برعلا زكريا

الإنحطاط الأخلاقي أشد خطرا من كورونا


برعلا زكريا

هناك إجماع بأن الانحدار الأخلاقي في صفوف الشباب والمراهقين والقاصرين، أصبح مقلقا، والشوارع خير دليل. فالتلفظ بالكلام النابي صار مألوفا، وعدم احترام الآخرين سواء كبارا في السن أو نسوة أصبح أمرا شائعا. صرنا نشاهد أشكالا غريبة وملابس أغرب وتسريحات شعر عجيبة، ومع الأسف حتى الإناث لم تسلمن من موجة الإنحطاط الأخلاقي، فقد تعودن بدورهن على التلفظ بالكلام الساقط بالإضافة للتمرد على قواعد الحياء، شكلا و قالبا. حيث أن الشوارع والأماكن العمومية كالمقاهي أو الحدائق أضحت مليئة بالممارسات الخادشة للحياء بين الذكور والإناث. وكأنه لا سلطة لأحد عليهم.

صحيح أن الزمن الذي نعيشه أكثر فتنة وصعوبة من كل وقت مضى.
فلا أسلوب التحفيز والمكافأة ينفع، ولا الحوار والمصاحبة، ولا حتى الشدة والقسوة في وقت أصبح الأشخاص مرتبطين أكثر بهواتفهم الذكية . كما يفضلون تناول وجبة “الطاكوص” وغيرها بشكل فردي على أن يجتمعوا حول طاولة واحدة مع أبويهم لتناول “الطاجين”، حيث يمكن أن يتعلموا آداب الأكل ويتبادل الجميع أطراف الحديث في جو مقدس مهيب ولحظات حميمية تجمع كل أفراد الأسرة.

بالفعل، تغير الكثير وأثر كل ذلك على التربية، لكن بالسلب، لم يعد للأبوين السلطة، ولم يعد بمقدورهم أن يكونوا قدوة لأبنائهم، لم يعد بإمكانهم لجمهم وتنبيههم كلما تمادوا في الأخطاء.

وبدون أي مبالغة، صار القاصر بالمنزل ككرة النار، يسلمها الوالدان للمدرسة للإرتياح منها، قبل استعادتها بعد انتهاء الدوام. وحتى المدرسون بدورهم يعانون الكثير خلال تواجد القاصرين في عهدتهم. بل أصبح همهم الحفاظ على سلامتهم البدنية ومرور الحصص الدراسية دون مشاكل. أما التحصيل الدراسي فتلك طامة أخرى.

إن البناء المجتمعي لايمكن أن يستقيم إذا لم يتم إعادة النظر في مسألة التربية. وعلى الجميع التدخل لإعادة الأمور لنصابها، فالكل مسؤول عما وصلنا إليه، سواء على مستوى الأسر أو حتى السياسات العمومية والإعلام والمناهج الدراسية.

وكمثال بسيط، يمكن للمسؤول الحكومي أن يحجب المواقع الإباحية ، فهي بالتأكيد تؤدي لأضرار بالغة في سلوك القاصرين، يمكنه التكثيف من محاربة المخدرات وحبوب الهلوسة، التي أضحت شائعة في صفوف الذكور والإناث، يمكنه التدخل في فرض وصلات إعلامية هادفة وتربوية في مختلف المنابر المرئية والمسموعة والمقروءة.
باستطاعة المسؤول أيضا محاربة أوكار الدعارة العصرية، والتي تتمثل في مقاهي “الشيشة” وغيرها.
كل ما سبق ذكره يسهل تنزيله وتطبيقه، فقد رأينا كيف تم إغلاق المقاهي والمطاعم والقاعات الرياضية بسبب أحكام حالة الطوارئ التي فرضتها الجائحة. فإذا كان السياسيون حريصين على الصحة العامة، فمسألة التربية لاتقل أهمية عنها، والجهل والإنحدار الأخلاقي أشد خطرا من “كورونا”.

إن تظافر الجهود بين الأسرة والمجتمع والسلطة، هو السبيل الأوحد للنهوظ بالأخلاق من جديد وإشاعة حب العمل والإحترام وحسن السلوك، بهدف تكوين مواطن صالح لنفسه ولغيره ولبلده.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube