مستجداتمقالات الرأي

لماذا يكرهوننا

محمد دينية

أظهر تدهور العلاقات بيننا وبين إسبانيا مؤخرا، وإقحام البرلمان الأوروبي في المشكل وإصداره قرارا يعاكس مصالح بلادنا، ناصرا أخته ظالمة، ومعاقبا لنا مظلومين، ضاربا بعرض الحائط مبادئ الموضوعية والنزاهة التي يدعيها، متذرعا بذرائع كاذبة، ومستندا الى حجج ملفقة خاطئة، أظهر هذا الموقف أن السبب الحقيقي، إنما هو عداء مستحكم، وكراهية متجذرة ضدنا، وليس شيئا آخر، مما يزعمون ويتشدقون .. لقد أسقط هذا الموقف كل الأقنعة وعرى حقيقة ما يكنون لنا، وأبرز للعيان أن نظرية المؤامرة هي الصالحة للتفسير، خلافا لما يحاول بعض منظرينا ومفكرينا أن يبرروا ويدعوا، من أن نظرية المؤامرة هته إنما هي تأويل المغلوب الذي لا يريد أن يعترف بغَلَبه، والمُخطِئ الذي لا يُقِرُّ بخطإه. لقد كشفت هذه الأحداث أنهم لا ينفكون ينظرون إلينا نظرة السيد للعبد والمشغل للخادم، والقائد المستبد للمقود المُقَيَّد، والمستعمر الغاصب لصاحب الأرض الأصلي.. لقد تعلمنا لغتهم ظانين أن سريرتهم ستصفو نحونا حينما يصفو لساننا بلغوهم، وتبنينا عاداتهم، فاحتفلنا كما يحتفلون وأكلنا ما ياكلون وشربنا ما يشربون وعاشر رجالنا نساءنا كما يعاشر رجالهم نساءهم، وتحررنا من قرآننا وطعنا في سنة نبينا اتباعا لبهتانهم وكذبهم على أنبيائهم، وتخلصنا من ديننا الحنيف وتعاليمه التي فيها صلاحنا، حينما ادعوا كاذبين، أنهم تخلصوا من سيطرة كنائسهم وفيها تأليه لغير الله وتحريف لوحي الله.. بل حاربنا معهم دفاعا عما يعتقدونه حقا وعدلا وليس لنا فيه شأن، وتركنا قتلانا في الهند الصينية وكورسيكا والألزاس ولا شأن لنا بها إلا أن ننصر سادتنا المستعمرين، وبدل عرفانهم وامتنانهم تنكروا وميزوا وتهكموا.. فعلنا كل ذلك معتقدين أنه هو السبيل إلى أن يعاملونا كما يعامل بعضهم بعضا، ويحترم بعضهم بعضا، وظانين أن الشعارات التي يرفعونها في السياسة وتدبير الحكم كسيادة الحق والقانون، وكالديموقراطية يؤمنون بها حقا ويطبقونها فعلا، ففوجئنا بأنهم إنما يتوسلون بها كما يتوسل أصحاب حق الفيتو حينما يعاكس الحق هواهم ومصلحتهم.. أتعرفون قصة الغراب الذي أراد أن يغني كما يغني العندليب ففقد قطعة الجبن التي كان ممسكا بها في منقاره؟ هي والله حالنا وقد انطلت علينا حيلة الثعلب الخبيث فأكل جبنتنا! خلاصة القول أيها السادة أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وأننا لن نستعيد سيادتنا وامتلاكنا لشأننا إلا باعتماد مقوماتنا: لغتنا وديننا، ومن يدعي غير ذلك فهو واهم واهم واهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube