حيمري البشير

ماذا ننتظر من الرئيس ترامب ؟

يبدو أن الرئيس ترامب الذي يعلق عليه البعض آمالا كبيرة لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط وإنصاف الشعب الفلسطيني بالإعتراف بالدولة الفلسطينية ينتظرون  في الحقيقة  المستحيل،بعد تصريحاته الأخيرة، التي أدلى بها في حملته الإنتخابية لإقناع اللوبي الصهيوني للتصويت عليه ،ومعلوم أن اللوبي الصهيوني مسيطر على الإعلام والإقتصاد في الولايات المتحدة ومحابات اللوبي هو خيار لابد منه لترجيح كفة الرئيس المقبل إلى  البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة  ،وموقفه من  القدس  اليوم  أنها يجب أن تبقى عاصمة أبدية لإسرائيل،وهو يعلم علم اليقين أن القدس ليست ملكا لإسرائيل ،بل مهبط الديانات السماوية الثلاثة  وفيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين ومسرى الرسول (ص)  وكنيسة القيامة .أنا متأكد أنه دارس لتاريخ القدس وتصريحاته استفزاز لمشاعر المسلمين أينما كانوا وسيخسر  لا محالة العلاقات مع الدول الإسلامية،وسيولد موقفه المنحاز مزيدا من الكراهية اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية،تصريحات ترامب الأخيرة عن القدس هي دغدغة لأصوات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة،وفي حالة فوزه في الإنتخابات المقبلة ،فسوف يؤجل تحقيق الإعتراف بالدولة الفلسطينية،وإدامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .ترامب لم يكتفي بهذه التصريحات المستفزة ليس فقط للشعب الفلسطيني ،بل لكل المسلمين ودعاة السلم والسلام في العالم،فهو عندما يندد بالهجوم المجهول على الجولان المحتل ، الذي ذهب ضحيته حوالي خمسة عشر فهو يزكي أولا احتلال إسرائيل لهذه المناطق السورية،وتحاشيه لحد الساعة التنديد بالمجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة والتي ذهب ضحيتها لحد الساعة أكثر من ثمانية وثلاثين ألفا  شهيد وشهيدة ،غالبيتهم أطفالا ونساءا وشيوخا كانوا يؤدون الصلاة في المساجد التي دمرها الإحتلال الغاشم .يعتبر انحياز لإسرائيل بل استفزازا للشعب الفلسطيني وكل دعاة السلام في العالم.إن مايجري في غزة من انتهاكات جسيمة وعجز المجتمع الدولي وقف المجازر في قطاع غزة  وتفعيل وتطبيق القرارات التي أصدرتها محكمة العدل الدولية يزيد من انتشار  الكراهية .إن مايتعرض له سكان غزة من قتل وتجويع ،وفشل المجتمع الدولي إيقاف مايتعرض له الشعب الفلسطيني  يولد العنف المضاد والكراهية اتجاه من يرتكب المجازر في  حق السكان العزل ،اليوم فقط ارتكب الجيش الإسرائلي مجزرتين في رفح.

لا يخفي ترامب موقفه الداعم لحرب إسرائيل في القطاع، ومطالبتها بالإسراع في إنهائها، لأنها تتسبب لها بخسارة معركة العلاقات العامة، كما ورد في مقابلته مع صحيفة “إسرائيل اليوم” بتاريخ 25 مارس/آذار 2024، والتي طالب فيها بإدارة أكثر دهاء للجرائم الإسرائيلية، إذ قال “كل ليلة أرى مباني تسقط على الناس، وقيل إن هذه المشاهد قدمتها إسرائيل من خلال وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأنا أقول: لماذا يقدمون هذا؟ إنها صورة سيئة.. افعلوا ما يتعين عليكم القيام به، لكن لا ينبغي للناس أن يروا ذلك”!

كما أنه تهرب من سؤال مجلة تايم له بشأن ما إذا كان سيحجب المساعدات عن إسرائيل إذا لم توقف الحرب، إلا أنه دعم لاحقا ما أسماه حق إسرائيل بمواصلة “حربها على الإرهاب”، وذلك لدى لقائه بالمانحين اليهود بتاريخ 14 مايو/أيار 2024 وفقا لما سربته صحيفة واشنطن بوست عن ذلك اللقاء.

وأكد ذلك علنا في مناظرته الأولى مع بايدن التي قال فيها إن إسرائيل هي الطرف الذي يريد الاستمرار في الحرب، وأن على بايدن “ترك إسرائيل لتكمل مهمتها، لكنه لا يريد أن يفعل ذلك”. 

رؤية ترامب لما بعد الحرب

وفي مقابلة نشرتها مجلة “تايم” الأميركية في 30 أبريل/نيسان 2024 صرح ترامب بأنه “في وقت ما، كنت أعتقد أن حل الدولتين قد ينجح، والآن أعتقد أن ذلك سيكون صعبا للغاية.. أعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية تحقيقه”.

وحذر جيريمي بن عامي رئيس منظمة جي ستريت -اللوبي الديمقراطي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة- من أنه “مع وجود ترامب وفانس في البيت الأبيض، فإن اليمين الإسرائيلي سيحظى بدعم كامل من الولايات المتحدة لخيالاته الأكثر جنونا، ومنها الانقلاب القضائي، وضم الضفة الغربية، والمستوطنات في غزة والمواجهات العسكرية مع حزب الله وإيران”.

وكان جاريد كوشنر صهر ترامب صرح في 15 فبراير/شباط 2024 بأن حدود غزة ليس بالضرورة أن تبقى ثابتة، بل من الطبيعي أن تتغير، منوها بالأهمية الاقتصادية للواجهة البحرية للقطاع. وردا على سؤال عما إذا كان ينبغي للفلسطينيين أن يكون لهم دولتهم الخاصة، وصف كوشنر الاقتراح بأنه “فكرة سيئة للغاية” و”ستكون في الأساس مكافأة لعمل إرهابي”.

وفي حين يدعم ترامب مساعي تحييد وتصفية القضية الفلسطينية، فإنه من المستبعد أن يقبل بأي سلوك إسرائيلي يؤدي إلى توريط الولايات المتحدة في حرب في المنطقة، أو إعاقة تشكل تحالف إقليمي يخفف من العبء الملقى على الولايات المتحدة لحماية مصالحها في المنطقة.

ومما يعزز هذا الأمر النزعة الانعزالية والحذرة في الإنفاق على الحروب البعيدة عن الولايات المتحدة، وهو ما تؤكده التصريحات الحديثة لترامب بشأن تمويل الحرب في أوكرانيا، وهو موقف فريقه اليميني أيضا، إذ كان نائبه فانس واحدا من 15 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ صوتوا ضد حزمة المساعدات الأميركية لإسرائيل في 24 أبريل/نيسان 2024، والتي قاد ترامب، في حينه، حملة لتأخيرها إلى حين إقرار رزمة أخرى تتعلق بالحدود.

حيمري البشير بتصرف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID