ثقافة وفنون

قطاف

  • يوسف سعدون

هم طاحونة تدور رحاها دون توقف..يضربون موعدا كل صباح عند باب القرية.تأتي شاحنة مهترئة لتجمعهم كالخرفان.تضيق بهم عربتها الخلفية المشرعة علىالرياح واﻷمطار..تتطاول أعناقهم لكي تسرق لمحة في اﻷفق الرمادي.تبادر عيشة:
-“ابن صاحب الضيعة دائما يتعقب خطواتي.يصرخ في وجهي كلما رفعت رأسي ﻷستنشق هواء أو أسترجع نفسا!”
يرد الخضير:
-“أنا رجل وأعرف مراميه،هو له أغراض أخرى.”
تعقب الطاهرة:
-“تذكرون إبنة الحاجة،ظل يتعقبها ويسلك معها نغس الشيء الذي يكرره مع عيشة.وحينما استفرد بها قرب الوادي،ظهر على حقيقته،لكنها صدته فوجدت نفسها خارج الضيعة.”
تعود عيشة و الرياح تلسع وجهها كلما ضغط السائق على البنزين:
-“لن ينال مني.ولو استوت السماء مع اﻷرض.”
من آخر التراكم البشري فوق العربة،يتدخل حميدة:
-“سأنتقم لك منه إن أعاد المحاولة،”
ترد الطاهرة:
-“هل هذه غيرة المتيم ؟”يضحكون،ثم يشرعون في ترديد أهازيجهم المفضلة ووصلات من الصلاة على النبي كعادتهم عبر كل رحلة.
حينما يسمعون احتكاك العجلات ،ويتوقف المحرك المتهالك..يدركون أنهم وصلوا للضيعة،
حينئذ،تلفظهم العربة كما تفعل بنفايات المدينة.يهرولون بصمتهم الرهيب بين اﻷشجار في الوقت الذي ينتصب ابن صاحب الضيعة أمامهم يحثهم على اﻹسراع باستئناف موسم القطاف وعيونه ترقب طريدته عيشة التي تفضل البقاء بالقرب من حميدة لعله يفي بوعده.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube