مقالات الرأي

حكومة أخنوش بعد مائة يوم لا تطمئن أكثر الناس تفاؤلا

يونس فنيش

إن كان من حديث ملح بين الناس اليوم عن “التقهقر و التدهور و فقدان الثقة و المكتسبات”، في العديد من الأوساط الشعبية التي أصبحت تتمتع بوعي سياسي و اجتماعي ملفت للنظر، فالسبب هو عدم استقالة عبد الإله بنكيران في الوقت المناسب لما عجز عن تنفيذ وعوده و تفعيل المبادئ و البرامج التي أعلن عنها. فلو كان قد احتكم لضميره و قدر مسؤوليته الجسيمة، و استقال بشجاعة في الوقت المناسب بدل أن تتم إقالته، لكان حال المغرب والمغاربة الآن أحسن و أفضل بكثير.
لا حول و لا قوة إلا بالله، صحيح، و لكن إن كان الضرر جسيما جدا اليوم، و الله أعلم، فالمسؤول عنه حزب العدالة و التنمية، بزعمائه – خاصة بنكيران – الذين استغلوا إيمان الناس و حسن نواياهم للنصب عليهم سياسيا و للاحتيال عليهم بكلام معسول لكسب أصواتهم، بطريقة جهنمية استطاعت أن تقنع آنذاك حتى أكثر المثقفين نزاهة، و كفاءة، و صدقا، و حيادية، و موضوعية وإيمانا بالحق في تحليلاتهم السياسية والعلمية والثقافية والإجتماعية.
كان الناس يظنون، بعد سقوط بنكران و من معه، أن عزيز أخنوش سيفتح سبل الخير الوفير المتوفر في البلد لفائدة الطبقة المتوسطة و الفقيرة، وأنه سيحدث انفراجا سياسيا وسيدعم النزاهة و الشفافية وسينصف المظلومين، ليبرهن على أن تياره هو حامل مشعل الإصلاح الحقيقي وليس العكس.
لم يصدقه البعض حينها طبعا، و لكن الجميع راهن على أنه مضطر لذلك بعد النكسات التي تسبب فيها تجمع المصباح.
ولكن كانت كل الحسابات خاطئة. فتيار أخنوش، الذي يعتبره البعض ليبراليا بلا أية حدود منطقية، كان ربما متأكدا أن بسقوط العدالة والتنمية بطريقة مهينة جدا، لن تكون لإرادة الشعب المحبط حينها أي مفعول وأي أثر على المدى القريب والمتوسط، أو على امتداد زمني يسمح بتفقير الطبقة المتوسطة وتجاهل المطالب الشعبية بكل أنواعها بلا أدنى عراقل.
فيبقى السؤال المطروح إذا هو: هل كان عبد الإله بنكيران موافقا أو متفقا أو طرفا في استراتيجية تيار عزيز أخنوش منذ البداية، أم أنه فقط تراجع خوفا عن مكتسباته المادية المحضة، أو ربما من باب ضعف نفسي ذاتي لم يستطع مقاومته؟
لا شك أن هذه هي المحاور التي ستكتب فيها هذه الفقرة من صفحات التاريخ في هذا الشأن. و بطبيعة الحال، محطة 2011 و موقف بنكيران من 20 فبراير، كما مناوراته الخفية و العلنية، تعتبر نقطة فارقة لفهم ما جرى. فمع من كان يعمل و لمصلحة من حقا و حقيقة؟ هل كان يريد حقا إخماد النيران أم أنه سعى فقط إلى استغلال الظرف بذهاء لمصلحته الشخصية و زمرة من المقربين منه؟
مشروع أو ورش كتابة هذه الصفحة من التاريخ ليس بالأمر الهين. إنها مهمة تكاد تكون مستحيلة حتى على أكثر المؤرخين المتخصصين كفاءة وذكاء في التعامل مع أفضل التحقيقات الصحفية، و التقارير الأكثر موضوعية و تجرد في ظل غياب شهادات صادقة، مادام سياسيونا غير معنيين بثقافة كتابة مذكراتهم بلا تزييف او حجب جزئي للحقائق و بكل موضوعية.
خلاصة: سبب تفاقم الأوضاع مع تيار أخنوش هو بنكيران ومن كان معه. انتهى الكلام. هذا يعني أن مشاكل المغرب المعاصر ما بعد 2011 الى حدود مرور 100 يوم على حكومة أخنوش هو بنكيران، لأنه استطاع أن يتسبب للشعب بكل مكوناته في فقدان الثقة في نفسه، و في قدراته، و في فكره، و أصله، و أعرافه، و نمط حياته وطموحه و آماله إلى حين… لقد كان بنكيران ظاهرة كلامية سيحسم التاريخ ربما في نيته العميقة، و في نفسيته، مهما اعتبر البعص أنه كان مجرد إنسان منفذ للأوامر. و الله أعلم.
ولكن الرأي السديد الآن، و في إطار حب الوطن و التمسك بضرورة المساهمة الجدية من أجل المحافظة على الإستقرار والإستمرارية الهادئة، أنه لا يجب الإستمرار في الاستهانة بأثر الإخفاقات التواصلية، و بوقع الإحباط العام الذي يتعاظم يوما بعد يوم و الذي يتسبب فيه، إلى حد الآن، تيار أخنوش بشكل لن يسمح مستقبلا بمعالجة الأوضاع بطريقة سلسة…
المغرب طيب. و المغاربة طيبون. ولكن المائة يوم الأولى من زمن حكومة أخنوش لا تطمئن أكثر الناس الموضوعيين تفاؤلا. و ليسمح لي السيد عزيز أخنوش المنتخب من طرف المواطنين المغاربة البسطاء، والذي لم يعارضه إبان ترشحه المثقفون العقلاء و لم يسعوا لإزعاجه، ليسمح لي السيد عزيز أخنوش أن أقول له: حكومتك غير موفقة بتاتا إلى حد الآن.
6 فبراير 2021

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube