المرأةمستجدات

المانوزي : تزويج القاصرات والتحايل على مسطرة التعدد وصم وإهانة .


في مثل يومه 2 فبراير من سنة 2019 صدر بلاغ لوزارة العدل يذكر المغاربة والمغربيات بقرب نهاية أجل سماع دعوى ثبوت الزوجية إيذانا بنهاية عهد الزواج بالفاتحة والزواج القسري بالقاصرات وعهد التحايل على مقتضيات وشروط الإذن بالتعدد .
واليوم نعيد نشره ونطالب الجميع الإلتزام بقاعدة لا إحتهاد مع وجود المادة 16 من مدونة الأسرة ، ولا إلغاء للأجل ولا تمديد إلا بنص قانوني ، فب إطار مبدأ توازي ااوسائل والشكليات :
بلاغ لوزارة العدل بشأن قرب إنتهاء الفترة الإنتقالية لسماع دعوى الزوجية

” من المعلوم أن المادة 16 من مدونة الأسرة جعلت وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج, وفتحت المجال لفترة زمنية إنتقالية محدودة للمواطنين الذين حالت أسباب قاهرة دون توثيق عقود زواجهم لتقديم دعاوى ثبوت الزوجية أمام المحكمة المختصة.
وبمناسبة قرب إنتهاء الفترة الإنتقالية لسماع دعوى الزوجية المحددة في الفقرة الأخيرة من المادة 16 من مدونة الأسرة, والتي ستنتهي في الخامس من شهر فبراير لسنة 2019, حسب التعديل الحاصل بموجب القانون رقم 102.15 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6433 بتاريخ 25 يناير 2016, فإن وزارة العدل تهيب بالمواطنين المعنيين الذين لم يوثقوا عقود زواجهم, الإسراع بتقديم طلباتهم أمام المحكمة المختصة قبل إنقضاء الفترة الإنتقالية التي ستنتهي في 05 فبراير 2019, وذلك حفاظا على حقوقهم وحقوق أطفالهم, وتدعو جميع القطاعات المعنية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى القيام بدورها في تذكير المواطنين المعنيين بهذه المقتضيات القانونية والتحسيس بها بكل الوسائل الممكنة خدمة للإسرة المغربية والصالح العام.”

دعوة إلى النيابة العامة للطعن في قرار لمحكمة النقض لا يخدم الإصلاح
(مساهمة نقدية في النقاش العمومي حول إصلاح مدونة الأسرة)
ليس من العبث بتاتا ان يتم إعتبار مطلب الإصلاح المؤسستي والتشريعي من أهم الإنتظارات ، ومناسبة المقالة هي مبادرة الدولة في شخص رئيسها الدستوري ؛ بقبعة إمارة المؤمنين ؛ من أجل فتح نقاش عمومي حول ” إمكانية ” إصلاح مدونة الأسرة بعد عشرين سنة من تعديلها كقانون سابق للاحوال الشخصية . طبعا لا يمكن الحديث عن ضرورة إصلاح المدونة كتشريع دون التفكير في إصلاح المقتضيات إقترانا مع إصلاح مؤسسة القضاء كفضاء للتطبيق مؤطر بموارد بشرية وثقافة وتمثلات متعددة تجمع ما بين المحافظة وإرادة قمينة تروم التحديث بنفحة تميل إلى ” مجاملة أو مغازلة ” المد النسوي ” التحرري ” ؛ والذي يطمح إلى رد الإعتبار إلى المرأة المغبونة والمظلومة ” تاريخيا ” وكأننا بهن ( الهيئات القضائية بهيمنة نسائية ) يتمثلن دور المنقذ للنساء الضحايا ؛ وليس كداعيات للتحديث . وبذلك تطرح أمامنا إشكالية مفارقة يطبعها التردد والتماهي بين خطاب قضائي ” تحديثي ” وبين مقاربة تغترف من من وعاء هوياتي موسوم بثقافة محافظة ، تشتغل بمنطق الحفاظ على القيم الإجتماعية المتراكمة المرتبطة بالماضي . وجب إستحضار غموض يشوب تقنية الإصلاح ، فالورش المفتوح حاليا حول المدونة يحكمه تنازع تيارين أو إن صح التقدير إرادتين تؤطران (بالتوازي ) دينامية العلاقة بين التقليد والتحديث باعتبار أن المبادرة التشريعية أريد لها أن تشتغل خارج إختصاص مجال القانون وعبر ورشة ” الحوار ” دون إصطفاف واضح ، وذلك فيما يشبه اللجان الإدارية المتوازية الأعضاء ، فهناك ممثلو الدولة بشقيها الموالاة والمعارضة وهناك ممثلو المجتمع بمختلف تياراته وتعبيراته ، الأصوليون والحداثيون ، بعض منهم يحمل سيفه ويقاوم بإسم ثوابت الأمة في مواجهة من ينافح عن الحقوق والحريات بإسم القانون والمعايير الكونية الإنسانية . ولأن في الأمر محطة ” تحكيم ملكي ” في آخر المطاف يشتغل بإزدواجية تمتطي حجية التوازن والتعايش بين أنماط التفكير ، طبعا تحضر دائما آليات التأويل التي تخدم التكييف وتؤجل التحويل ، لأن طبيعة النظام تقتضي أن يختلف جوهره الإقطاعي /الأصولي عن مظهره اللبرالي / الحداثي . ولأن لكل طرف إمتداده في المجتمع وكذا الدولة ، يجسد خلفية الخيار و يكرس تمثلات التيار . وفي هذا ينتعش الخطاب ” المكنون أو المضمر لدى كل جهة ، خطاب يتذرع بالأمن الروحي وآخر بالأمن القانوني ، وفي نهاية الأمر ترجح كفة من يحسن إستقطاب و توظيف الخطاب القضائي الذي يتخذ لبوس الإجتهاد القضائي الذي يطمح أو يزعم أنه ينشد الأمن القضائي دون التفريط في ثوابت الأمن الروحي ، حيث تتم الإحالة إلى آلية الإجتهاد الفقهي والتي تؤطرها المادة 400 من مدونة الأسرة ، والتي تعمل – غالبا – على تحقيق وتفعيل قاعدة ” الآخِر البَعدُ يجب ما قبله ” ؛ فنص المادة 400( م أ ) يعد آخر نص في ذيل هذا القانون .
إن الأمر يتعلق فعلا بوجود إرادة للإصلاح لدى الدولة ، ولكن هذا الإصلاح له مؤيدوه وله مقاوموه ، كما سلف توضيحه ، وفي هذا الصدد إخترت أن أبسط نموذجا لتجلي الصراع والذي يتخذ حلة ” حوار معرفي بلبوس قانوني/ حقوقي أو فقهي /ثراتي . والإختيار بيداغوجي – على سبيل المثال وليس الحصر – يهم باب توثيق العلاقة الزوجية كعقد يفترض فيه أنه قانون للمتعاقدين أي طرفي هذا الرباط والذي له آثار ونتائج نظمتها مدونة الأسرة بمقتضيات محددة ، ولقد كان المشرع حكيما عندما نص في المادة 400 من المدونة على : ““كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة؛ يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”. فهل أُحْسِنَ إستعمال هذه المادة والتي لا يمكن أن تشتغل وتَنفُذ إلا في حالة إنعدام نص قانوني ينظم ” النازلة ” او يحل الإشكال المطروح ؟ أم ان هناك تعسف وسوء في إستعمال هذا الترخيص لهذا الإجتهاد انسجاما مع قاعدة ” لا إجتهاد مع وجود نص ” ؟
في كلمة للسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال جلسة إفتتاح السنة القضائية ( يناير 2023 ) بسط الرئيس الاول لمحكمة النقض بعض منجزات هذه الأخيرة ، ومن بين الأمثلة على إبداع ومحاولة الإجتهاد لتجاوز بعض الإشكاليات القضائية ( مجتمعية في عمق أسبابها) اورد قرارا يهم ” سماع دعوى ثبوت الزوجية ” . وقبل التعليق و مناقشة القرار ونقد تعليله وجبت الإشارة إلى أن كثير من المحاكم بدأت تأخذ به على حالته كاجتهاد وكأنه تشريع يعوض نصا قانونيا ، المقصود المادة 16 من المدونة والتي تعتبر عقد الزواج الوثيقة الرسمية لإثبات العلاقة الزوجية ، وأن سماع دعوى ثبوت الزوجية مؤطر بنطاق زمني محدد بأجل تمديده لعدة مرات وانقضى بحلول خامس فبراير 2019 ، فجل المحاكم الاسرية المغربية اعتبرت أن إستشهاد / إنتقاء رئيس محكمة النقض بهذا ولهذا القرار هو بمثابة ” تزكية ” إتجاه قضائي يفتح أجلا ويحيل على المادة 400 من مدونة الأسرة .
في سياق كلامه عن العمل القضائي لمحكمة النقض ومحاولة غرفة الأحوال الشخصية إبداع مخرج للإشكالية التي يطرح الأجل اامنصوص عليه في المادة 16 أردف ما يلي :

وقضت غرفة الأحوال الشخصية أن محكمة الموضوع “لما قضت بعدم قبول طلب الطاعنين بعلة أن أجل سماع دعوى الزوجية يجب أن يتم قبل 5 فبراير 2019 (وهو أجل انتهاء العمل بالترخيص القانوني المؤقت بإقامة دعاوى ثبوت الزوجية الذي كانت تنص عليه المادة 16 من مدونة الأسرة)، وأن تقديمها الدعوى بتاريخ 14-08-2021 (أي خارج فترة سريان المادة 16)، والحال أن الزواج المدعى به يعود لسنة 2007، أي في الزمن الذي كانت فيه المادة 16 ماتزال سارية المفعول (انتهت في 5/2/2019)، تكون قد خرقت المادة المذكورة”. وأضافت الغرفة في نفس القرار : “وأنه حتى على فرض انتهاء الفترة الانتقالية، ودونما وجود نص يحدد تاريخ سماع دعوى الزوجية، فإنه يُرْجَع حينئذ للنظر فيها، طبقاً للمادة 400 من مدونة الأسرة، إلى المذهب المالكي والاجتهاد القضائي الذي يراعَى فيه تحقيق العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”. (القرار رقم 358/1 بتاريخ 21/06/2022 (الملف الشرعي عدد 372/2/1/2022).

  • انتهى كلام السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض –
    ويبدو كاستنتاج بأن الغرفة بقرارها هذا قد أعطت مصداقية لمئات الأحكام الصادرة عن محاكم الموضوع بتطبيق المادة 400 من مدونة الأسرة بالنسبة للزيجات التي عقدت دون توثيق بعد انتهاء العمل بالمادة 16 من المدونة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الإبتدائية بالمحمدية وبمناسبة دعوى ثبوت الزوجية ردت على الدفع بسبقية البت في نفس الدعوى لكون نفس الهيأة قضت بعدم قبول الدعوى لتقديمها خارج الأجل المنصوص عليه والمحدد في المادة 16 من مدونة الأسرة ، وكان الحكم قد في حق نفس أطراف الدعوى وعن نفس أعضاء هيأة الحكم ؛ ردت المحكمة بأن من حقها أن تراجع موقفها في ضوء إنسجامها مع قرار محكمة النقض وأشارت إلى القرار والتعليل الوارد به . وبذلك تكون المحكمة الإبتدائية بالمحمدية قد “عللت “حكمها بالإحالة على قرار محكمة النقض المشار إليه . ليطرح السؤال : أين التعليل هنا ؟ وهل يصح التعليل بتبني قرار له نسبيته وخصوصيته وسياقه وظرفيته ؟ وكيف نفسر هذه ” التعبئة ” التوجيهية ” لهيئات الحكم ، تعبئة من أعلى لتجاوز الأجل المحدد بالقانوني وبتمديده بواسطة قرار فريد ؟ ومن باب تنزيه المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورفعا لتماهي صلاحيته مؤسسة دستورية مع محكمة النقض كهيأة للحكم وتطبيق القانون وليس بتشريعه ، وصونا لمبدأ فصل السلطات وإستقلال بعضها عن بعض؛ فأننا نتمنى أن يتوقف العمل بهذا ” الإبداع ” حتى لا يتحول إلى بدعة من شأنها شرعنة العلاقات ” غير الشرعية ” والتي تستعمل دعاوى سماع ثبوت الزوجية للتحايل على مقتضيات تقنين طلبات الإذن بالتعدد وكذا ظاهرة تزويج القاصرات بإستغلال الفاتحة والحمل والتذرع بعلة ضمان ” المصلحة الفضلى للطفل” . ومعنى أمنيتي أن تكون الكلمة مجرد آخر ميسرة للإستدراك وفرصة لمن فاتهم الأجل دون أن يوثقوا ” علاقتهم الزواجية ” . لا أحاول تبرير هذا التمديد القسري ولكن من باب التفاعل الإيجابي اقدر بأن الكلمة بمثابة رسالة وإنذار بنفحة إستباقية من أجل تدبر وتخيل حلول لهذه الظاهرة باقتراح تعديلات تكرس سيادة الأمن القانوني و الإنصاف والحكامة القضائية على أساس أن التعاقد الكتابي مظهر من مظاهر الحداثة وإستقرار المعاملات .
    ولأجل تأكيد بأن الأمر لا يتعلق بتبني ولا بتبرير فإن المقالة هاته ستعالج نقديا القرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية وفق مايلي :
    نذكر بأن غرفة الأحوال الشخصية لدى محكمة النقض قضت فعلا في قرارها رقم 358/1 بتاريخ 21/06/2022 في الملف الشرعي عدد 372/2/1/2022 بنقض قرار إستئنافي وفق التعليل التالي :
    “لما قضت بعدم قبول طلب الطاعنين بعلة أن أجل سماع دعوى الزوجية يجب أن يتم قبل 5 فبراير 2019 (وهو أجل انتهاء العمل بالترخيص القانوني المؤقت بإقامة دعاوى ثبوت الزوجية الذي كانت تنص عليه المادة 16 من مدونة الأسرة)، وأن تقديمها الدعوى بتاريخ 14-08-2021 (أي خارج فترة سريان المادة 16)، والحال أن الزواج المدعى به يعود لسنة 2007، أي في الزمن الذي كانت فيه المادة 16 ماتزال سارية المفعول (انتهت في 5/2/2019)، تكون قد خرقت المادة المذكورة”.
    يبدو إن التعليل تعلق بنقطة خرق المادة 16 من مدونة لأن الزوجية المراد إثباتها تعود لزمن لا زالت فيه المادة 16 مدونة الأسرة سارية المفعول أي سنة 2007 ، وبالتالي فنطاق تطبيق المادة 16 الزمني لا زال ساريا . وهنا إنتهى التعليل الذي بموجبه تم نقض القرار الإستئنافي .
    أما الحيثية المضافة والتي جاءت في نفس القرار فهي علة زائدة ؛ ذلك أن غرفة الأحوال الشخصية أضافت لاحقا في نفس القرار :
    “وأنه حتى على فرض انتهاء الفترة الانتقالية، ودونما وجود نص يحدد تاريخ سماع دعوى الزوجية، فإنه يُرْجَع حينئذ للنظر فيها، طبقاً للمادة 400 من مدونة الأسرة، إلى المذهب المالكي والاجتهاد القضائي الذي يراعَى فيه تحقيق العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”.
    من هنا يتضح بأنه في التعليل الأول حسم الأمر بإقرار غرفة الأحوال الشخصية بأن واقعة الزوجية تمت داخل الأجل ؛ ثم جاء في العلة المضافة الزائدة ؛ لأن القرار الإستئنافي نقض دون حاجة إلى هذه العلة ، جاء فيها بأنه ” على فرض إنتهاء الفترة الإنتقالية ” ثم تلته جملة اعتراضية ” ودونما وجود نص يحدد تاريخ سماع دعوى الزوجية ” أي في حالة عدم وجود نص قانوني يحدد الأجل ، يرجع حينئذ ( أي حينما لا يوجد نص ) للنظر في ثبوت الزوجية إلى المذهب المالكي والإجتهاد القضائي .
    وبذلك فإن الحكم الإبتدائي الصادر عن المحكمة الإبتدائية وإن إستدل بالقرار نفسه ؛ فإنه فيما يخص النازلة التي نظرها لابد من التاكيد على أن إدعاء واقعتي العلاقة بين الطرفين وتقديم دعوى ثبوت الزوجية جاءا معا في تاريخ لاحق على تاريخ توقف فيه سريان المادة 16 ، وبالتالي فالشق الأساسي من التعليل لا ينطبق لعدم تماثل النازلتين . في حين يظل الأخذ بالعلة الزائدة مشروطا بإنعدام وجود النص والحال أن المادة 16 من مدونة الأسرة حسمت التي نقطة الأجل . وبغض النظر عن كون الحكم الإبتدائي الصادر عن إبتدائية المحمدية لم يراع نسبية القرار ؛ فإنه لم يعلل لجوءه إلى استعمال المادة 400 م أسرة ، في ظل وجود المادة 16 م أ ، كما لم يوضح أي فقه تبنى من بين مذاهب الفقه المالكي .
    إن الحكم الإبتدائي مدد الأجل والحال انه ممنوع في التعاقد المدني وبالأحرى بالنسبة للقانون وذلك في المبدأ الدستوري المقر بفصل السلطات ، وبالتالي لا يمكن التشريع محل السلطة التشريعية أو المالك دستوريا للمبادرة التشريعية لا يمكن منح أو تمديد أجل خارج عن الأجل المحدد بمقتضى نص قانوني ؛ وبالتالي فحتى المادة 400 م الأسرة تم خرقها فهي تنص صراحة : المادة 400 من مدونة الأسرة إلى ضرورة الرجوع إلى اجتهادات المذهب المالكي في حالة عدم وجود نص قانوني يؤطر قضية ما، والذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف . وقد وجب التاكيد على أن النص إشترط ” حالة عدم وجود نص قانوني يؤطر القضية ” ، فأليست المادة 16 مدونة الأسرة هي النص المؤطر للقضية ، فهي التي اعتبرت أن عقد الزواج هو الوثيقة المقبولة ويمكن قبول سماع دعوى الزوجية في حالة ثبوت سبب قاهر حال دون توثيق الزواج ( بواسطة شاهدين عدلين ) وداخل أجل محدد قانون انقضى بحلول يوم خامس فبراير 2019 ، ولم يتم تمديده قط منذئذ . كما أنه و في إطار توازي الشكليات والوسائل لا يمكن إلغاء أو نسخ أي نص قانوني إلا بنص قانوني ؛ وليس بقرار قضائي هو نفسه لم يعلل الأساس الذي اعتمده لغط النظر عن نص قانوني لا زال قائم الذات والأثر القانوني ! وخرقا لمقتضيات الفصل 128 ق ل ع والذي جاء فيه بالحرف :
    “” لا يسوغ للقاضي أن يمنح أجلا أو ان ينظر إلى ميسرة ما لم يمنح هذا الحق بمقتضى الإتفاق او القانون .
    إذا كان الأجل محددا بمقتضى الإتفاق أو القانون لم يسغ للقاضي ان يمدده ما لم يسمح له القانون بذلك . “”
    وحيث إنه ومن باب الإحتياط فإن العارض يؤكد مسألتين جديرتين بالإعتبار : اولا الإستنجاد بالمادة 400 من مدونة الأسرة لا يتم إلا في حالة وجود فراغ قانوني ( والحال أن النص متوفر بمقتضى المادة 16 ) وثانيا المادة 400 تنص على اعتماد الفقه المالكي . وأن الحكم خال من أي موجب للإنتقال من المادة 16 إلى 400 في ظل غياب أي مقتضى يحيل هكذا ، لأن المادة 400 مدونة الأسرة تشترط حالة ” عدم وجود نص يعالج القضية ” والحال أن النص موجود وهو المادة 16 م أ والذي حدد أجلا ، وهنا لا يمكن لأي محكمة أن تبت في نازلة خارج الأجل المحدد والذي انقضى ، لإستحالة تمديده إلا بمقتضى نص قانوني يعدل ويتمم المادة 16 . إن الحكم موضوع التعليق إستنجد بقرار فريد لمحكمة النقض بدعوى أن غرفة الأحوال الشخصية المصدرة له اعتمدت المادة 400 م أ دون أن يعلل لجوءه هذا ، والحال أن القرار تم تأويل محتواه وأبعاده .و إن هذا القفز على المادة 16 وإحلال مقتضى قضائي محل نص قانوني خرق لقاعدة لا إجتهاد مع وجود النص ، ناهيك عن كونه يمس بمبدأ فصل السلطات ، فالأحكام القضائية قد تعتبر مصدرا للتشريع في حالة تواترها ولا يعقل أن تكون مبررا ووسيلة للتشريع وصنع القانون . ويبدو أن غاية قرار محكمة النقض بالإحالة على المادة 400 م أ اعتماد وجود ” الحمل ” أو ” أطفال هو وسيلة فرعية لأجل ” المراعاة ” وليست وسيلة لإثبات الزوجية . أي أنها معطيات مدعمة للشروط الواردة في المادة 16 مدونة الأسرة والتي وجب توفرها ، بعد فحص الأجل ومدى توفر السبب القاهر الذي حال دون إبرام الزواج في وقته ؛ ومع ذلك وفي جميع الحالات لا يمكن ترجيح الفرع على الأصل والإستثناء على القاعدة إلا بنص قانوني ، وفي هذا لا يكفي التذرع بالمصلحة الفضلى للأطفال وبالعمل على تحويل هذا المعطى ( النتيجة ) وهو ثمار علاقة غير شرعية ، إلى سبب موجب لسماع الزوجية ، لأن العلاقة السببية ستعدو مفارقة في حالة ترتيب الآثار القانونية الحكم بثبوت الزوجية . من هنا وجب التمييز نسبيا بين الحالات لانعدام التماثل ؛ لأن قرار غرفة الأحوال الشخصية لدى محكمة النقض والمستدل به من قبل المحكمة والمعتمد كتعليل له خصوصيته ، أولا لأنه يتعلق بقضية سابقة على إنقضاء الأجل ( حسب قناعة محكمة النقض لأن الأجل يهم تاريخ تقديم الدعوى وليس تاريخ واقعة العلاقة ) ، ناهيك عن إستحضاره للمصلحة الفضلى للطفل والذي لا ينكره والداه ( نازلة مراكش ) ، والحال أن عقد الزواج كوثيقة مقبولة قانونا لإثبات الزواج لا يمكن قبول غيرها إلا بشروط وداخل الأجل ؛ وأن عبارة ” مراعاة ” قد تستهدف ( من طرف قرار محكمة النقض المستدل به ) حماية الأطفال الناتجين عن زواج الفاتحة من ضياع حقوقهم. لكن تنبغي الإشارة إلى أن مقتضيات المدونة تسمح بإثبات نسبهم في هذه الحالة بسهولة اعتمادا على الإقرار بالنسب، وكذا اعتمادا على شبهة الخطوبة. وهو إطار منظم بإستقلال عن دعوى ثبوت الزوجية ؛ وبالتالي لا يعقل الخلط تعسفيا بين الوسائل وبين الظروف المتعين مراعاتها وفق للسلطة التقديرية للقضاء ، والتي لا يمكن أن تتعارض مع حرفية نص المادة 16 ؛
    وبذلك فإن ترك المادة 16 من مدونة الأسرة وتجاهل وجودها وإلزاميتها يجعل من أي تأويل خارجها تعسفا بل خرقا للقانون وشذوذا عن تواتر العمل القضائي . ذلك أن المسلم به أنه متى كانت عبارة النص القانوني واضحة لا لبس فيها ولا غموض فإنها تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك، وهو ما يعبر عنه علم أصول الفقه بأنه لا اجتهاد مع صراحة النص، فالأصل في النصوص التشريعية هو ألا تحمل على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، كما أنه من المستقر عليه كذلك أن المادة 16 مدونة الأسرة لا يجوز التوسع في تفسيرها أكثر مما تحتمل فهي تشترط أجلا لا يمكن تمديده بأي وسيلة أو علة أو ذريعة إلا بمقتضى قانوني وليس بقرار محكمة النقض الذي يحتاج إلى قرارات عديدة متواترة ؛ ما يسند نشازه وعدم إرتكازه على أساس قانوني يرخص له سماع الزوجية خارج الأجل المحدد.
    وفي إطار حسن النوايا قد يكون قرار محكمة النقض قد راعى المصلحة الفضلى للأطفال الناتجين عن زواج الفاتحة من ضياع حقوقهم. لكن تنبغي الإشارة إلى أن مقتضيات المدونة تسمح بإثبات نسبهم في هذه الحالة بسهولة اعتمادا على الإقرار بالنسب، وكذا اعتمادا على شبهة الخطوبة وبالتالي لم يكن من الداعي استعمال المادة 16 من مدونة الأسرة بل يمكن مباشرة ضمان هذه الحماية والمصلحة الفضلى خارج دعوى ثبوت الزوجيةوالتي لها شروطها . ولذلك وجب أن تتوفر الشجاعة الأدبية والنزاهة الفكرية وفي إطار حياد تقتضيه قواعد العدل والإنصاف ، أن يتم إيقاف العمل بهذا القرار ، وهذه من بين مهام الوكيل العام لمحكمة النقض ، بصفته هذه ، أن يطعن بإلتماس إعادة النظر بعلة إنعدام التعليل كحالة سلبية لأن القرار ام يعلل بتاتا تغاضيه عن الأجل القانوني من جهة ومن جهة ثانية بعلة انعدام تعليل” قنطرة ” العبور وإبراز موجب إختلاق ” جسر ” اللجوء هكذا إلى المادة 400 من مدونة الأسرة دون الإرتكاز على اساس قانوني .
    مصطفى المنوزي
    رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube