نشرت اليوروبول تقريرا مفصلا حول وضع الأداء الإعلامي للحركات الجهادية في عام 2023، حيث شهدت الدعاية الجهادية عبر الإنترنت تحولات كبيرة، حيث ركزت التنظيمات الإرهابية الكبرى مثل القاعدة وداعش على تبني استراتيجيات جديدة للتكيف مع التحديات المتزايدة، بما في ذلك تراجع قادتها وتضاؤل نفوذها على الأرض. ومع ذلك، ظلت هذه الجماعات نشطة في استغلال الأحداث العالمية لتعزيز خطابها المتطرف وحشد الدعم لأنشطتها.
تحديات القاعدة ولامركزية القيادة
أثرت وفاة أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، في يوليو 2022، على قدرة التنظيم على الحفاظ على وجوده الإعلامي. وشهد التنظيم تحولاً نحو قيادة لامركزية، حيث تولى فرعه في جزيرة العرب (AQAP) دورًا محوريًا في نشر الأيديولوجيا الجهادية عالميًا. كما عززت فروع التنظيم، مثل الشباب في الصومال والقاعدة في المغرب الإسلامي، أنشطتها الإعلامية محليًا، مما يعكس استراتيجيات ميدانية تركز على استغلال الظروف الإقليمية.
تراجع نفوذ داعش: قوة الأيديولوجيا تتفوق على الحضور الميداني
رغم الانخفاض الكبير في الأنشطة الميدانية، استمر تنظيم داعش في استهداف المجتمعات المسيحية في إفريقيا ضمن جهوده لتوسيع نفوذه. كما ركزت دعايته على مجلة “النبأ” لإعادة تأكيد فكر التنظيم ودعوة أتباعه للعمل كذئاب منفردة، خاصة في ظل تراجع الهجمات المنظمة.
عملية “طوفان الأقصى”: تحول محوري في الدعاية الجهادية
كان الهجوم الذي شنته حركة حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 نقطة تحول كبيرة في الخطاب الجهادي. أطلقت الجماعات الإرهابية، بما في ذلك القاعدة، موجة من الدعاية لدعم العملية، معتبرة إياها خطوة استراتيجية لتحرير فلسطين. وشهدت الفترة التي تلت الهجوم تحالفات غير متجانسة بين فصائل سنية وشيعية، أبرزها الحوثيون في اليمن، الذين استهدفوا سفنًا مدنية بزعم ارتباطها بإسرائيل.
استغلال الأحداث العالمية لتعزيز الخطاب
شهد عام 2023 عدة أحداث استغلتها الجماعات الجهادية لتعزيز دعايتها:
- حرق المصحف الشريف في أوروبا: أثار هذا الحدث دعوات للانتقام من المسؤولين، مع التركيز على استهداف الدول الغربية.
- زلزال تركيا وسوريا: انتقدت الجماعات الجهادية الاستجابة الدولية للكارثة، واستغلتها لتأكيد “تخاذل” العالم الإسلامي في دعم المجتمعات المتضررة.
الدعاية كأداة للتجنيد والتأثير
رغم التراجع العام في الأنشطة الإرهابية، استمرت الجماعات في استخدام الدعاية كأداة مركزية للتأثير على الجماهير وحشد الدعم. حيث ركزت على رسائل الوحدة الإسلامية، واستغلال المظالم المحلية، وانتقاد السياسات الغربية والعربية، مما يعكس استراتيجيات مرنة تسعى للبقاء ذات صلة في المشهد الجيوسياسي المتغير.
خلاصة
يكشف تقرير يوروبول لعام 2023 عن أن الدعاية الجهادية عبر الإنترنت لا تزال أداة رئيسية للجماعات الإرهابية، رغم التحديات الميدانية التي تواجهها. من خلال استغلال الأحداث العالمية واعتماد استراتيجيات مرنة، تسعى هذه الجماعات للحفاظ على نفوذها، مما يبرز أهمية تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب عبر الإنترنت ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف.