ضد التيار

للمفاهيم تطويق و ايضاح للماهية

رضوان الأحمدي

كم من مرة قرأنا تعليقات أناس يستعملون احكام جاهزة و يقحمون عنوة مفاهيم، في بعض الأحيان تكون متناقضة و السياق، كالمغرب بلد تعشعش فيه الأصولية و تحكمه الليبرالية المتوحشة اعتبر هذا جناية الثرات المغربي المتنوع الغني بهوامشه ان هناك تشوه في فهم للفعل الديني بالمغرب ، فأضطرت ان أصحح بعض المفاهيم المغلوطة التى دست بدون مراعاة تسلسلها و تواترها عند تحديد ضوابطها ، العنصر او المفهوم الأول ألا هو النيوليبرالية ؛ الاقتصاد المغربي ليس بنيوليبرالي ، الفاعلين فيه يعتمدون على الريع و الولاء لهرمية ثابتة تحرك الخيوط بنفس الإيقاع الذي عرفه المغرب في القرن الماضي و ما قبله . النيوليبرالية لها مشروع محوري ألا و هو تحويل الأنظمة الى أ جْرَام منتظمة تخدم مصالحها، اما النظام المغربي فهو نظام يتعايش مع أزمته الأخلاقية بتطويق الإقتصاد حتى لا يمر منه اي مارق مالي يهدد المواقع المتبججة بحمية الدوائر العليا. و هذا يجعله نظاما منغلقا و فاقد الحيوية التواصلية. اما فيما يخص الشق الديني فبعض المحللين يتكلمون عن المغرب و كأنه مرتع للفكر الإخواني أو كما يسمونه بالخوانجي. فيعطونك احساس إنهم يشيرون الى بلد آخر و ليس المغرب . هل سمعتم في المغرب ان تجمعا يتكلم بإلحاح أو يتعصب لابن تيمية او البخاري و كأنهما محور الكلام ؟ الناس في المغرب لا تكترث لهذه الأشياء، لها اوليات أخرى. وذكاء اجتماعي يخول لهم الإنفتاح على التحديات اليومية، ملتقطين إشارات و رموز يؤطرونهما ضمن سلوكيات يضبطون مجراها ومسلكياتها، و هذا هو الجوهر التدين بالمغرب، تدين يحترم الخصوصيات و يتكون من ثلاث معطيات متداخلة فيما بينها ، كما فصلها عبد الغني منديب في كتابه،( “الدين و المجتمع ، دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغرب “)؛ أولا؛هو دين دنيوي ، يعني لا يرتقي إلى روحانية المغزي ، ثانيا ؛ يبتعد عن المرجعية الأصولية الأرثوذكسية ، ثالثا؛ مازالت بقايا الوثنية عالقة و منخرطة في الفعل الديني ، كعاشورا ، بجلود، العنصرة paganisme ,حاكوزا.و هذا يحجم كل تطرف يمس بالبنية العقائدية للأفراد فتراهم ينفرون من كل دجل يعارض سلوكهم الديني . أعيب على بعض المتناولين بالرصد و التحليل انطلاقا من انفعالاتهم و من مواقعهم الإيديولوجي دون ان يتحروا المراجع كتعزيزا لما سلف .هناك دراسات اهتمت بعلم النفس و الاجتماع الديني بالمغرب ، لماذا لم يلجأون إليهما؟ . السياق التاريخي والتحولات الدينية التى عرفها المغرب من اليزيدية في عهد الأدارسة الى الشيعية في بداية مشوار عبد المومن الموحدي الى عدم الإكتراث بالدين في عهد المرنيين، أعطى للمغىب خصوصيات اعتقادية متفردة… اتمنى ان لا نتصرف في الإستنتاجات ، بحثا عن سند قوي يعطي للمتن صلابته. أدعو من يهتم بالسياقا ت الإجتماعية ان يطلعوا على كتاب يعتبر مرجع في علم الإجتماع التديني la psico-sociología de la religión و يسمى ب( ” بيولوجيا السلوك الديني ، الجذور التطورية للإيمان و الدين)” لJay Feierman . أما إذا أراد المتتبع التوسع فعليه بكتاب رصد سوسيولوجية التدين بالمغرب، مدققا في جوانبه ، و في رمزية الهيكل الديني و تجلياته الروحية ، عنوانه؛ (“الطقوس و الإعتقادات Rituals and beliefs”) ، كتب بالإنجليزية , يعتبر مرجع قيم بالنسبة لعلماء الإجتماع التديني بالمغرب . الكتابة الأصيلة تقتضي النزاهة و التعامل المسؤول مع المعطيات دون إسفاف او تطاول نرجسي و لكم مني السلام …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube