الدروش يكتب *شراء الأصوات جريمة أخلاقية و جنائية وإستثمار سياسي إجرامي*

أسباب شراء الأصوات في الإنتخابات المغربيةظاهرة شراء الأصوات في الإنتخابات تعد إحدى أبرز مظاهر الفساد السياسي والأخلاقي التي تعاني منها العديد من البلدان خصوصا دول العالم الثالث ، ومن بينها المغرب. هذه الظاهرة ليست مجرد سلوك سياسي عابر، بل هي مشكلة منهجية تنبع من عوامل عدة تؤثر على العملية الإنتخابية وتضعف الديمقراطية. في الواقع، هناك مجموعة من الأسباب التي تجعل بعض السياسيين *تجار في فقر المواطن* المغاربة يصرون على إعتماد هذه الممارسات المرفوضة و المدانة :
1☆ ضعف الوعي السياسي لدى المواطن بسبب غياب الأحزاب السياسية و تخليها عن دورها الدستوري. تعاني بعض المناطق في المغرب من ضعف في الوعي السياسي لدى المواطنين، مما ينعكس بشكل مباشر على خياراتهم الإنتخابية. العديد من المواطنين لا يهتمون بالبرامج السياسية أو بالمؤهلات الحقيقية للمرشحين، ويكتفون بالمقابل المادي أو الخدمات العينية *القفة* التي يُعرض عليهم مقابل تصويتهم. هذا يأتي نتيجة لغياب أحزاب سياسية حقيقية تمثل تطلعات المواطنين وتقوم بالترافع عن قضايهم وتساهم في نشر الوعي السياسي، إضافة إلى حالة الفقر والجهل التي يعاني منها البعض.
2☆ الظروف الإقتصادية الصعبة و جشع لوبيات المحروقات و العقار و الأدوية و المصحات و المواد الإستهلاكية و أشياء أخرى .يشكل الفقر والتهميش السياسي و الإقتصادي أحد أبرز العوامل التي تجعل المواطنين عرضة لشراء الأصوات. العديد من الأشخاص يعيشون تحت خط الفقر، في ظل عدم توفر فرص تشغيل كافية، مما يجعلهم في وضعٍ يُجبرهم على قبول المال مقابل التصويت. هذا الوضع يعكس إخفاق الحكومة و الأحزاب و النقابات والإعلام و المجتمع المدني في معالجة قضايا البطالة والتنمية الإقتصادية، مما يفتح الباب أمام شراء الأصوات كوسيلة لتحقيق مصلحة شخصية للكائنات الإنتخابية و الحزبية الضيقة و المواطن و مصالحه للجحيم .3 ☆ التنافس السياسي الشديدفي ظل وجود عدد كبير من الأحزاب السياسية والمرشحين الذين يتنافسون على نفس الدوائر الإنتخابية، قد يلجأ البعض منهم إلى إستخدام المال الحرام كأداة للتأثير على نتائج الانتخابات. هذا التنافس الشديد يخلق بيئة يُشجع فيها بعض السياسيين تجار الإنتخابات على ممارسة هذه السلوكيات من أجل ضمان الفوز، وبالتالي الدفاع عن مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة.
4☆ غياب الرقابة والإرادة السياسية.على الرغم من وجود قوانين تمنع شراء الأصوات، إلا أن تطبيق هذه القوانين غالبًا ما يكون ضعيفًا أو منعدما. هناك نقص في الرقابة على العملية الإنتخابية، وتواطؤ في بعض الأحيان من السلطات المحلية التي قد تسهل هذه الممارسات والسلوكات الإجرامية ، مما يتيح للسياسيين إستغلال الوضع لتحقيق مصالحهم الإنتخابية. غياب الإرادة السياسية الحقيقية من قبل الطبقة الحاكمة يساهم أيضًا في إستمرار هذه الظاهرة.
5☆ إنعدام الثقة في العملية الإنتخابية .في بعض الأحيان، يشعر المواطنون بعدم جدوى التصويت في ظل نتائج الإنتخابات التي قد تبدو محكومة مسبقًا. هذا الشعور بفقدان الثقة في العملية الديمقراطية و السياسيين يدفع البعض إلى قبول المال مقابل التصويت، لأنهم لا يرون أن أصواتهم ستُحدث أي فارق خصوصا أن جميع الأحزابقد جربت و ثركت ورائها كوارث. هذه العقلية تتعزز بسبب غياب الديمقراطية الداخلية في الأحزاب السياسية و تهميش الأطر و الأصوات الحرة و المبدعة و المستقلة ، وكذلك تراجع دور هذه الأحزاب في التأطير السياسي للمواطنين.—كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة؟من أجل معالجة هذه الظاهرة وتقليص تأثيرها على العملية الإنتخابية، لا بد من إتخاذ عدة تدابير:
1. تعديل مدونة الانتخابات: يجب تحديث قوانين الإنتخابات لتشديد العقوبات على ممارسات شراء الأصوات وتفعيل آليات الرقابة بشكل أقوى لضمان نزاهة الإنتخابات. 2. تحسين الشفافية وتعزيز الوعي السياسي: من المهم تعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين، من خلال تنظيم حملات توعية تهدف إلى نشر الثقافة الديمقراطية وتشجيع المواطنين على التصويت بناءً على قناعاتهم وليس لمصلحة مادية.
3. إجراء إنتخابات جهوية: يمكن أن تساعد الإنتخابات الجهوية على تقليل تأثير المال الحرام في العملية الإنتخابية، من خلال تخصيص لوائح إنتخابية محلية تكون أكثر إرتباطًا بالمواطنين وتحتاج إلى موارد مالية أقل.
4. الرقابة الفعالة على الإنتخابات: لا بد من تعزيز الرقابة على العملية الانتخابية، وتفعيل آليات لمحاسبة المخالفين، سواء كانوا سياسيين أو موظفين في السلطة المحلية.خلاصةشراء الأصوات ظاهرة خطيرة تؤثر على نزاهة الانتخابات و الإتجار في البشر وتؤدي إلى تفشي الفساد. من خلال تطبيق قوانين صارمة، وتطوير الوعي السياسي، وتعزيز الشفافية، يمكن تقليص هذه الظاهرة وتوجيه العملية الإنتخابية نحو مسار ديمقراطي حقيقي يعكس إرادة الشعب.
*من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى
*عزيز الدروش فاعل سياسي و جمعوي
