محطات إنسانيةمستجدات

المرحومة فاطمة …وأزمة القيم المؤسساتي والوطنية الهشة

عبدالحي كريط

علم موقع المركز الاوروبي للاعلام الحر ( حرة بريس) من خلال مصادر اعلامية إسبانية أن السيدة فاطمة ذات السبعة والثلاثين عاما قد فارقت الحياة وفي ريعان شبابها ، العاملة بحقول الفراولة في منطقة هويلفا باءقليم الأندلس قبل ثلاثة أيام وهي تصارع المرض والألم والقهر ، وحيدة منبوذة في كوخها المهترئ  تاركة ورائها اطفالها الثلاث و أسرة في المغرب كانت هي المعيل الوحيدة لهم

ماتت فاطمة ولازال جثمانها إلى هذه اللحظة في مستشفى باسكيز دياز في هويلفا دون أن يتولى أحد مسؤولية إعادتها إلى وطنها لامن الجانب المغربي ولا من الجانب الإسباني وهنا نطرح أكثر من علامة استفهام. ..أين هو دور المصالح الاجتماعية للسفارة والقنصلية المغربية في إسبانيا؟  أين هو دور منظمات المجتمع المدني المغربية المنتشرة بربوع التراب الإسباني؟ أين هو دور المحامين المغاربة المقيمين في إسبانيا لتولي قضية هذه المواطنة المغربية للدفاع عنها في المحاكم الإسبانية لرد اعتبارها المادي والمعنوي تجاه المصالح الاجتماعية الإسبانية التي لم تتكفل بالراحلة فاطمة في استخلاص مستحقاتها من الشركة المشغلة لها في حقول الفراولة.

ماتت فاطمة دون أدنى مسؤولية وللامبالاة من المصالح الخارجية لوطنها ودون أي تحرك سريع للتدخل وإنقاذ مايمكن إنقاذه على الأقل لحفظ ماء وجه مؤسساتنا في الخارج التي أضحت عرضة للانتقادات الإعلامية بالضفة الشمالية وهذا لا يخدم صورة المغرب الخارجية في الشق الاجتماعي علما ان جلالة الملك محمد السادس جعل من الجالية المغربية أحد لبنات ومكانزمات سياسيته التنموية وشدد على دورها الاساسي في الدولة ،لكن يبدوا ان توصيات صاحب الجلالة لاتؤخذ على محمل الجد من المصالح الخارجية ومجلس الجالية والذي على مايبدوا انهم يحتاجون إلى إعادة تأهيل وتدريب في معنى الوطنية بمفهومها الشامل والأعم وليس بمفهومها الفئوي الضيق الذي لايخدم تطلعات المواطنين.

ماتت فاطمة وأضحت إحدى القصص المأساوية المسطرة في ذاكرة الجالية ،إنها أشبه بقصص كتاب  منبوذون بلا أرض الصحافية الإسبانية يولاندا ألفاريز والتي كنت أجريت معها حوارا قبل أسابيع حول مآسي واكراهات المهاجرين واللاجئين من مختلف الجنسيات في دول الشمال ،ويبدوا أن فاطمة إنضمت إلى ركب هذه القصص الواقعية ولن تكون  الأخيرة.

ماتت فاطمة بينما هناك الكثير من منظمات المجتمع المدني وعدة جمعيات مغربية في إسبانيا لازالت تفكر بمنطق وحيز  جد ضيق في خدمة قضايا وتطلعات الجالية في شقها الاجتماعي حيث أن أغلبها يتجه نحو عملية تعزيز الارتباط الديني في المساجد باءسبانيا من خلال توفير الزرابي ..الخ دون أي رؤية جادة في خدمة الجالية تضامنيا لأن انقاذ روح والتنفيس عن كربة شخص أهم من ألف مرة من دور العبادة وهذا يطرح اشكال أخلاقي لدى العديد من الجمعيات التي تدعي أنها إسلامية بينما حقيقة أنها  جمعيات تخدم أطراف معينة كسبيل للتجارة والاسترزاق الشخصي بعيدا عن مفهوم التآزر والتكافل ببعدها النبوي الإنساني.

ومن المضحكات المبكيات انه بعض مضي اكثر من الف عام على وفاة الشاعر المتنبي لا زلنا نكرر بيته الشعري المشهور ولا زالت غايتهم حف الشوراب وتقصير الثياب وكسوة المساجد بينما الإنسان هو المكرم عند الله ويحمل نفخته الإلهية وهو الأولى بالمساعدة والاهتمام.

لروحك السلام يافاطمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube