كلمات .. في المغرب إلى أين ؟ / الديبلوماسية ومخاطر التطبيع —————-
*السيادة الوطنية في الميزان .. و”البوريطية” عنوان السقوط* د . أحمد ويحمان
×استهلال واستشكال من يتأمل في تاريخنا الديبلوماسي الراهن، يجد نفسه مأخوذا بمسار التطورالدراماتيكي الذي شهده صنع القرار السيادي في مجال العلا قات الدولية عبر ثلاث مراحل رئيسية؛ مرحلة الاستقلال والسيادة الوطنية، بعيد إعلان نهاية الحماية على المغرب، بعنوان عدم الانحياز إلى أي من المعسكرين الشرقي والغربي، في عز الحرب الباردة، والانحياز، بدل ذلك، إلى معسكرحركات التحرر الوطني في ما كان يسمى وقتها ب “حركة عدم الانحياز” أو العالم الثالث في القارات الثلاث؛ آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية ( مرحلة مؤتمر باندوينغ و شراكة ثورة الملك والشعب التي صنعها، حينها، رئيس المجلس الوطني الشهيد المهدي بن بركة ورئيس الحكومة عبد الله إبراهيم مع الملك محمد الخامس ) . بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة ما بعد الانقلاب على حكومة عبد الله إبراهيم وخصوصا بعد الموت، المفاجيء للملك محمد الخامس، لاسيما بعد تقديمه النقد الذاتي ـ بعد انفصال إقليم شنقيط ليصبح دولة موريتانيا سنة 1960 ـ وقراره بإعادة حكومة عبد الله إبراهيم؛ هذه المرحلة التي ميزها التأثير الكبير على قرار السياسة الخارجية للمغرب من طرف القوى الاستعمارية؛ هذا التأثير الذي عادت هذه القوى لممارسته من خلال جهاز المخابرات ( الكاب 1 ) الذي أنشأته مخابرات هذه الدول ونظمته و أصبحت تديره وتشرف عليه عن طريق عملائها المغاربة من قدماء ضباط الجيش الفرنسي . هذه المرحلة التي، رغم ارتهان قرار السياسة الخارجية فيها لمستجدات ما بعد قلب حكومة السيادة والاستقلال الوطني والموت الملغز لملك الاستقلال، حاول القيمون عليها ، على المستوى الشكلي والخطاب ومشهد الواجهة على الأقل، الاستمرار على خط من سبق، وتغطية التأثير المتنامي لأجهزة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) والمخابرات الفرنسية (SDES) والموساد الصهيوني MOSSAD))، طوال عقود ما أصبح معروفا على المستوى السياسي الداخلي ب ” عهد ” أو سنوات الرصاص، لاسيما في العقد والنصف الأول من هذا العهد ( مرحلة وزراء خارجية وسفراء وطنيين حاولوا في الهامش المتاح أن يحافظوا، ما أمكنهم ذلك على ماء وجه المغرب وسمعة الدولة المغربية … امحمد بوستة .. عبد الهادي بوطالب .. أحمد بن سودة .. عبد الهادي التازي .. محمد الشرقاوي … الخ ) . بعد هاتين المرحلتين سيدخل المغرب وديبلوماسيته، في شروط ذاتية وموضوعية جديدة، أدخلته، وبوتيرة متسارعة، في عهد آخر ومرحلة أخرى يمكن نعتها، دون تردد، لاسيما في السنين الأخيرة مع الوزير ناصر بوريطة، ب مرحلة السقوط . فماذا يميز هذه المرحلة ؟ وما هي أهم سماتها ؟ وما المؤشرات والدوافع والأدلة على وسمها بحكم أقسى ووصفها ب ” السقوط ” ؟ من المحقق أن الجواب على هذه الأسئلة يتطلب حيزا زمنيا أوسع من الحيز المتاح في هذا اللقاء . لذلك ستكون الإجابات هنا مجرد عناوين كبيرة .. وبعضها في شكل أسئلة جوابا على هذه الأسئلة .البوريطية عنوان السقوط بالعودة لعنوان هذه الورقة، فإن المطروح للقياس في الميزان هو السيادة الوطنية .. وهذا يعني أن الضوء الأحمر قد اشتعل ويجب الوقوف لأن هناك خطر . خطر السقوط ؛ سقوط الوطن في الهاوية .. والخطر جدي وحقيقي ومصيري ووجودي .. وليس في ذلك أية مبالغة . لكن، قبل الدخول في الموضوع، وجب التنبيه إلى أن المقصود ب”البوريطية” ليس شخصنة الوضع بربطه بشخص إسمه بوريطة كوزير مسؤول عن إدارة الديبلوماسية في المغرب .. فالأمر، كما نعلم جميعا، أكبر وأعمق وأعقد من ذلك، وإنما المقصود هو ما يمثله هذا الشخص كعنوان لهذا السقوط . فمن حيث ماذا الخطر جدي ووجودي على السيادة الوطنية ؟ نكتفي، لمقاربة الموضوع بطرحها ( السيادة الوطنية ) في ميزان المصالح الوطنية وفي ميزان الرموز الوطنية، من خلال استهدافها كلها لنصل إلى الحصائل لفائدة من وعلى حساب من ؟ أوليست الديبلوماسية في النهاية هو حسن إدارة المفاوضات لخدمة والحفاظ على المصالح العليا وتحصين السيادة والرموز الوطنية للأمم ؟ سنتناول، في شكل ومضات ( فلاشات ) سيادتنا الوطنية، بتلك الموازين، بخصوص ثلاث موضوعات هي التي تجسد وتعبر، أو هكذا يفترض دستوريا وقانونيا، عن هذه السيادة على وجه الخصوص؛ الهوية والعقيدة والمقومات الروحية للمغاربة التي يجمعها لفظ الجلالة في الشعار الرسمي لبلاد المغرب؛ الله .. الثروة الوطنية والوحدة الترابية التي يجمعها مفهوم ولفظة الوطن .. والدولة ومؤسساتها التي يرمز إليها الملك . سنعرض هنا ـ عرضا دون تحليل لإكراه الوقت ـ جملة من الوقائع لها علاقة بمقومات السيادة الوطنية المفترضة، المشار إليها أعلاه، لامتحان ديبلوماسيتنا ومدى حفاظها أو تفريطها في سيادتنا الوطنية . قبل التوقيع الرسمي على اتفاقية التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، وفي خضم التحضير له، صرح وزير الخارجية ناصر بوريطة في الأيباك بالولايات المتحدة الأمريكية بأنه مستعد بالذهاب بعلاقات التطبيع مع الكيان ” إلى أبعد الحدود ” على حد تعبيره . المغرب ملحقة ومحمية إسرائيلية يعد تصريح بوريطة في الآيباك، ” إلى أبعد الحدود ” محطة مفصلية في تاريخنا الراهن بين مرحلتين . وهو التزام رسمي بتسليم السيادة الوطنية للصهاينة وللحركة الصهيونية العالمية منذئذ فصاعدا . وهكذا سيتابع المراقبون والمهتمون سلسلة من الوقائع والأحداث والقرارات تؤكد كلها أن المغرب دخل ما أسماه عدد من الفاعلين والقادة السياسيين، عن حق، عهد الحماية الإسرائيلية على المغرب أو الاستعمار الصهيوني للمغرب ( القيادي الاشتراكي الوزير بنسالم حميش .. القيادي الاستقلالي امحمد الخليفة .. الزعيمة الاشتراكية نبيلة منيب .. القيادي اليساري أنيس بلافريج .. القيادية الحقوقية خديجة الرياضي .. القيادي الإسلامي عبد الصمد فتحي … الخ ) . وقد تأكد كل ذلك، وما يزال يتأكد من خلال التفريط في السيادة درجة الإجرام في حق الوطن، في ما يلي، على سبيل المثال، لا الحصر :+ ربط قضية الوحدة الترابية ومغربية الأقاليم الصحراوية باعتراف أو عدم اعتراف الكيان الصهيوني بها !!! ( بما يعني ذلك من إساءة بالغة للقضية وعدالتها وتنكر لتضحيات الشهداء من أبناء بسطاء الشعب من ضباط وضباط الصف وجنود وكذا تضحيات كل الشعب في المسيرة الخضراء لتحرير أقاليمنا الجنوبية والإسهام بالجهد المدني لتنميتها و الحفاظ عليها…) … + توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الكيان الصهيوني ومنحه امتيازات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كامتياز الدراسات والتنقيب على النفط والغاز على ساحل الصحراء لشركتين صهيونيتين ( الذهب الأسود ) وكذا توقيع مذكرات تعاون مع الكتب الشريف للفوسفاط (الذهب الأبيض) وكذا في سوق الذهب الأخضر (الحشيش) منذ تقنين زراعة القنب الهندي .. أما الذهب الأصفر فتلك مغارة ملفوفة في أسرارها وألغازها إلى ما شاء الله .. مع أن دراسات ” أركيولوجية ” !!! عجيبة غريبة ما تنفك تتقاطر على طاطا ونواحيها . و دائما، في إطار بُعد الوطن في مقومات السيادة الوطنية، فإن كل الترهات التي بنيت عليها تبريرات التطبيع سرعان ما انهارت على وقع ضربات الصهاينة أنفسهم الذين يبرعون ويبدعون في إهانة شركائهم في التطبيع، فأصروا أن يدلوا بتصريحات غاية في الإهانة والإذلال للمطبعين و لرموز الدولة منها :+ تعمد نتانياهو أن يدلي بتصريح، في نفس الأسبوع الذي تم فيه التوقيع على التطبيع، ويجعل في خلفيته خريطة المغرب مبتورة منه صحراؤه .+ تعمد رئيس مكتب الاتصال الصهيوني الإدلاء بتصريح للصحافة الاسبانية يفيد فيه أن الكيان الغاصب لا يعترف بمغربية الصحراء وأنهم كدولة ديمقراطية !!! يعتمدون المرجعية الدولية وينتظرون ما تقوله الأمم المتحدة في الموضوع .+ تعمد الإرهابي بنشباط، الذي وقع عن الجانب الصهيوني اتفاقية العار مع الحكومة المغربية، بالإدلاء بتصريح يربط فيه الاعتراف بمغربية الصحراء بالدخول في حرب مع الجزائر من خلال عنوان الفتنة الأكبر؛ الصحراء الشرقية !+ تعمد نفس هذا الإرهابي، قبل أيام فقط، الإدلاء بتصريح، كله إهانة واستغباء للمطبعين يقول فيه بأنه سيبذل كل الجهد لإقناع الحكومة الصهيونية الجديدة للاعتراف بمغربية الصحراء، وهو ما يعني تعرية لهؤلاء المطبعين وفضحهم أمام شعبهم باعتبار أن كل ما قيل لتبرير التطبيع بالصحراء كذب في كذب ! في نفس سياق تعمد الإهانات المقصودة والمدروسة للرموز الوطنية المفترض احترامها وإقامة الاعتبار لها ما يلي، وبأسلوب تلغرافي : + إعلان رئيس مكتب الاتصال الصهيوني بالرباط المجرم دافيد غوفرين نفسه ـ من جانب واحد دون الالتزام بالبرتكول ولا بأبسط القواعد الديبلوماسية ـ سفيرا لكيانه بالرباط ..وهو ما جعل مناهضي التطبيع والصحفيين يطلقون عليه صفة؛ السفير رغم أنف الرباط !+ تصريح السفير رغم أنف الرباط بأنه يهين وأنه يتعمد إهانة الدولة المغربية . ( إفادة مستشارته شامة درشول ) .+ اغتصابه لنساء مغربيات بمكتب الاتصال !+ إشاعة الصهاينة، وبأسلوب البروبغندا، أن الملك، رئيس لجنة القدس، أهدى الكيان الصهيوني هدايا ثمينة بمناسبة 15 مايو، ذكرى اغتصاب فلسطين (النكبة)، أو ما يسمى عيد استقلال إسرائيل !+ تنصيب نائب رئيسة مكتب الاتصال الصهيوني نفسه ناطقا باسم القصر الملكي وترويجه على لسان الملك أنه يتبرأ من العلم الفلسطيني ( أي من فلسطين، وهو رئيس لجنة القدس ) خلال رفع المنتخب الوطني للعلم في مونديال قطر . ( كتب في حسابه على الفايسبوك بأنه استفسر الديوان الملكي !) ! ! .+ الحملة الإعلامية للحاخامات على الملك وأفراد أسرته، وعلى رأسهم ما يسمى “الحاخام الأكبر”، السجين سابقا بتهمة الفساد في الكيان أوشياعو بينطو و الحاخام شلومو ميارة … وبقائهم مع ذلك في المغرب، وعلى نفقته، يمارسون الشعوذة ويواصلون الفتنة والطحن في مؤسسات الدولة وبوسائل الدولة وبمال الدولة .. وضدا ورغما عن إرادة الدولة ! في سياق الحديث عن الحاخامات، يجدر التذكير هنا، كمثال وحسب، بأحدهم وغزواته قبل التطبيع الرسمي و آخر، ومستوى وقاحته، وتجرؤه على عقيدة المغاربة، بالفقرة القادمة :+ الحاخام وضابط في جيش الحرب الصهيوني المدعو يهودا أفيكزير الذي كان يشرف على التدريبات العسكرية في جبال وأودية المغرب بعدد من المناطق لتكوين عصابات مسلحة على ” كيف تقتل بضمير مرتاح ” كما هو عنوان الدليل المعتمد في هذا التكوين، وعلى أسس إثنية وقبلية ويدعو الجيش المغربي للتمرد على نفس الأسس ! … الخ … الخ . نفس الأمر يقال عن الضباط في جيش الحرب الصهيوني الذين يجوبون البلاد، طولا وعرضا ويدعون أن الفضل يرجع لهم في تحرير الصحراء وأن إسرائيل هي من ” جابت الصحراء ! ” = تصريح الرائد في البحرية الصهيونية أبراهام أفيزمير في أكثر من مناسبة وأكثر من مدينة … الخ وكما تتم إهانة الدولة، بل وتعمد إهانة الدولة في شخص الملك، تتم إهانة، بل تعمد إهانة الوطن من خلال إهانة رمزه الدستوري العلم الوطني .. ونورد هنا بعض الأمثلة على ذلك :+ رفع العلم الصهيوني الكبير فوق العلم المغربي الصغير بمقرالطائفة اليهودية بالدار البيضاء !+ رفع العلم الصهيوني إلى جانب العلم المغربي في مختلف المناسبات، حتى المغربية الصرفة، بل وحتى ” الحزبية ” كما هو ” حزب ” رئيس الحكومة أخنوش ! ( مؤتمر إقليم الخارج الذي يشرف عليه الوزير أنيس بيرو وحضر فيه الموساد الذي رفع فيه علم الكيان ) !+ إشراف اليهودي الصهيوني أندري أزولاي، على عزف النشيد العسكري الصهيوني بعاصمة البلاد ورفع العلم الصهيوني إلى جانب العلم الوطني .+ إسقاط ودوس الأعلام المغربية من قبل الشرطة العنصرية الصهيونية بإسقاط ودوس حامليها، من الفلسطينيين المقدسيين، بالخيالة وتحت حوافر الأفراس وبالهراوات، عند قمع احتفائهم بباب العمود بانتصار المنتخب المغربي في مونديال قطر ! … الخ … الخ . إلى جانب تعمد إهانة الدولة في شخص الملك واستباحة الوطن في ترابه وثرواته وشرفه وفي رمزه؛ العلم الوطني، فإن الإهانة والاستباحة طالت كذلك عقيدة المغاربة بما هي أساس من أهم أساسات الهوية ورابطة من أهم الروابط التي تجسد السيادة الوطنية . ولنتأمل هذه الومضات السريعة ! + الحاخام أبراهام غولن فاخوري، الذي نصب نفسه مفتيا وقيّما على الشريعة الإسلامية، لما قال بأنه جاء من إحدى المغتصبات الفلسطينية ليتولى شؤون الزكاة !! وأنه ينتظر تعيينه من طرف الملك في هذا المنصب ! ( و هذا ليس غريبا، إذا اعتبرنا أنه حيثما حل وارتحل تقام له دنيا السلطات الإقليمية ولا تقعد لاستقباله أحسن استقبال ووضع كل شيء تحت تصرفه ( تزنيت .. فاس …الخ .. حتى أنه بدأ يعين ما يسميه سفراءه وسفيراته بطقوس التعيين وتسليم ” ظهائر ” التعيين ! و ليس غريبا، أيضا، إذا اعتبرنا أن من يتولى تدبير بعض ممتلكات الأوقاف والشؤون الإسلامية في نظارة الرباط وسلا (عاصمة البلاد) هو يهودي صهيوني إسمه غي أدرعي، قريب إن لم يكن شقيق وزير الداخلية في حكومة نتانياهو؛ أريي أدرعي !+ افتعال ضجة الجنس والاغتصابات بمكتب الاتصال ورعاية هذا الأخير( مكتب الاتصال) لشبكة الشذوذ الجنسي وتنظيماتها وأنشطتها وربطها بالمقدس والمعتقد؛ بالدين الإسلامي من خلال إشراك وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في شخص ممثل لها هو المدعو لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي للصخيرات تمارة ( مهرجان سيدي قاسم الذي نظمته جمعية يرأسها أحد الشواذ وافتتحه المجرم غوفرين ومثل فيه جامعة بن غوريون الصهيونية المدعو يونس أبعدور ممثل الشواذ المغاربة في المهرجان الدولي السنوي للشواذ في الكيان الصهيوني ) ، و بالمدعوعبد العالي الرحماني، رئيس ما يسمى جمعية موشي بنميمون، الذي اعتنق اليهودية التلمودية، ويفتخر بعلاقاته بالاستخبارات الصهيونية والذي يتوق لتنظيم مسيرة للشواذ جنسيا بمدينة الناظور ! . ما علاقة الجنس والشذوذ الجنسي بالعقيدة والسيادة الوطنية وبموضوع الديبلوماسية ومخاطر التطبيع ؟ جواب هذا السؤال في فضيحة الديبلوماسية البوريطية، فيما سمح له، أو أريد ؟؟؟ له أن يظهر في فضائح مكتب الاتصال هنا بالرباط وفي سفارتنا بكولومبيا ( بوغوطا) .. وماخفي أعظم ! .. وهو ما “أهل ” ديبلوماسيتنا إلى استحقاق صفة ” ديبلوماسية التطبيع والدعارة ” بامتياز وعن جدارة .. ويمكن إضافة صفة أخرى هي ” … والغباء ” . وهل هناك أغبى من استضافة وتبجيل رئيس ما يسمى حكومة القبايل الانفصالية بالجزائر الذي يساند دولة الانفصال في الريف؛ المدعو فرحات مهني الذي أعلن دولته داخل الكنيسيت الصهيوني سنة 2012 !لإطلاق دينامية الانفصالات بكل من المغرب والجزائر معا ؟! .+ في قمة الاتحاد الإفريقي، عندما تقدمت كل من الجزائر وجنوب إفريقيا بمشروع قرار إسقاط عضوية مراقب للكيان في الاتحاد، لم يجد هذا الكيان أحد للدفاع عنه و عن عضويته إلا الخارجية المغربية .. ما يؤكد واقع أن المغرب أصبح محمية إسرائيلية ووزارة الخارجية ملحقة بوزارة الخارجية الإسرائيلية !.+ قمة النقب الخيانية؛ الأولى التي أدان فيها بوريطة الشهيد الفلسطيني وعزا في أفراد الشرطة العنصرية القتلة ! و الثانية التي يدين العالم كله فاشية الحكومة الصهيونية لنتانياهو وبن غفيربما في ذلك مجلس الأمن و أمريكا و الغرب، بل وعشرا الآلاف من الصهاينة المتظاهرين، و لا تجد هذه الحكومة من سند إلا بوريطة وزملاؤه في خيانة شعوبهم وأمتهم وكل الإنسانية ! .خلاصة خلاصة القول في ديبلوماسيتنا ومخاطر التطبيع هي أن الانقلاب التدريجي الذي شهده صنع القرار السيادي، منذ الانقلاب على شراكة الدولة والشعب بالانقلاب على حكومة السيادة الوطنية في مايو 1960، لا يمكن إلا أن يفضي إلى السقوط الذي نحن بصدده اليوم . فالانفراد، عوض الشراكة، بتدبير السيادة الوطنية وقضاياها المختلفة، ولاسيما الأساسية منها أدى إلى النتيجة الموضوعية في حصيلة اليوم؛ التفريط فيها ورهنها ورهن الدولة نفسها معها بيد إرادة القوى الاستعمارية من جديد . وهكذا، منذ محطة ” إلى أبعد الحدود ” تم الإعلان عن رهن السيادة الوطنية للبلاد بيد الصهاينة . وهذا ما يفسر كل هذا التسونامي التطبيعي وهذا الإسهال في ما يسمى الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، في كل المجالات، مع الكيان الصهيوني حتى أن أزولاي، الذي يتصرف كمقيم عام إسرائيلي في المغرب، يشرف على ما أسماه ” منتدى الدار البيضاء لتوحيد الهياكل ” تأبط فيه ثلاث وزارات اقتصادية و المستثمرين من القطاع الخاص فيها ليربطهم بنظرائهم بالكيان الغاصب وليجعل الرأسمال الوطني وأصحابه تابعين، لخدمة مصالحهم ومرهونين بمدى تعاملهم وإشراكهم رأس المال في الكيان؛ هذا المنتدى الذي أعطى فيه الكلمة لرئيس الكيان هرتزوغ عن طريق الفيديو كونفرانس ! ماذا يعني كل هذا ؟ ماذا تعني الإهانات الصهيونية للرموز الوطنية ؟ أو على وجه الدقة؛ ماذا يعني تعمد الإهانات الصهيونية للدولة وللرموز الوطنية المغربية ؟! ماذا يعني توحيد الهياكل ؟ ماذا يعني إشراف أزولاي على عزف النشيد العسكري الصهيوني بعاصمة البلاد ؟ ماذا يعني التدخل حتى في الشؤون الدينية والعقدية للحاخامات الصهيونية ؟ ماذا يعني الإصرار على رفع العلم الصهيوني في كل المناسبات إلى جانب، أو حتى فوق العلم الوطني ؟ كل هذا له معنى واحد هو أن الكيان الصهيوني يريد فرض أمر واقع يقول أن العلم المغربي لم يعد يعبر لوحده عن السيادة الكاملة للمغرب، وإنما هو تحت حماية ” دولة ” أخرى لا تكتمل سيادته إلا بعلمها إلى جانب، أو فوق علم المغرب .. هذا المعنى الوحيد الذي يفيد أن أزولاي هو المقيم العام الإسرائيلي في المغرب .. أي أن الرباط لم تعد صاحبة السيادة لاتخاذ القرار ، وإنما هي خاضعة لإملاءات تل أبيب .. أي أننا أصبحنا تحت الحماية والاستعمار الصهيوني، كما أصبحت النخبة الوطنية تتحدث عن ذلك بوضوح كما أشرنا إلى ذلك آنفا. هذا ما يقوله التحليل الملموس لواقعنا الملموس في أمر سيادتنا الوطنية وفي موضوع ديبلوماسيتنا والأضرارالكارثية التي حلت بنا، وليس مجرد أخطار محدقة محتملة الوقوع .. ذلك أن الخراب الذي كنا نقول أنه على الباب أصبحنا اليوم في خضمه .ولله الأمر من قبل ومن بعد.
× باحث في علم الاجتماع . عضو المكتب التنفيذي لمؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة