ضد التيارمقالات الرأي

واشنطن تستخدم عصا نيودلهي على طريق الحرير.


ذ مراد العمراني الزكاري رشلونة

إمتناع رئيس وزراء الهند «ناريندرا مودى» عن حضور فعاليات مؤتمر بكين للحزام والطريق بمثابة إعلان رفضه الممر الاقتصادي «الصين- باكستان».
نيودلهي لا تخشى استخدام هذا الممر المرعب لميناء غوادر الباكستاني كقاعدة عسكرية صينية تطوق الهند، أو استخدام المياه العميقة له في نشر غواصات نووية صينية فحسب، فشبكة الخطوط البرية التي أنشأتها الصين على مسارات هذا الممر لربط مدينة شينغيانغ الصينية، بميناء غوادر الباكستاني على بحر العرب- تمر عبر إقليم كشمير المتنازع عليه بين كل من الهند والصين من جهة، وبين الهند وباكستان من جهة أخرى، وهو ما استدعى عودة مثلث التحالف «الهندى- الأمريكي- الإسرائيلي » فى مواجهة الممر الاقتصادي «الصين – باكستان»، وبات التحالف واضحًا من خلال توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، وتحركات رئيس الوزراء الهندي فى الآونة الأخيرة.

1-عادت الاستفزازات الهندية للصين مؤخرًا فى أبريل الماضي، حينما نظمت حكومة نيودلهي زيارة خاصة لزعيم حكومة التبت الصينية فى المنفى «الدالاي لاماد» إلى ولاية «أروناشال براديش» المتنازع عليها بين الهند والصين، ما أثار غضب بكين التي قدمت احتجاجا عنيفا لنيودلهي.

2-أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في 26 يونيو2017، أن «محمد شاه»، زعيم حزب «المجاهدين الانفصالي الإسلامي»، فى كشمير الهندية- على قائمة الإرهاب الأمريكية، مع ملاحظة أن حكومة نيودلهي تتهم إسلام أباد بالوقوف خلف هذه الحركة الإسلامية، وهى خطوة تمهيدية مكشوفة لواشنطن، فى مواجهة هذا الممر بورقة الإرهاب العالمي.
إعلان الخارجية الأمريكية جاء سابقًا بيوم على لقاء الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الهندي مودي، وقد تمخض عنه صفقة بيع «22» طائرة دون طيار أمريكية بقيمة 3 مليارات دولار، وشملت البنود الأخرى توسيع التعاون العسكري والاتفاق الهندي لشراء الغاز الطبيعى المسال، ما يعنى انتقال الهند مجددًا إلى مربع أمريكا كحصان طروادة داخل منظمة شنغهاي للتعاون.

3-أقل من أسبوعين على زيارة مودي لواشنطن، وفي 7 يوليوز طار رئيس الوزراء الهندي للقاء نظيره الإسرائيلي على شواطئ تل أبيب، فى زيارة تاريخية أعادت الدفء فى العلاقات السرية بين الموساد الإسرائيلي ووكالة الاستخبارات المركزية الهندية. الداهية «أجيت دوفال»، مستشار الأمن القومى للرئيس الهندي، هو مهندس التنسيق مع استخبارات تل أبيب، وهو من تبنّى عقيدة تحوّل السياسية الأمنية الهندية تجاه باكستان من الدفاع إلى الهجوم الدفاعي، ومهندس الضربات الجراحية الهندية فى باكستان سبتمبر 2016، ويقف وراء صعود المسلحين الموالين للهند في كشمير.
4-أسبوع على زيارة «مودي» تل أبيب، وفي خطوة استفزازية جديدة للصين. أرسلت الهند حشودًا عسكرية إلى منطقة «هضبة دوكلام» الحدودية المتنازع عليها بين الصين ومملكة بوتان، الجار الحليف للهند، وتربطهما اتفاقية أمنية، بذريعة منع طاقم بناء صينى من مدّ طريق بمنطقة دوكلام، والذي يؤثر بالسلب في أمن الشمال الشرقي للهند.
فى المقابل أرسلت الصين حشودا عسكرية مماثلة اتخذت مناطق تمركز لها على بعد أمتار قليلة من الحشود الهندية، في مشهد يمكن وصفة باستمرار حالة «اللاحرب – اللاسلم» بين الصين والهند. بالتأكيد إن كانت الدولة الأمريكية العميقة لا تسعى لخلق حرب مباشرة خاسرة مع الصين، فهى تعمل بجد على إشعال الحرب بين الهند والصين على جبال الهيمالايا.

5-وفى مواجهة طريق الحرير البحري للصين، تسعى الهند إلى قيادة عالم البحار والمحيطات، وإعادة تشكيل المحور الحضاري الهندي، وكأنما تريد نيودلهي استدعاء نسخة «ماكيندر للبحار» الخاصة بها، ولذا أعلنت الهند بدعم ياباني عن مشروع «ممر النمو الآسيوى الإفريقى» نوفمبر2016، والذى يركز على إنشاء ممرات بحرية جديدة تربط بين القارة الإفريقية والهند، وغيرها من البلدان في الجنوب الآسيوي، وجنوب شرقى آسيا. المشروع الهندى يستهدف إعادة التوازن الاستراتيجي مع الصين فى جنوب آسيا، وكذا مزاحمة النفوذ الصيني فى أدغال إفريقيا، إحدى الأسواق الواعدة. هكذا سيكون شكل الصراع القادم على رقعة الأوراسيا.. لا صراع من أجل الهيمنة والسيطرة على مقدرات الأمم، ونهب ثروات الشعوب، والتدخل فب شؤون الدول، وإسقاط الأنظمة الحاكمة التي ترفض الدوران في الفلك الأمريكي، بل يمكن القول إن الصراع في أنماطه الجديدة يشمل أطر التكامل الاقتصادي والمصالح المشتركة بين الدول ومساعدة شعوبها على التقدم والنمو والرخاء.
خلال سنة 2018 استطاعت الصين وروسيا ان تلتهم الهمد و تقنعها بالانخراط في مبادرة الحزام و الطريق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube