الرجوع إلي عصر المقايضة والإنسان الأول (الإغاثة نموذجاََ)

حرة بريس -المصطفى عمر

يعتبر برنامج الغذاء العالمي WFPمن أميز المنظمات التي تقوم بتقديم الدعم للمجموعات السكانية في حالات الحرب والنزوح والكواراث الطبيعية ،هذا الدعم يأتى من بعض الشركات العالمية والمنظمات الدولية ومن إسهامات الاعضاء في الامم المتحدة سواء اكان دعماََ مادياََ مباشر او في شكل مواد غذائية.
وبما أن القمح هو الغذاء الرئيس لغالب ساكني المعمورة فلقد رأت المنظمة أن يكون ضمن اولوياتها توفيره بشكل مكثف كمساعدة عاجلة للمتضررين.
وهنا تبرز معضلة الثقافة الغذائية وأنعكاساتها على راهن الخدمة.

ففي معسكرات اللاجئين من جنوب السودان والتى تقع داخل دولة السودان الشمالى يقبع ساكني الخيام منذ سنوات وهم يتلقون الإعانات دون إيجاد دراسة فاحصة للثقافة الغذائية والتي يتم على ضوءها تقديم المساعدة .
غالب المكون الغذائي لسكان جنوب السودان يتكون من الذرة والزيوت الطبيعية التي تستخرج من الفول السوداني والحبوب الزيتية المحلية.
لاحظت في خلال زيارتى لتلك المعسكرات قيامهم ببيع دقيق القمح والزيت المستورد وبعض الحبوب الغذائية للحصول على مواد غذائية من الاسواق المحلية ،وتعد السيارات المحملة بجولات دقيق القمح إشارة واضحة لعدم إنسجام اللاجئين مع المواد التي تقدم لهم كغذاء
لذا فلماذا لايبحث البرنامج عن حلول غذائية تواءم الثقافة الغذائية للمكون محل تقديم الدعم.
إن أقبال التجار المحليين لشراء دقيق الإغاثة هو مؤشر على الفائدة الربحية التي يجنونها من هذه المواد.
ربما تخشى المنظمة من الفساد المستشري في دول العالم الثالث حال قيامها بالبحث عن توازنات مهمتها منح الذين تقدم لهم الخدمة مواد غذائية تشابه ثقافتهم الغذائية حتى لا يجبروا علي عملية المقايضة المجحفة في حقهم.
لتبرير تخوفات الفساد فإننا نجد
بحسب مؤشر مدركات الفساد ( Corruption Perception index)‏ الذي ينتمي لمنظمة الشفافية الدولية دول العالم الثالث تحتل مراكز تعضد فرضيات إنتشار الفساد بصورة أكبر من مثيلاتها في الدول الاخري وذلك لإنخفاض معدل دخل الفرد وإستشراء الفساد بين الموظفين بمعنى إستغلال النفوذ لتحويل المصلحة العامة إلي مصلحة خاصة. والفساد في دول العالم الثالث هو منظومة كبيرة تسيطر على العمل العام.
لتتجنب المنظمة هذه المخاوف عليها البدء في تكوين أجسام تعنى بالشفافية، وإخضاعها لدورات مكثفة عن النزاهة وكيفية مراقبة سير عمليات الشراء من الاسواق المحلية مع رواتب شهرية مجزية و تقارير يومية عن أداء العمل محل المراقبة ورفعه إلي إدارة متخصصة في التحليل المالي والاداري.