الضوء” فيلم المخرج الألماني توم تيكوير يفتتح مهرجان برلين السينمائي في دورته ال 75″

“الضوء العربي وأزمة العائلة الألمانية”
برلين : محمد نبيل
المخرج توم تيكوير يفتتح مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الخامسة والسبعين بفيلمه الجديد “الضوء”، الذي انتظره النقاد والصحفيون، خاصة الألمان منهم.المخرج يرسم من خلال ” الضوء” صورة قاتمة عن العائلة الالمانية ويضع أفقا سينمائيا للخروج من النفق : الضوء الذي تتحكم فيه امرأة عربية اسمها فرح . الضوء مصدره عائلة سورية لاجئة والسبيل هو حل أزمة عائلة ألمانية. الفيلم يطرح اكثر من سؤال حول علاقة الذات الالمانية بالغير المختلف ثقافيا ، و يحكي بطريقة غير معتادة عن هذه العلاقة المركبة و المعقدة ، لعل المخرج وصل الى قناعات فكرية أو سينمائية جديدة ، فهو الذي يقول لصحيفة الزمن الألمانية : “المسار في فيلم “الضوء” طويل جدًا، وعليك أن تعمق أفكارك مع عدد لا يصدق من الأشخاص وأن تجمع كل هذه التأثيرات معًا بطريقة ما . وفي هذه العملية، ما أفضل أن أسميه المعقولية أو الصدق ، يمكن أن يسقط أحيانًا على جانب الطريق. لكن هذه المرة، بعد 30 عامًا من صناعة الأفلام، أردت أخيرًا أن أحقق ذلك بشكل صحيح”.يحكي شريط الضوء عن قصة عائلة إنجلز. هي عائلة ألمانية من الطبقة المتوسطة تعيش جنبًا إلى جنب وتحت سقف واحد لكن لا يجمعها شيء وهي غير مترابطة الى حين تدخل خادمة تدعى فرح (تالا الدين) إلى حياتهم. يطل المخرج على روح عائلة مكونة من أربعة أفراد في برلين. الزوج، الذي يلعب دوره الممثل لارس إيدنغر، ويعمل مستشارًا في شركة تجارية كبيرة، وزوجته (نيكوليت كريبيتز) التي تدعم مشروع مسرح للأطفال في كينيا. تضع فرح ، هذه المرأة الغامضة القادمة من سوريا، عالم عائلة إنجلز أمام اختبار غير متوقع، وتسلط الضوء على مشاعر كانت مخفية منذ فترة طويلة. الضوء هو رمز للاكتشاف والتعرف على الذات، بل هو الجانب الغائب في حياة العائلة الألمانية التي فقدت روحها وتشبثت بكل مظاهر الحياة المادية.نقد المخرج للعائلة الألمانية يعري كما قالت الصحافة الألمانية عن انعدام اليقين السياسي لديه وهو المعروف بالكثير من الاعمال السينمائية التي تركت بصمات في تاريخ الفن السابع كفيلم العطر الذي انتجه عام 2006 . الضوء جزء من التجربة الذاتية للمخرج. ، وفي هذا السياق، يقول تيكوير: “يحتوي الفيلم على الكثير من تجربتي، ولكن ليس بالضرورة من حياتي الشخصية. في جيلي وفي دائرتي الكبيرة نوعًا ما، يعاني الكثير من الناس من أسئلة ومشاكل مماثلة.”عندما نشاهد فيلم “الضوء” نرى كيف صور المخرج لحظات انهيار العائلة الألمانية (اجهاض مراهقة ، إدمان على لعب الفيديو و المخدرات.. ) و لا يوجد مخرج من الورطة الا على يد فرح اللاجئة التي تستقدم آلة ضوء تستحضر من خلالها عوالم روحية تفتقدها العائلة وهي من يعبد الطريق لاكتشاف الذات.. وكأن المخرج يريد أن يقول بأن الغير هو مرآة الذات الألمانية . الغير هو لربما الخلاص من الفوضى التي يصفها المخرج مرة أخرى في تصريحاته للصحافيين: البيئة، والاقتصاد، والحياة اليومية، والأمن السياسي. بالنسبة لي أيضًا، هذه أكبر فوضى مررت بها في حياتي. لم أشعر قط بعدم الأمان كما أشعر به اليوم. الكثير من الأشياء التي كنت أعتقد أنها مؤكدة أصبحت غير مؤكدة. وعلى من يقع اللوم؟ لا أستطيع أن أقول أن اللوم يقع على الآخرين بطريقة ما. كلا، لقد كنت في وسطها تماماً، كما أنني كنت سأعرف نفسي كصانعها.”فيلم الضوء اشتغل عليه المخرج خلال ثلاث سنوات، وهو فيلم فيه الكثير من الكفاح ويطرح قضية الهجرة التي يقول عنها المخرج بأنها “تمثل قلقا كبيرا بالنسبة لنا في الوقت الحالي.” لكن صورة المهاجرة و اللاجئة تظل الى حد إيجابية بالرغم من بعض الصور النمطية التي تجتاح الشاشة و النص . ففرح ينظر اليها المخرج توم تكوير ” كمثال للمرأة المهاجرة المستقرة جدًا في هذا العالم. فهي لا تفي بكليشيهات الضحية، ولا تمارس إيماءة ضبط النفس. إنها واثقة من نفسها وعلى قدم المساواة مع شخصيات الفيلم. السؤال الذي يطرحه الفيلم: هل يمثل بداية القطيعة مع الصور النمطية التي تسود في الشاشة السينمائية الغربية عند تصوير المهاجرين العرب؟


