كتاب حرة بريسمستجدات

سياسة التعليم، إرادة أم تطبيق 

بقلم: عمر بنشقرون

.إن قطاع التعليم بمملكتنا الشريفة اهم القطاعات التي اوليت لها كل الاهتمام خلال الربع الأول من القرن الواحد والعشرين. فلقد حظي باهتمام خاص من طرف صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وأيده، لكن وإلى اليوم يبقى تطوره ليس بالضرورة رهينا بالارادة التي اوليت له، بل بالقرار الصارم الذي يجب الجزم فيه. فماذا نريد حقيقة في مدارسنا؟ تعليما عربيا، فرنسيا أم عربيا انجليزيا؟ ولم لا عربيا إسبانيا؟ ومن المسؤول الحقيقي عن القطاع؟  هل وزارة التعليم أم وزارات متعددة متشابكة؟ ولكي لا أخوض في مسألة نوعية التعليم المراد اتباعه في بلدي لأنها رؤيا تبقى شخصية، لكنني أود من خلال مقالتي هاته القول بأن قطاع التعليم لا يسير من طرف وزير التعليم لوحده بل يدبر كذلك من طرف وزيرا المالية والداخلية، فلهما قدرات ليست لوزير التعليم. وهناك عدة قرارات متشابكة اجتماعية-اقتصادية تؤثر على القطاع.ان رهانات وتحديات نظام التعليم بمغربنا الحبيب موضوع مهم للغاية ويستوجب منا حل لغزه المركَّب، فليس هناك سبب واحد في تأخره، بل أسباب متعددة، وفاعلون متعددون. ولا يمكن أن نتحدث عن التعليم بالاستناد إلى بعض العوامل فقط، بل ينبغي أن نولي لكل عاملٍ وزنه، وإلا لن نعرف بطريقة متوازنة الإشكال المطروح والحلول التي يستلزم اتخاذها وتدبيرها على أرض الواقع. فلا يمكن أن نترك التعليم معزولا بل ينبغي أن يُرى في إطار أوسع بكثير. والسياسة التعليمية تكون بعيدة المدى و رؤاها تفوق المدة الزمنية التي تستغرق سياسة الحكومة و التي لا تتعدى 5 سنوات. فكيف نريد تحقيق سياسة تعليمية في أفق قريب؟ وأخذا بالنموذج الكوري الجنوبي الذي كانت له سياسة مستمرة على مدى ثلاثة عقود من الزمن تحسّن فيها وضع التعليم تدريجيا من الدراسة في الخيام إلى أن وصل إلى ما هو عليه اليوم؛ يمكننا الاستعانة بتلك التجربة التي حققت غايتها بل أصبحت نموذجا عالميا تهتدي به الدول. علاوة على ذلك، فلا الهدر المدرسي ولا الأسباب المادية ولا أسباب النقل أسباب حقيقية للمشاكل التي يتخبط فيها قطاع التعليم في مغربنا الحبيب، بل المشكل الحقيقي هو عدم محبة المدرسة. فإذا طُرح سؤال على تلاميذ لِمَ لا نُحب المدرسة؟ فسيكون سؤالا مختلفا يتطلب جوابا وأجوبة مختلفة، وبالتالي إذا لم ننتبه له لن نصل إلى حلّ. أما عن رذاءة التعليم: فحدث فلا حرج عليك، لا المقررات الدراسية التي تحددها الوزارة و التي يصعب على المعلم (دون الخوض في مشاكله) حتى إتمامها هادفة و لا الأهداف التي خلقت لأجلها ستتحقق! لأننا نكون اجيالا ناشئة غير مثقفة، لا يستطيع المتعلم تحرير حتى انشاء، لا باللغة العربية أو انشاء باللغة الفرنسية أو بلغة اجنبية معينة يضاهي المستوى الدراسي الذي يتبعه. على عكس المدرسة الأجنبية بالمغرب، فهي تنتج أجيالا تعي ما يستوجب اتباعه و واعية باهدافها وتعمل بجد على اخراج ملكاتها وتحديد توجهاتها.كما أن من بين المحددات المجتمعية في مغرب اليوم، لا يوجد تقريبا أمل لخروج التلميذ من الوضع الاجتماعي الذي وُلد ونشأ فيه، إذا لم يكن أبواه درسا الباكالوريا أو درسا في الجامعة. إذن، وجب على كل القطاعات المعنية والجهات العليا في مملكتنا الشريفة النظر في استراتيجية تقويمية لنظام التعليم والخروج به من النفق المظلم الذي ينغمس فيه إلى طريق الصواب والتنمية التي طالما حلم بها المعلم والمتعلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube