المرأة

صدقني يا هيرين…الشاعرة و الكاتبة المغربية الأندلسية نادية بوشلوش عمران

لم أستطع أن أبقى صامتة و أنا ،أشاهد فديوهات و صور من واقع مر ،و كأنه فيلم أمريكي لقضية عامة ، ترعب و تخطف الأنفاس ،و لكنها في الحقيقة هي بالذات حقيقة تؤلم جدا و تدعي ذاك الشعور بالبكاء من دون قصد ، أنهار البكاء و و حتى العواصر تتساقط منها مطارا بالرغم من صلابة نفسي ، لأن ذلك شيء جد جد صعب ،و أنت تشاهد مشهدا يؤلم و ينفجر من دون شعور أمامك بأرق حالات الإنسانية
ماذا لو كنت أنا المذنبة و القاتلة و كنت مكان هيرين ،الشاب الأمريكي الذي أشعل مواقع التواصل بالتضامن معه ،و جعلني كذلك مشاعر مرهفة الحس و كاتبة بالتضامن معه ،و لما سألت نفسي ذلك ؟
أ يستحق هيرين التضامن معه فعلا …. و هو قاتل ؟
هل لوسامته و بنظرات عينيه الساحرة الثاقبة ،….أمام كل العالم

أنا لا أعرفه من قبل ،و لكن قضيته مؤلمة جدا ،و هذا القدر الذي كان ضده مؤلم جدا ،قدر يشق الحجر و يأتي بجبل بكامله للأرض ،فصبح كالفراش المبثوت ،قد تقوم القيامة و ينفخ في السور …

،نعم يا هيرين ،لقد تألمت جدا من قدرك ،و أنت كنت إبن الثامن عشر ،في لحظة إندلاع و طيش بين سباق سيارات في أمريكا ،و بدون أن تخطط و لا بينك و بين تلك التي ماتت عداوة و لا تعرفها من هي ،و لم تخطط و تدبر
لا بل ،هكذا خطط القدر و رسم بأن يمتحنك في إنتحار جد صعب ، قد يدير الرؤوس إليه ليتعلم الكل ،و لكن هذا القدر لم يكن رحيما أبدا لا لك يا هيرين و لا لتلك الشابة هي و طفلتها ، قدر زلزل النفوس الصلبة فصارت هشة جدا ،تدمع من قشة
قدر غامض معثم حامض ، جاهل قوي ،عاصفة و زلزال و كسوف و خسوف حكم قاتل في حد ذاته . ، و رمي بك في نار جهنم
ما ذنبك أنت ؟؟؟ بهذا القدر يا أيها الطفل الذي تطلع لحياة كغيره
و ما ذنب تلك المرأة و طفلتها التي رمى بها القدر أمام سيارتك فقتلت من غير ذنب هي و طفلتها
مسألة ذو حدين و قدر ذو حدين كذلك
و ما ذنب ،أمك المسكينة التي إنهارت أمام الكاميرات بالبكاءو أنت وحضنها وتبكي ،كيف ستثير لفراقك في سجن فيه فعلا قتلة من نوع إجرامي مر لا مثلك
ما ذنبكم أنتم كلكم
،و أنت يا هيرين تلك النظرة الطفولية من عينيك الزرقاوتين نظرة ندم ، طفولة ،براءة ،فعلا براءة ،أنت بريء يا هيروين رغم جرمك
قد يكون الإندفاع و التهور و لكن لما كتب قدرك يا هيرين بهذه الطريقة
قد نقول ،الإيمان بالقدر خيره و شره
و بما كتب القدر أن تموت تلك المرأة مع طفلتها
قد نقول الإيمان بالقدر خيره و شره
و أيتها قدر؟؟؟؟
لم تدق الكنائس لهذا
و لم ترفع الصلوات في المآذن لهذا
شيء مؤسف جدا ،يقطع النفس إلى أجزاء قد لا تلتئم من الجرح لعدة أعوام
هيرين ،أربعة و عشرين سنة نافذة فيك ،حتى تصل إلى منتصف العمر ، و أنت شاب يافع كانت لك حياة مختلفة كغيرك ،طفل يضم الحياة بيديه فرحا و اليوم نظراتك آلم حزن شقاء ، و أنا كذلك مشاعر نظرتي فعلا ذلك ،لأنني رأيت هذا القدر صعب و إمتحان قوي جد قد يصاب به المرء

صدقني يا هيرين ، الإمتحان صعب جدا ، العالم أكيد كله متضامن معك لا لنظراتك الجميلة و لا لوسامتك و لا لعيونك الثاقبتين و لكن لأنها قضية إنسانية صعبة جدا ،و قضية إنسانية تستحق الوقوف بجانبها و النظر فيها لألف المرات
لو كنت قاضية ،أكيد سأظطلع على النوايا و على القضية جيدا ،و سيكون الحكم مختلفا تماما ….
صعب
مقتل المرأة مع طفلتها ،و ما ذنب تلك المرأة و طفلتها في هذا القدر ؟؟
و ما ذنبك أنت كذلك في هذا القدر ؟؟
لما يكون القدر صعب جدا جدا جدا
لو كنت أنا القاتلة ،فهذا القدر مكتوب بطريقة مأساوية لكلينا
حدثوني و لا حرج ،أكيد هناك من سيقول :

هو مذنب ،و يستحق العقوبة و لربما الإعدام . و لكن ،لو كان هذا الشخص هيرين ،الذي تتجلى براءته و هو قال الصدق ،لو كان خطط و دير و قال فقدر ،لو كان خطط لقتل تلك الإنسانة هي و طفلتها ، عمدا و ترصدا ،لكان الحكم منصفا ….
لكن
تبقى عدة حيثيات ، قد فقط كتبها القدر لكليهما و قدر كما قلت صعب جدا
لا أؤمن بالنفس اللوامة و بالنفس ألا عادلة و بالنفس الخبيثة التي تريد الشر للكل ،و بتلك النفوس التي تؤلم من دراما الآخرين أساطير، و أحاجي و حكايات لا تنتهي تزيد و تنقص و تؤلم و تحطم نفوسا بكلامها و بنميمتها التي تشبه شجرة خبيثة ،فروعها تصل للمواقع التواصل الاجتماعي ، و تريد فعلا الشر لغيرها ،هي فعلا نفوس مريضة ،لا ترى بعين الرحمة و لا ترى بعين العدل ،قد يرمون على هيرين أصعب العواقب .
أشعر بالتضامن في قضيتك يا هيرين ،لأنها قضية إنسانية صعبة تحتاج لإعادة النظر في الحكم
هل الإيمان بهذا القدر ،هو مكتوب في قضايا الإيمان بالقدر خيره و شره ،كيف تتمزق حياة إنسان بريء ليصير في لحظات مجرما ضد إرادته ؟؟؟
صدقني يا هيرين….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube