
آن الأوان لاحترام التوجيهات الملكية والانخراط في الإصلاح الحقيقي.الى كل من:السيد رئيس الحكومة المحترم.السيد وزير العدل المحترم. تحية احترام وتقدير،تتابع الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، بقلق متزايد ووعي مؤسساتي مسؤول، التطورات المرتبطة بالمسار التشريعي الوطني، والتي كان آخرها القرار الصادر عن المحكمة الدستورية بتاريخ 4 غشت 2025، القاضي بعدم دستورية عدد من مقتضيات مشروع قانون المسطرة المدنية.وإذ تُثمن الرابطة هذا القرار الهام، فإنها تعتبره محطة دالة في مسار بناء دولة المؤسسات، ورسالة واضحة في ضرورة احترام الدستور، وتفعيل الرقابة القضائية على جودة التشريع، وصيانة الحقوق والحريات، وفقًا لما تنص عليه الديباجة والفصول 1 و6 و117 من دستور المملكة، وكذا المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء.لكن في المقابل، تسجل الرابطة بأسف بالغ أن هذا السقوط الدستوري ليس معزولًا عن منهجية التشريع المعتمدة داخل الحكومة، والتي تتسم بالإقصاء، وانعدام الشفافية، وغياب المقاربة التشاركية، في تنافٍ صريح مع مقتضيات الفصلين 12 و13 من الدستور، ومع روح الديمقراطية التشاركية التي تُعد ركيزة أساسية في النموذج الدستوري المغربي.وتتوجه الرابطة، من منطلق مسؤوليتها الحقوقية، إلى السيد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، لتؤكد أن استمرار تعطيل ورش إصلاح مدونة الأسرة، رغم وضوح التوجيهات الملكية في خطاب العرش بتاريخ 30 يوليوز 2022، يُعد تحديًا صريحًا وغير مسؤول للتوجيهات الملكية السامية، خاصة أن هذا الإصلاح يحظى بإجماع واسع من مكونات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والنقابات، والهيئات المهنية، ويُعد استحقاقًا وطنيًا حقوقيًا لا يحتمل مزيدًا من التأجيل أو الالتفاف.إن الرغبة الظاهرة في وأد هذا الورش عبر التماطل والتسويف وإفراغه من روحه ومضمونه، تُعد إخلالًا مؤسساتيًا بالغ الخطورة، لا يمكن فصله عن تصريحات الوزير التي وصف فيها العفو الملكي بصيغة غير لائقة (“شغلو هذاك”)، في سابقة تمس بحرمة المؤسسة الملكية ورمزية قراراتها.كما تُعبر الرابطة عن رفضها التام للمقتضيات الواردة في مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، التي تروم حرمان الجمعيات من الحق في تقديم شكايات بشأن قضايا الفساد ونهب المال العام، في انتهاك مباشر للدستور المغربي، خصوصًا الفصل 12 الذي يُقر بدور الجمعيات في تتبع وتقييم السياسات العمومية.ولا يمكن القبول بهذا التوجه في ظل الخطاب الملكي ليوم 14 أكتوبر 2016 بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان، حيث أكد الملك محمد السادس:”المجتمع المدني شريك أساسي في تحقيق التنمية، وفي بلورة ومواكبة السياسات العمومية، وينبغي تمكين الجمعيات الجادة من الوسائل القانونية والمادية للقيام بأدوارها…”إن محاولة الحد من أدوار الجمعيات، ولا سيما في مجال محاربة الفساد، تتناقض بشكل صارخ مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (المادة 13)، التي تُقر بضرورة إشراك المجتمع المدني في تعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الإفلات من العقاب.وبناءً عليه، فإن الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان:• تثمن قرار المحكمة الدستورية وتعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تحصين دولة الحق والقانون.• تحمّل وزير العدل مسؤولية الإخفاقات التشريعية المتتالية، وتدعو إلى تقييم أدائه في ضوء التوجيهات الملكية والدستور.• تدعو رئيس الحكومة إلى تفعيل سلطاته الدستورية لضمان احترام التوجيهات الملكية، خصوصًا ما يتعلق بإصلاح مدونة الأسرة.• ترفض أي محاولة لتقويض دور المجتمع المدني، وتطالب بسحب المقتضيات القانونية التي تقيد حق الجمعيات في التبليغ عن الفساد.• تؤكد أن احترام الدستور والتوجيهات الملكية والمواثيق الدولية هو السبيل الوحيد نحو إصلاح حقيقي ومستدام.وتبقى الرابطة، بصفتها منظمة حقوقية حاصلة على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، منفتحة على كل حوار مسؤول يعيد للمسار التشريعي توازنه، ويضمن انخراط كل الفاعلين في خدمة المصلحة العامة والالتزامات الحقوقية والدستورية للمملكة.وتفضلوا، بقبول فائق عبارات التقدير والاحترام
.المملكة المغربية في: 07/08/2025
الرئيس: إدريس السدراوي
