ضد التيار

ثورة ولي العهد و شعب ضد الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرىبقلم: عزيز الدروش

الدروش عزيز
ثورة ولي العهد و شعب ضد الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى

بقلم: عزيز الدروش

في لحظة دقيقة من تاريخ المغرب، دخل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بشكل شخصي ومباشر، على خط إصلاح المنظومة الصحية، استجابةً لتقارير رسمية صادمة وشكايات شعبية صارخة حول واقع المستشفيات، خاصة المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، الذي تحوّل إلى عنوان للانهيار الصحي ومرآة لتراكمات الفساد وسوء التدبير.

قرار إشراف ولي العهد على هذا الورش الكبير ليس فقط حدثاً سياسياً، بل هو رسالة قوية أن ملف الصحة لم يعد يحتمل التأجيل، ولا التجميل، ولا التلاعب. لكن الحقيقة المُرّة تقول: سمو الأمير وُضع في قلب حقل ألغام، لا تنفع معه المجاملة ولا المراوغة. لأن إصلاح الصحة في المغرب اليوم، هو معركة ضد نظام فاسد متجذر، وضد لوبيات مستفيدة من الفوضى والإفلات من العقاب.

المهمة: صعبة ولكن غير مستحيلة

إذا كنا صادقين، فلابد أن نعترف: مهمة ولي العهد ستفشل إذا لم يتم اتخاذ قرارات جذرية وشجاعة، تلامس جوهر المرض، لا أعراضه فقط. ومن بين أولى الخطوات الضرورية لإنجاح الورش:

  1. تحطيم أسعار الأدوية و ملائمتها مع الواقع بعبدا عن جشع لوبي الأدوية والمختبرات لأن الدواء ليس رفاهية بل هو حق

من غير المقبول أن يدفع المغربي ثمن دواء يفوق بكثير ما يُدفع في دول الجوار، بل وحتى في أوروبا. هناك تواطؤ صريح بين لوبيات المتوحشةللاستيراد والتوزيع وشركات التسويق، جعل من سوق الدواء في المغرب بورصة جشع مريب على حساب المريض.

لابد من إعادة هيكلة تسعير الأدوية بشكل شفاف وعادل، واستيراد الأدوية الجنيسة من دول معروفة بجودتها وأسعارها المعقولة كالهند،تركيا البرازيل. كما يجب دعم الصناعة الوطنية الحقيقية، لا المحمية بلوائح احتكارية لوبيات.

الدواء حق إنساني، وليس امتيازاً طبقيًا.

  1. إعفاء الوزير الحالي فوراً

ما يمكن أن يقال عن الوزير الحالي أنه غائب عن الساحة في وقت الحرب. لا تصور، لا حضور، لا تواصل. وزارة الصحة لا تحتاج موظفاً إدارياً، بل قائداً حقيقياً يملك الشجاعة والرؤية والجرأة. بقاء هذا الوزير هو أول عقبة في طريق الإصلاح.

  1. تجريم العمل في المصحات و العيادات الخاصة لاطر وزارة الصحة.

من غير المعقول أن يعمل طبيب أو ممرض في المستشفى العمومي ثم يذهب ليشتغل في المصحات والعيادت الخاصة،يجب أن يصدر قانون واضح وصارم يمنع العمل في السوق السوداء في القطاع الصحي الخاص.

  1. الإنصاف الفوري للأطر الصحية

من العار أن نطلب من طبيب أو ممرض أن يعمل بضمير في ظروف مهينة، وأجور هزيلة، وغياب التحفيز. الإصلاح الحقيقي يبدأ من إعادة الاعتبار لهذه الفئة، لا تحويلها إلى كبش فداء لكل الفشل.

  1. طرد شركات البزنس الأمني من المستشفيات

هل يُعقل أن يكون أول وجه يلقاك في المستشفى هو عون أمن خاص لا تكوين له ربما دو خلفية أمنية يتعامل بغلظة واحتقار؟
شركات الأمن الخاصة تحوّلت إلى جزء من معاناة المواطن، ومصدر توتر داخل المرافق الصحية.
الشفاء يبدأ من الاستقبال الإنساني والمهني. ولهذا يجب تعويض هذه الشركات بأطر استقبال مكونة، تملك الحس الإنساني والمعرفة البسيطة بحقوق المريض وأصول التواصل.

  1. بناء كليات طب جهوية

لا يعقل أن تتركز كليات الطب في ثلاث أو أربع مدن فقط. هذا خيار خاطئ خلق فوارق كبيرة في توزيع الأطر الصحية. كل جهة يجب أن تتوفر على جامعة طب حديثة في إطار تفعيل الجهويةالمتقدمة، مع تحفيز الطلبة على العمل في مناطقهم الأصلية.

  1. القضاء لا التفتيش

كفانا مسرحيات لجان التفتيش التي لا تُفعل إلا بعد الفضيحة. نريد محاكمات حقيقية لناهبي المال العام، للسماسرة، للمتورطين في صفقات مشبوهة، للذين حولوا المستشفيات إلى دكاكين للربح. لا بد من الضرب بيد من حديد، وإنهاء زمن عفا الله عما سلف.

  1. حوار صريح مع الأطر الصحية المعارضة

إذا أراد ولي العهد أن يعرف الحقيقة كما هي، فلا يكفيه الاستماع للمسؤولين والمديرين الذين يزينون الواقع.
يجب أن يجالس الأطر الصحية المعارضة، الغاضبة، المتطرفة إن شئنا. لأن هؤلاء هم من يعيشون الجحيم اليومي. هم من يرون الواقع من الداخل، بلا رتوش ولا مكياج رسمي.
وإذا أراد أن يبني مشروعاً صحياً عادلاً، فليسمع من الجميع. لا من المنتفعين فقط.

خلاصة المهمة أخلاقية قبل أن تكون تقنية

ما يحدث اليوم ليس مجرد إصلاح إداري. إنه تحدي أخلاقي، وسياسي، وإنساني.
ولي العهد أمامه فرصة تاريخية لتغيير مسار الصحة في المغرب، ولكن بشرط أن لا يقع في فخ التقارير المزيفة والوجوه المزورة.
الشعب المغربي متعطش لعدالة صحية، لكرامة، لحق بسيط في العلاج.

كلمة أمل:

مع كل هذا، نؤمن أن ولي العهد الشاب، الذي تربى في مدرسة ملكية صارمة، يملك القدرة على قلب المعادلة.
فقط إن امتلك الجرأة لكشف المستور، والحزم في محاسبة الفاسدين، والذكاء في الاستماع للمظلومين.

مع متمنياتنا لسمو ولي العهد بالتوفيق في هذه المهمة الشريفة، ومعركة الكرامة التي طال انتظارها.

من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى

عزيز الدروش محلل وفاعل سياسي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID