المرأة

جدلية الوطنية و التطبيع


الدكتورة ايمان سعدون

أمي كانت تسميني ابنة المسيرة الخضراء… ابنة سنة 1975… أمي تحكيلي عن رغبتها في الذهاب للمسيرة الخضراء لولا انني كنت رضيعة فاقنعوها في البيت أن لا تدهب لصغر سني… في عيد المسيرة الخضراء الكل في الاسرة يتذكر سني و كان هذا يسعدني جدا .. اليوم عيد المسيرة و عمرك عمر المسيرة الخضراء … ارتبط سني بيوم نفتخر به نحن المغاربة لانه يوم نعبر عن ارتباطنا العميق بقضية وحدتنا الترابية و مغربية الصحراء التي في قلوبنا وقلب اي انسان مغربي … مغربية الصحراء المغربية شيئ لا نقاش فيه هو من المسلمات … لاأفهم في الاستفتاءات والقرارات الدولية .. لكن تربيت أن الوطن غفور رحيم و أن الملك ملكنا و الصحراء صحرائنا ..

ذكرياتي في هذا العيد خروجنا في استعراض المدارس رافعين راية المغرب و راية دول العالم العربي و دولة فلسطين …و في الشارع نهتف شعارين الله الوطن الملك و الصحراء صحرائنا و الملك ملكنا … وبعد الاستعراض نقف لنستمع لخطب ممثلين الاحزاب و المجمتع المدني و هم يقولون كلماتهم امام عامل الاقليم … الكل يؤكد مغربية الصحراء و الكل يقول أن الوحدة الترابية قضية عادلة واننا كمغاربة لا نفرط في شبر من صحرائنا …. أبي اطال الله عمره كممثل لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية انذاك… خطبته كانت مغايرة لأنه بعد التأكيد أن الوحدة الترابية هي ليست مسألة للمواسومة كان يتوجه للعدالة الاجتماعية و فتح الحصار عن ابناء الشعب المغربي … أن تلتفت الدولة و الحكومة لقضايا الطبقة الشعبية و تحقيق التقدم في جميع مؤسسات الدولة و محاربة الرشوة و المحسوبية و الفساد

و في خطبته يوما قال الشعب المغربي “تعب من شد الحزام “……غلاء المعيشة على ابناء الشعب المغربي قضية مهمة و على الدولة أن تهتم بمطالب العدالة الاجتماعية .. كان الناس يصفقون له و كنا نعرف أن خطبته دائما تخرج على الخط في اتجاهها التقدمي… واخيرا كان دائما يذكر بعدالة القضية الفلسطينة و تضامن الشعب المغربي اللامشروط مع هذا الشعب العربي الأبي ضد آلة الضلم الامبريالي الصهيوني الاسرائيلي … لا أنكر ان عيد المسيرة بالنسبة لي كان اجمل الاعياد لكي أحتفل بصحرائنا و وطنيتنا و لكي أستمع لخطبة أبي و لكي ارجع للبيت وأجد أمي ذلك اليوم تذكرنا انه عيد وطني نخلده تخليد استثنائي بوجبة البيصارة مزينة بالزيتون الاسود، عدد سنوات المسيرة، و السردين المشوي و سلاطة الطماطم و البصل، وحينما نجلس حول المائدة تعاتب أمي أبي على خطبته “ما تلك الخطبة التي القيتها امام عامل الاقليم ؟ واش الطبل ديالك قلاق ؟ هل تريد أن تدخل للسجن .. أو يطردوك كما فعلوا فينا سنة تسعة و سبعين ؟ ” يضحك ابي و يقول “الخطبة فرصة لقول الحق .. لن افوتها”… و نحس بإنتشاء و افتخار بمغربتنا و ووطننا و قول الحق…. أمي تذكرنا أن البيصارة رمز طرطة عيد ميلاد إيمان بنت المسيرة كذلك …. و بعدها نستمع لأغاني النصر و خطبة الملك …. فتحت عيوني في بيت مشتغل بقضية العدالة …. العدالة لقضيتنا الوطنية و العدالة لقضية الشعب الفلسطيني الأبي و العدالة لحقوق الطبقة الشعبية و محاربة

جميع انواع الفساد و الزبونية و المحسوبية … هكذا تربيت … وتقاسمت هذه المبادئ مع كل ابناء جيلي … قضيتنا واحدة و اعتقادنا واحد و ميولنا واحد …. تربينا على اشعار محمود درويش و اغنية بين ريتا و عيوني بندقية …. تربينا على اغاني مارسيل خليفة التي كانت ممنوعة في المغرب … و حفضناها على ضهر قلب …. تربينا على صوت فيروز و تألمنا للشعب الفلسطيني و احببناه و دافعنا على قضاياه في المظاهرات الحاشدة و رأينا اطفال الحجارة و هم يندسون تحت اقدام الجيش الإسرائيلي الغاشم و بكينا حينما رأينا الطفل الذرة يموت بين دراع ابيه…. كإبنة من الشعب المغربي و كإنسانة حرة افكر ….تركز في حمضها النووي لكل خلية من خلايا جسمها مبدأ العدالة ….قضية الوحدة الثرابية و تحرير فلسطين لايمكن أن اساوم فيهما مهما كان …. هكذا أنا … هكذا هي مبادئي… و حتى حينما هاجرت الى انجلترا و عملت في ميدان البحث العلمي اخرج الطاقم الاكاديمي لجامعة كوليج لندن و جامعات اخرى عريقة بقرار مقاطعة اسرائيل حتى تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني ….قضية فلسطين مسألة عالمية…و التدخل الامريكي في هذه القضية لم يأتي الا بالحرب و تأجيج المشاكل…مساندتي للشعب الفلسطيني في قضية تحريرهم و الاعتراف بدولة فلسطين مسألة انسانية تربيت عليها و مؤمنة بعدالتها كما اؤمن بوحدتنا الترابية المغربية .. مغربية الصحراء و تحرير سبتة و أومن ان الاكسجين يحرق السكر في الخلايا ليعطينا طاقة ….لايمكنني الان ان اقبل بمن يشكك في وطنيتي فقط لانني ارفض أن اربط بين وحدتنا الترابية و قرار التطبيع مع اسرائيل فجأة و بدون انذار و لا استشارة مع ممثلين الشعب المغربي والاحزاب و لا حتى تهييئ نفسي للمغاربة اصدر القرار و تم الامضاءو التصوير و بعده التصفيق من وسائل الاعلام المغربي و تبعه هرولة الاحزاب المغربية بالاشادة بهذا القرار بدون شرح تداعياته او اعطاء الفرصة لأبناء الشعب أن يطرحون تساؤلاتهم ..ما مصلحة امريكا واسرائيل في الصحراء المغربية؟ مذا ستقدمه امريكا للمغرب ؟ هل ستطبع قرار مغربية الصحراء و تصدر فيتو في الامم المتحدة ام ستأتي لتأجيج حرب يمشي ضحاياها المغاربة و الضعفاء و يجني ثمارها من هم باعوا قضية الوحدة الثرابية فعلا …ولمذا نربطها بالتطبيع مع اسرائيل ؟ ولمذا الان تخرج بعض الاصوات لتعطي للمغاربة الاختيار إما ان تساند التطبيع او أن تسقط عنك وطنيتك…أنا لست ضد اليهود المغاربة الاسرائليين واعترف بحقهم في زيارة اراضي اجدادهم …هم من اختاروا الرحيل من أجل خلق الكيان الاسرائيلي….ما زلت اتذكر جدتي رحمها الله و هي تحكي لي عن صداقتها العميقة بيهود مدينة باب تازة و كيف انهم كانو اخوة يتقاسمون كل شيي لكن ما بين يوم و آخر رحلو جميعهم و كانت صدمة كبيرة لجدتي و للمسلمين … أمس كانو مغاربة و بعد ذلك أصبحوا من بني اسرائيل ..مع أن الكثير منهم من رفض الذهاب لإسرائيل و اختار البقاء في المغرب او الهجرة الى بلدان اخرى …. ارتباط المغاربة باليهود ارتباط ثقافي و تاريخي لا منازعات فيه .

كما ارتباطنا بقضية الوحدة الترابية و عدالة القضية الفلسطنية والشعب الفلسطيني و تحفضنا على نية الكيان الاسرائلي الصهيونى …. أنا لست ضد السامية…. أنا ضد ان توضع قضية الاعتراف باسرائيل في نفس كفة الوحدة الترابية و مساندة الشعب الفلسطيني …. لا اقبل الشونطاج ….الوحدة الترابية لن يأتي بها الامريكان و لابني اسرائيل ….الوحدة الترابية قضية وطنية دافع عليها المغاربة الاحرار في المسيرة الخضراء و مغاربة العالم في المحافل الدولية …..و أخيرا أقول من حقي أن لا اقبل المساومة … المغرب مغربنا و الصحراء صحرائنا … و عاش الشعب المغربي و الفلسطيني حر وأبي …. و الله الوطن الملك..


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube