- إعداد : يوسف سعدون .
رغبة في التعريف بالفنانين التشكيليين العرب،يعتزم موقع حرة بريس تنظيم لقاءات مع مجموعة من المبدعين من اجل تقديم مسارهم الفني ورؤيتهم لواقع الفنون التشكيلية ..
نسعد اليوم بتقديم إسم كبير في الساحة المغربية والدولية هو الفنان القدير احمد بن يسف :
- من يكون الفنان احمد بن يسف ؟
أنا إبن الحاج محمد بن يسف والحاجة رقية الصوردو،من مواليد مدينة تطوان بتاريخ 26 اكتوبر 1945..
بدايتي كانت من تطوان حينما التحقت بمدرسة الفنون الجميلة خلال الستينيات،وكان الإقبال على هذه المدرسة ضعيف حيث لم يكن عدد الطلبة يتجاوز الستة في بعض المستويات،وهذه الوضعية كانت في صالحنا لأننا كنا نستفيد من توجيهات أساتذتنا كالمرحومين المكي مغارة وعبدالله الفخار وغيرهم.فكانت الفرصة سانحة للتمكن من التقنيةوالاضطلاع على المدارس الكلاسيكية.وهذا الهاجس سكنني طيلة مشواري الدراسي خصوصا بالمدرسة العليا للفنون الجميلة santa isabel de hungria بإشبيلية،
معارضي الفنية كانت منذ دراستي في السنة الأولى بإشبيلية،حيث نظمه معرضا برواق Ateneo de Sevilla وأنا لازلت طالبا.ومن بعده كانت الانطلاقة لكي يكون هناك معرض آخر في السنة الموالية برواق
club de la rabida
لكي أعود لتطوان بمعرض بقاعة المكتبة الإسبانية في الستينيات. ولازلت أستحضر أيضا تفاصيل معرض كانت تنظمة القنصلية الإسبانية تحت عنوان: “مدرسة تطوان للفنون التشكيلية”حيث حاول البعض من فناني تطوان حرماني من المشاركة فيه باعتباري طالبا،إذ كانت المشاركة في هذا المعرض تتم عن طريق الانتقاء من طرف لجنة من الفنانين المغاربة والإسبان،فزكاني كل الفنانين الإسبان على عكس المغاربة،فحسم القنصل العام في الأمر بتزكيته لي لكي تكون المفاجأة في الأخير بفوز لوحتي بالجائزة الأولى بعد تقييم لجنة أكاديمية متخصصة من إسبانيا.وفوزي هذافاجأ الجميع وفتح لي أبواب جامعة آشبيلية على مصراعيه وكذلك مساري الإبداعي العام .
مرحلة الدراسة في إشبيلية كانت مهمة حيث كنت متميزا وكان الكل يتنبأ لي بمستقبل فني زاهر.فكنت أنظم مجموعة من المعارض اهمها معرض برواق البرادو أطينيهو بمدريد سنة 1970 والذي لم يكن يفتح أبوابه إلا للمحترفين والأسماء الكبيرة.وعلى إثر هذا المعرض صرح الناقد الكبير كارلوس أريان ان تجربتي الفنية تسبق مستوى عمري.الكل استغرب لاستضافة هذا الرواق للوحاتي وانا لازلت طالبا..والغريب ان مجموعة من أساتذتي كانوا يودون العرض بهذا الرواق لكن طلباتهم كانت ترفض وقمت شخصيا بتزكية بعضهم.
مساري الإبداعي تميز أيضا بحصولي على ثلاثة جوائز للدراسات الفنية العليا في الصباغة الزيتية والرسم الكلاسيكي ومنحة للمناظر الطبيعية للإقامة بمؤسسة رودريغيز لاكوستا بغرناطة.
وبعد تخرجي،واجهت تحديا على المستوى الاختيار،إما امتهان التدريس الفني بإسبانيا أو بالمغرب،أو التفرغ للفن،فكان الاختيار الثاني والذي كان مغامرة،ولكنها كانت مغامرة مثمرة والحمدلله،لأنني انطلقت انطلاقة التحدي لإنجاح اختياري فاشتغلت بجدية فكانت المعارض عبر مختلف أرجاء المعمور، بعدما ركزت اهتمامي على المغرب وإسبانيا رغبة مني في تجسيد التواصل الفني بين الضفتين.
واهتماماتي التقنية لم تنحصر على الرسم والصباغة،بل تعدى ذلك لمجالات أخرى كالفنون الطباعية من ليتوغرافيا وسيريغرافيا وهي تقنيات تعمل على نسخ الأعمال الفنية وتمكين المتلقي منها بأسعار منخفضة على عكس الأعمال الاصلية،كما اشتغلت أيضابالنحت وأنجزت مجموعة من المنحوتات لبعض الجوائزالعالمية منحت لشخصيات مهمة ككوفي عنان وأردوغان.
وأهم عمل فني كبير قمت به هو إنجاز جدارية ضخمةبالسيراميك بواجهة ملعب أشبيلية،
بخصوص تجربتي في المغرب فأهم إنجاز أفتخر به هو طباعة لوحاتي على الأوراق المالية والقطع النقدية.وهذا الإنجاز مفخرة كبيرة بالنسبة لي.
اتت معروف بوجود الحمام في لوحاتك.وكأتها توقيع خاص بك. ما هو البعد الرمزي لهذا الطائر في اعمالك الفنية ؟
- أود أن أوضح أن قصة الحمام في لوحاتي جاءت صدفة ولا ترمز لتطوان كما يظن البعض..القصة ابتدأت من وحي لحظة بإحدى ساحات إشبيلية التي يتواجد بها الحمام بكثرة،حيث كنت هناك برفقة الوالدين رحمهما الله،فحطت حمامة على كتف الوالد،فثارني المشهد لما أضافته تلك الحمامة من من جمالية ودلالات رمزية لذلك المشهد،فجاءتني الفكرة لرسم الحمام في لوحاتي وذلك برغبة تلطيف أجواء اللوحة وإعطائها مسحة رمزية وتعبيرية..والحمام لا يصاحب لوحاتي دائما،فهو يحضر ويغيب حسب مواضيع الأعمال وهو ليس عنوان لتجربتي.
- لوحظ مؤخرا عودتك للعرض بتطوان ومدن الشمال..لماذا هذه العودة ؟
- تطوان لها الفضل الكبير في تنشأتي وفي مساري الإبداعي،والحنين إليها دفعني لتنظيم مجموعة من المعارض كان آخرها معرض برواق الفن لصاحبتة الصديقة الفنانة مريم أفيلال خلال سنة (2019),وهذا المعرض أردت من خلاله تجديد التواصل مع جمهوري وتقديم آخر أعمالي،وقد أسعدني ذلك الإقبال الكبير من مختلف مدن المغرب،وكذلك التغطية الإعلامية الكبيرة…كنا انه كانت لدي مشاريع أخرى لولا هذه الجائحة التي عطلت كل أنشطتي وبرامجي.
- ماذا يمكن ان تقول لنا عن واقع التشكيل بالمغرب ؟
يعرف التشكيل المغربي تنوعا في التجارب الفنية،لكن للأسف المناخ العام للممارسة التشكيلية غير مناسب لغياب فضاءات كافية للعرض وتقديم المنتوج الفني،لهذا يجب الانتباه إلى هذا النقص في القاعات العمومية بمختلف المدن.،وفي هذا الصدد أدعو وزارة الثقافة لبذل مجهود أكثر من أجل توفير كل شروط العرض وتحفيز الفنانين والإكثار من المتاحف صونا للذاكرة الفنية المغربية،حيث أن المتحف الوطني وكذلك مركز الفن الحديث بتطوان غير كافيان للقيام بهذا الدورالتوثيقي.واما عن القاعات الخاصة فهي بدورها تحتاج للدعم لكي تملأ الفراغ وتعوض النقص في البنيات التحتية.
ولتحفيز الفنانين،أدعو المسؤولين على الشأن الثقافي لتنظيم جائزة وطنية للفنون التشكيلية على غرار جائزة الكتاب.
- معروف عن اعمالك الفنية انها باهضة الثمن وليست في متناول كل عاشقي الفن، لماذا هذا الاختيار ؟
- هو الإسم من يصنع قيمة اللوحة..لأن الإسم يعكس قيمة العمل الفني ويختزل تاريخا ومسارا إبداعيا وبحثا فنيا للمبدع،وكذا مكانته في تاريخ الفن ومساهمته في الإضافات الفنية واعتراف النقاد المتخصصين به كفنان كبير..
أظن أن كل هذه العناصر متوفرة في تجربتي لتجعل قيمة لوحاتي في هذا المستوى.
-هل أثرت كورونا على تجربتك الفنية ؟
-بطبيعة الحال هذا الوباء أثر بشكل كبير على الحياة العامة لكل الناس وانا من بيتهم. التأثير السلبي هو تعطيل كل مشاريعي الفنية وتأجيل كل الالتزامات التي لدي مع بعض الجهات.ولكن رغم ظروف الحجر وتطورات الحالة الوبائية،فقد استغلت الفرصة لمواصلة طقوسي الفنية بمرسمي بإشبيلية حيث أتجز مجموعة من اللوحات…اتمنى ان يزول هذا الوباء قريبا حتى نسترجع حياتنا الطبيعية ومن خلالها حياتنا الفنية بكل تجلياتها ( معارض وحضور انشطة فنية و….)
-كلمة اخيرة :
شكرا لموقع حرة بريس الذي وراءه طاقم شاب وطموح يثوق لخدمة المواطن عبر إعلام جاد وهادف ومتنوع…