المشاركة السياسية لمغاربة كطالونيا في الانتخابات المحلية لعام 2023
إعداد : المصطفى القادري اليملاحي ـ لندن
تعد المشاركة السياسية للمهاجرين أمرًا حاسمًا في بناء المجتمعات المتعددة الثقافات. وفي إقليم كطالونيا، يلعب المغاربة دورًا هامًا في الحياة السياسية والاجتماعية حيث تعد الانتخابات المحلية لعام 2023 فرصة مهمة للمغاربة المقيمين في كطالونيا للمشاركة في صناعة القرار وتحديد مصير المجتمعات التي يعيشون فيها.
تمتاز كطالونيا بتنوعها الثقافي واللغوي، وتعتبر برشلونة، العاصمة الاقتصادية والثقافية للإقليم، واحدة من أكثر المدن تعددًا في أوروبا. وفي هذا السياق، يلعب المغاربة دورًا بارزًا في تشكيل جزء هام من الهوية الثقافية لكطالونيا وتعزيز التنوع والانفتاح.
توفر الانتخابات المحلية منصة حاسمة للمغاربة للتعبير عن مصالحهم وتطلعاتهم وتمثيل مجتمعهم. وتتضمن الانتخابات المحلية اختيار السلطات المحلية والمجالس البلدية والقروية، والتي تتخذ القرارات المتعلقة بالخدمات العامة المحلية والتخطيط العمراني والتعليم والصحة والثقافة.
من الجدير بالذكر أن ما يناهز ربع مليون من المغاربة يشكلون مجموعة كبيرة ونشطة في كطالونيا. يحتوي الإقليم على مجتمع مغربي متنوع يشمل العديد من الأجيال والمهن والخلفيات الثقافية. وقد استفادت العديد من الجمعيات المغربية في كطالونيا من الفرصة لتعزيز الوعي السياسي وتشجيع المشاركة المدنية للمغاربة.
بصفة عامة، فإن المغاربة يتطلعون إلى المشاركة السياسية في كطالونيا لتحسين ظروف حياتهم وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية ويعتبر التمثيل السياسي للمغاربة في السلطات المحلية أمرًا حيويًا لضمان تلبية احتياجاتهم ومطالبهم وتعزيز قضايا هامة تهم المجتمع المغربي في كطالونيا.
لتحقيق ذلك، يمكن للمغاربة كطالونيا المشاركة في العديد من الأنشطة السياسية والاجتماعية المختلفة، مثل الانضمام إلى الحزب السياسي المفضل لهم أو تشكيل تحالفات مع المجتمعات الأخرى لتعزيز مصالحهم المشتركة. يجب أيضًا تعزيز التوعية والتثقيف السياسي بين المغاربة لزيادة فهمهم للعملية الانتخابية وأهمية مشاركتهم فيها.
في هذا السياق، تعد السيدة نعيمة العرفة واحدة من الشخصيات الفاعلة جمعويا في كطالونيا، والتي لعبت دورًا هامًا في تسهيل عملية الاندماج للمواطنين ذوي أصول مغربية. تجسد تجربتها حجم الدور الذي يمكن أن تلعبه المبادرات المجتمعية في تعزيز التواصل والتفاهم بين مختلف الثقافات وتحقيق التنمية الشاملة.
تأسست جمعية جذور وفروع للتنمية والتعاون بكطالونيا، التي تقودها السيدة نعيمة العرفة، بهدف توفير الدعم والمساعدة للمغاربة المقيمين في كطالونيا وتسهيل عملية اندماجهم في المجتمع المحلي. من خلال إطلاق برامج ومشاريع متنوعة، تعمل الجمعية على تعزيز التواصل الثقافي وتعليم اللغة وتوفير فرص التدريب والتوظيف، وكذلك تقديم الدعم الاجتماعي والقانوني.
بفضل العمل الجاد للسيدة نعيمة العرفة وفريقها، نجحت جمعية جذور… في تحقيق نتائج ملموسة في عملية الاندماج للمغاربة في كطالونيا. وقد تم توفير فرص التعليم للأطفال والشباب المغاربة، مما يمكنهم من بناء مستقبل أفضل وتحقيق طموحاتهم. كما تم توفير الدعم للأسر والمرأة المهاجرة، وتم تعزيز حقوقهم وتمكينهم من المشاركة الفعالة في المجتمع المحلي.
على المستوى الأسري، السيدة نعيمة العرفة أم استطاعت أن نقود أبناءها نحو تحقيق النجاح الاكاديمي حيث يشتغل ابنها البكر ممرضا متخصصا بالأمراض النفسية بعد تخرجه من جامعة برشلونة بينما تخرج الشبل الأصغر بعد اتمام دراسته الجامعية بجامعة برشلونة العريقة كمربي إجتماعي متخصص في محاربة المخذرات وقد التحق مؤخرا للعمل بالمجلس الإقليمي في تجسيد ملهم لنجاح مساعي أسرة مغربية مهاجرة تضع النجاح هدفا لا رجعة عنه كثمن لغربة أبت إلا أن تكون قاسية بعيدا عن أحضان الوطن.
تشارك السيدة نعيمة العرفة كمستقلة ضمن لوائح الحزب الإشتراكي الكطلاني، ووفقا للخارطة الإنتخابية للبلدية التي تترشح بها، تعتبر السيدة نعيمة من بين المترشحين ذوي الأصول المغربية الأكثر حظا في تحقيق موقع قدم في تشكيلة المجلس البلدي سواء من خلال المعارضة أو من خلال الحكم في حين تحقق الأرقام الكفيلة بإنشاء تحالف متعدد الأحزاب.
هذه المشاركة تشكل نقلة نوعية في مسار الأخت نعيمة العرفة، بعذ مراكمتها لتجربة قيمة على مستوى العمل المدني لتنتقل إلى العمل السياسي بكل ما يحمله من مصاعب ومسؤوليات.
السيد ياسر سعدون، سليل العائلة السعدونية المناضلة، والذي سطع نجمه لسنوات من خلاله نشاطه النقابي المتميز حيث حقق التفرغ النقابي لواحد من أهم القطاعات السياحية بمنطقة خيرونا الكطلانية ونواحيها. عرف ياسر سعدون بقدرته على كسب ثقة النقابيين وشغيلة قطاع السياحة وقد قاد معارك حقوقية حققت العديد من المكاسب لعمال القطاع الشئ الذي أكسبه احترام وتقدير الفاعلين. وتعتبر تجربة إكسيت من بين المشاريع المتميزة التي ساهمت في ربط علاقات تواصل وتعاون بين المعلمين و الأساتذة الكطلانيين بنظرائهم المغاربة من خلال زيارات عمل متعددة .
انتقال ياسر سعدون إلى العمل السياسي خطوة طبيعية بعد مراكمته لتجربة طويلة في التفاوض مع القوى السياسية، لكن إدراكه لمدى أهمية كسب احترام الفاعلين السياسيين جعله يرفض مقترحي كل من حزب السيار الجمهوري الكطلاني والحزب الإشتراكي الكطلاني اللذان اقترحا انضمامه إلى لوائحهما حفاظا على استقلالية الإطار الجمعوي والجدير بالذكر أن السيد كريم أصباني ابن مدينة تطوان والمناضل النقابي المعروف بخيرونا بوقوفه ضد العنصرية قد ترشح باسم الحزب الجمهوري الكطلاني حيث تم منحه الموقع الخامس ضمن اللائحة وتعتبر حظوظه قوية على غرار السيدة نعيمة العرفة .
على عكس بعض المغاربة الذين قبلوا بوضعهم في ذيل اللوائح أو مواقع ميتة سياسيا وبحثهم عن الصورة بغض النظر عن مدى واقعية النجاح، ياسر سعدون كان له رأي مخالف في هذا الصدد وقرر عدم المشاركة حفظا لكرامته وتحقيقا للإحترام الواجب نحو المواطنين المغاربة و الكطلانيين الذين يضعون ثقتهم بالمناضل النقابي.
أسماء أخرى تشارك أيضا في الإنتخابات المحلية الكطلانية، كالسيدة فاطمة الزهراء اللخلوفي، سليمان المسعودي في ماطوريل و سمير الجبلي من كلافيل ونعيمة العرفة ومصطفى القنفوذي من طراسا وغيرهم… الخ
ومع ذلك، تواجه المغاربة في كطالونيا تحديات في التمثيل السياسي، والتي تنعكس في بعض الأحيان في تشكيل اللوائح الانتخابية أو الترشح في مناطق لا ينتمون إليها أو احتلالهم لمواقع متأخرة في اللوائح مما يقلل من فرض نجاحهم ويجعل منهم مجرد عناصر تستعمل لتواجد فلكلوري أو بروباغاندا انتخابية لبعض الأحزاب لتبين اهتمامها الكاذب بإدماج المهاجرين سياسيا. يعد هذا الأمر عائقًا يقلل من فرص نجاحهم في تحقيق التمثيل السياسي وتلبية مصالحهم ومطالبهم. ومن الضروري أن يتم تناول هذه القضية ومعالجتها بشكل جدي لتحقيق المزيد من التنوع والعدالة في العملية الانتخابية.
بصفة عامة، يجب أن يعزز المجتمع المحلي والسلطات المحلية الوعي بأهمية التمثيل السياسي للمغاربة والمهاجرين الآخرين، وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في العملية الانتخابية. ينبغي أن تكون هناك إجراءات وآليات لضمان التمثيل العادل والمتوازن للمجتمعات المهاجرة في الهياكل السياسية المحلية، وتعزيز فرص نجاحهم في تحقيق النجاح وتلبية احتياجاتهم.
وتظل المشاركة السياسية للمغاربة كطالونيا في الانتخابات المحلية لعام 2023 فرصة قيمة لتحقيق التمثيل السياسي وتحسين ظروف المجتمع المغربي في كطالونيا. إلى جانب ذلك، يجب أن نكرس الجهود لحل التحديات المتعلقة بتواجد المغاربة في اللوائح الانتخابية وترشحهم في المناطق المناسبة، حتى يتمكنوا من تحقيق نجاحهم والمساهمة بشكل فعّال في صناعة القرار وتحقيق التنمية الشاملة
في النهاية، تعد المشاركة السياسية للمغاربة كطالونيا في الانتخابات المحلية لعام 2023 فرصة قيمة لتعزيز التمثيل السياسي وتحسين ظروف المجتمع المغربي في كطالونيا حيث يجب أن يتحلى المغاربة بالوعي والحرص على المشاركة الفعالة في العملية الانتخابية لضمان تحقيق المصالح والاحتياجات الخاصة بهم وتعزيز التنوع والعدالة في الإقليم بصفة عامة.