شخصيات

مغاربة العالم بين العودة االنهائية والاندماج في بلدان الاقامة

محمد بونوار كاتب مغربي مقيم بألمانيا

مغاربة العالم هم تلك الشريحة من المغاربة الذين يعيشون خارج المغرب ، مبثوثين في خمس قارات ، عددهم قد يصل الى 6 ملايين من المواطنين ، فيهم العمال والاجراء والاطر والكفاءات العالية وفيهم أيضا الاعلامين والفنانين والرياضين والسياسين ورجال الاعمال ، ثروة هائلة ومنجم غني بالطاقات والمؤهلات والكفاءات و… , علاوة على العملة الصعبة التي يتركونها كل سنة في خزينة الدولة والتي تفوق 7 مليار دولار .

يحتل مغاربة العالم معادلة كبيرة في الاقتصاد المغربي ، كما يحتل مكانة تفوق صادرات : الفوسفاط والصيد البحري والصناعة التقليدية والفلاحة والسياحة و

رغم هذا الزخم الكبير الذي يتركه مغاربة العالم في الاقتصاد المغربي ، فاٍن المؤسسات التي تشرف على شؤون الجالية لا تتسم بسياسة مرنة في المواكبة و مجال التكوين والتوعية والتحسيس بالقدر المطلوب ، اللهم بعض المبادرات التي تخرج الى الوجود بسبب الظروف السياسية العالمية الطارئة .

مشكلة الاطفال القاصرين مثلا والذين التحقوا بدول أروبية يترجم حجم تراخي وتغاضي وتماطل المؤسسات التي تعتني بالهجرة على العموم لانه مشكل قائم منذ التسعينات وهو موجود ، وغير ما مرة تعالت أصوات البرلمانات الاروبية لايجاد حلول مقنعة للاطفال القاصرين الذين يجولون في شوارع كبريات المدن الاروبية بدون وثائق وبدون أولياء ، لكن بدون جدوى .

المشكلة السياسية الاخيرة التي نشبت بين المغرب واسبانيا بسبب دخول زعيم جبهة البوليزاريو الى اسبانيا بوثائق مزورة لم تكن سوى النقطة التي أفاضت الكأس ، لان الاشكالية الحقيقية تبقى هي موقف اسبانيا من استرجاع الصحراء المغربية والتي – أي اسبانيا – تلتزم الحياذ كل مرة ، باسلوب دبلوماسي كباقي الدول الاروبية والتي لا تخرج عن المقولة السحرية – نحن مع حلول الامم المتحدة – وهو ما يعني أن المغرب يواجه بشكل خفي الاتحاد الاروبي في هذا الموضوع وليس اسبانيا وحدها ، ويظهر ذالك جليا عندما يشتد الحديث عن مدينة سبتة ومليلية والتي لا يجد الاتحاد الاروبي أي غضاضة في التشبث بالرأي الوحيد والذي يتلخص في أن سبتة ومليلية تعتبران حدود أروبية تلامس الثراب المغربي .

انطلاقا من هذه المعطيات تجمدت العلاقة الدبلوماسية المغربية مع جارتها الاسبانية ، ومن قبلها كانت ولازالت العلاقة متوترة بعض الشيئ مع دولة ألمانيا العظمى بسبب علم جبهة البوليزاريو الذي يرفرف فوق بعض المؤسسات الالمانية .

لهذه الاسباب وحيثياث أخرى أغلقت اسبانيا مدينة سبتة ومليلية من جهة حدودها مع المغرب جراء تدفق أفواج من شباب المنطقة سباحة الى التراب الاسباني، وكان قد صاحب الحدث ضجة اعلامية كبيرة ، رد المغرب عليها بقبول جميع القاصرين المغاربة بدول الاتحاد الاروبي ، لكنه في نفس الوقت أقدم على استعمال خطة الحصار الاقتصادي من خلال استثناء الموانئ الاسبانية من عملية العبور الصيفي والتي تغذيها جحافيل الجالية المغربية ، وهو ما يطلق عليه في المغرب – عملية مرحبا – هذا الحصار فرضه المغرب على الجارة الاسبانية بجيش قوامه 6 ملايين وما يزيد .

هذا الجيش أي مغاربة العالم يقع اليوم في حيرة من أمره ، لان هناك مؤشرات عديدة مغربية طبعا لازالت لم تخرج الى الرسميات ، لكنها تلمح بين الفينة والاخرى على مهل بتشجيع مغاربة العالم الى التفكير الجدي في العودة النهائية الى الوطن الام . وبالمقابل هناك مغاربة لازالوا يجرون وراء مفهوم الاندماج في بلدان الاقامة لتحسين أوضاعهم .

هناك من يشرح هذا المنحى بأن المغرب ينوي اشراك المستثمرين المغاربة في المجالات العلمية والتكنلوجيا المتقدمة انطلاقا من توصيات النموذج التنموي الجديد والذي يلح في تقريره على الاستعانة بمغاربة العالم من ذوي الكفاءات في جميع المجالات لتحقيق تنمية كاملة وشاملة .

وهناك من يرد ذالك الى دراسات تقول بان أروبا لم تعد تتسع لاحتواء المهاجرين من جهة ، ومن جهة ثانية هناك من ينظر الى ذالك انطلاقا من حسابات النظام العالمي الجديد والذي يدرج احتمالات انتقال المغرب الى مصف الدول التي تشكل قوة اٍقليمية قادرة على استقبال مواطنيها أينما كانوا .

كيفما كانت الامور فاٍن الجالية المغربية تبقى ورقة سياسية رابحة بالنسبة للمغرب للضغط قصد تحقيق بعض ألاهداف السياسية ، كما تبقى منبعا لجلب العملة الصعبة ، ومشتلا غنيا بالكفاءات في مجالات متعددة ، لكن وجب التذكير أن الرجوع ، أو العودة النهائية تحتاج الى برامج كبيرة والى تحسيس وتوعية ودورات تكوينية كثيرة تهم التأقلم والاندماج في البلد الاصلي ، لأن كثيرا من أبناء الجالية يصعب عليهم العيش في مجتمع لم يترعرعوا فيه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube