أساسيين وهما النظام والنظافة..
الواقع، كما يقول كتاب سيرته، ان ماركس كان يستضيف الى بيته أصدقاءه ليستمعوا الى تدخلاته الألمعية التي تتخللها من حين لآخر استشهادات من كتب ومراجع كان ينتشلها من مجموعة من الأسفار والمصادر المتراكمة كيفما اتفق، وحين كان أحد الأصدقاء الحاضرين يتطوع اراديا لأجل تنظيم الفوضى وترتيب الكتب يتدخل ماركس ويطلب من صديقه معتذرا ان يترك الآشياء كما هي..انها بالنسبة لماركس “فوضى خلاقة”.
صديقك أحمد رباص
تعليقا على فقرتي الأخيرة المراد بها التفاعل مع رأي ليلى بنت، وردت على صفحتي تمريرة من الصديق قوس قزح وهي عبارة عن اغناء ودعم لما كتبته بخصوص ماركس، فكانت على الشكل التالي:
عاش ماركس طريدا، توجهاته اليسارية فوتت عليه كل الفرص للإستقرار،، كابد الفقر رغم عبقريته، لقد ألهم ماركس العالم بنظرياته وكانت سببا لرفاهية بعض الدول، وهذا ما كان يصبو إليه منذ أن كان طالبا وهو في سن ١٨ سنة، إد كتب في امتحان إنشائي في آخر الورقة: “سأقضي معظم حياتي من أجل رفاهية البشر “.
في محاولة مني لإرجاع “قوس قزح” إلى صلب الموضوع، وجهت له بالمناسبة تكليفا بدعوته الى تعميق النقاش حول الفكرة الأساسية التي تقوم عليها مداخلة مدبرة موقع “مقال كلاود”:
كلامك صحيح..أود منك ان تناقش معي مضمون الستاتو المنطلق. مثلا، من المسؤول عن غياب النظرة الواضحة؟ البنية السياسية؟ الاجتماعية؟ الفكرية؟ أم ماذا؟ أليس من يفتقد الى هذه النظرة الواضحة ضحية من ضحايا المجتمع والدولة معا؟ شأنه في ذلك شأن “المشرملين” وبائعات الهوى و”الشمكارية” وكل من يعيش في الهامش الذي يزصف عندنا بكونه يسع حتى من يظن نفسه مندمجا في المجتمع؟
لم يكد يمر ساع من الزمن على دعوتي للصديق قوس قزح الى إعادة النظر مليا في جوهر الموضوع للنقاش حتى أطلت علي مساهمته الثانية بالصيغة التالية:
على سبيل الحي الواقع أستادي،هذا التساؤل يستدعي دراية لشخص غارق في النظر و التأمل الفلسفي، خاصة السوسيولوجيا والسيكوسوسيولوجيا. أعتقد أن ما سقتموه حول مسألة المسؤول عن غياب النظرة الواضحة لدى الفرد لا يجانب الصواب، و بالتالي أعتقد ان الاسباب تتوزع بين الذاتي والموضوعي:
١؛ البنية السياسية ؛كون الفرد متلقيا، فإن تحايلات وضبابية الخطاب السياسي تفوته، غالبا ما تسعى السياسة إلى تخدير المجتمع بكل أطيافه و تلويناته عبر سلسلة برامج سواء كانت معلنة أو غير معلنة تؤثر سلبا على سلوكيات الأفراد، مثلا تقنين الكيف،أليس في هذا استباحة للمخدرات؟ حثى لغة الخشب في الخطاب السياسي تخلق انفصالا للفرد عن واقع؛،
٢ ؛ الاجتماعية ؛التنشئة الإجتماعية المعطوبة، فاللامبالاة تكون ناجمة عن تضافر مجموعة من العوامل المترسبة عن تشتت في تربية الفرد بدءا من العائلة النووية إلى العائلة الممتدة…
٣ ؛ الفكرية؛ التأخر المعرفي وهشاشة التكوين العلمي و إعمال العقل لاستكناه طبيعة الاشياء
الاسباب الداتية؛ اعتقد ذلك مرده إلى تكوين الفرد النفسي خلال طفولته، اللا اهتمام هو من جملة التراكمات المترسبة التي تخلق للفرد مجموعة انفصالات،و بالتالي يستصغر الواقع بطريقة اللامبالاة، كما يترجم دلك غياب اي نية لدى الفرد للرقي بداته وتغييرها
على سبيل الختم، ذكرني حديث الصديقة ليلى بنت عن غياب الرؤية الواضحة لدى أشخاص يتسمون بالغرق في الفوضى وبالبعد عن النظام ببرامج دار البريهي التي تقارب ظواهر ذات صلة وثقى بالأمراض النفسية والعقلية وتقابلها مع الحياة السوية المنبثقة من المناعة النفسية التي أصبحت أعز ما يطلب في زمن الأزمات المتلاحقة الذي نعيش في كنفه الآن.
للإيحاء بنجاح مثل هذه البرامج التي غالبا ما تديعها إذاعة دار البريهي ليلا، تتم دعوة كفاءات جامعية وخبراء في علم النفس بمختلف شعبه ليدلوا باحاديث تبسيطية وتقريبية لأجل غزو مدارك أكبر شريخة من المجتمع مع إهمال التطرق ولو بالاشارة الى تأثير القرارات السياسية اللاشعبية على أمزجة المواطنين.. مثلا، لا أحد تساءل عن كثافة عدد المحالين على التقاعد النسبي في أوساط رجال ونساء التعليم في السنوات الأخيرة مع أنه تم تحويل الشرط الأساسي للتقدم بطلب التقاعد النسبي من 21 سنة كأقدمية الى 30 سنة بالنسبة للذكور. الأكيد ان هؤلاء المتقاعدين متدمرون نفسيا وأفل عندهم نجم الرضى الشخصي. “حتى مش ما يهرب من دار العرس!!!
والمؤكد أكثر أن تنامي عدد اللاجئين إلى التقاعد النسبي راجع في جزء كبير منه إلى سياسة البيجيدي المتسمة باللاشعبية وبالعنف من خلال الاقتطاع من أجور المضربين وتسفيه الحوار الاجتماعي والدوس على تباشير مأسسته والإصرار على تجميد الأجور التي لم تعد تواكب الزيادات الناتجة عن تحرير الأسعار نتيجة “إصلاح” صندوق المقاسة ناهيك عن الزيادة من قيمة الاقتطاعات وتأخير سن التقاعد في اتجاه إصلاح أنظمة التقاعد وإنقاذ صناديقه من الإفلاس…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube