مستجداتمقالات الرأي

الهوية الحزبية والانعكاس السياسي

الرباط بقلم خديجة بركات

حين نتحدث عن الهوية، فإننا نسائل المجتمع، نسائل فيه النخب، عن دورها في حماية المجتمع من المخاطر والتحديات الراهنة والمستقبلية.
سؤال الهوية يستحضر جملة من القضايا الشائكة، تبدأ بالقيم الإنسانية والدينية السائدة في المجتمع وتنتهي بأخلاقيات الممارسة السياسية،
وإذ أضطر لحصر كلمتي هاته في الشق المتعلق بسؤال الهوية عند الفاعل السياسي، نظرا لسياق الموضوع المطروح للنقاش، فإنني أرى أن هذا الفاعل أصبح اليوم أحوج ما يكون إلى نقد ذاتي عميق، نقد ينفذ إلى مكامن الخلل في الممارسة السياسية ببلادنا، حتى يتمكن من الإجابة الموضوعية والصادقة على سؤال : هل تملك الاحزاب بالفعل هوية سياسية حقيقية، هل يملك حزبنا تصورا واضحا للهوية السياسية التي يبني على أساسها أرضيته النضالية والترافعية؟ هل خضعت للتطور والتأقلم.
بلا شك أن العمل السياسي بالمغرب خلال العقدين الأخيرين، لم يعد يرقى إلى تطلعات النسبة الغالبية في المجتمع المغربي، لذلك، حين يطرح هذا السؤوال، ذي طبيعة فلسفية ومنهجية، فإنه يفتح المجال لتناول أبعاده المختلفة، من أجل هدف واحد، ألا وهو الاستعداد لأفق جديد، بآليات قوية ومتينة، لأن الاشتغال وفق النمط السابق أصبح خطرا يهدد وجود الحزب ومستقبله.
وبناء عليه، يمكن القول أن الحزب بحاجة اليوم، إلى وضع أسس هوية سياسية، تنهل من تطلعات المجتمع، في كل مجالات الحياة، تنهل من قيمه وتراته وتوابثه، الوطنية والثقافية والدينية،
وهذه الأسس، يمكن أن أجملها في خمس محاور رئيسية :
الأساس الأول : على الحزب أن يحدد توجهه المنهجي في الخيارات السياسية، فإذا كان المغرب قد تبنى الليبرالية في نهجه الاقتصداي، فإن الحزب من حقه أن يحدد أي ليبرالية تصلح للمجتمع، لأن داخل النهج الليرالي ، هناك نماذج متعددة، ومن مصلحة الحزب أن يدعو إلى ليبرالية مرنة، تخضع لضوابط تححق الإنصاف الاقتصادي ولتكافؤ الفرص بين كافة الشرائح المجتمعية
الأساس الثاني : على الحزب أن يدعم منهج التشبيب، من خلال دعم القيادات الشابة لتحمل مسؤولياتها داخل الحزب، وتقديم مقترحاته، وفرض تصوراتها، فالشباب طاقة المجتمع وقوته، إلا أن الاختيار ينبغي أن ينبني على الجدارة والاستحقاق، كما ينبغي أن يستند إلى مقومات القيادة الرشيدة والحكيمة، والقدرة على تدبير الاختلاف، ولذلك يلزم وضع ميثاق واضح في هذا الشأن.
الأساس الثالث : يحتاج الحزب إلى القيام بعملية تطهير داخلية، من أجل تنظيف البيت الداخلي، وفق منهجية موضوعية وقانونية، تسري على الجميع، دون تمييز ودون تصفية حسابات، وعلى الحزب أن يقدم شخصيات تشرف صورة الحزب وسمعته.
الأساس الرابع : على الحزب أن يحدد أولوياته في الخيارات السياسية المستقبلية، وذلك من خلال القيام بدراسة علمية وميدانية، على ضوء توصيات تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، حتى يتسنى له بلورة تصور متكامل يحظى، أثناء المرافعة أمام الرأس العام، بالقبول ويحفز على تبني مواقف وآراء الحزب.
الأساس الخامس : على الحزب أن يجسد أدواره الطلائعية في تأطير ومواكبة المجتمع، والانخراط في محتلف الفعاليات، المدنية والسياسية، وفي كل مناطق المغرب، بدل الانتظار إلى اقتراب الحملة الانتخابية، كما عليه أن يجد له موطأ قدم في مختلف النقاشات التي تثار حاليا لدى الرأي العام الوطني، فالصمت يشكل نقطة سلبية في صورة الحزب
تلك أهم الخطوط العريضة لهوية سياسية واضحة، من شانها، حسب تقديري الخاص أن تؤسس لنقلة نوعية في مسيرة الحزب، وتجلعه أكثر ارتباطا بالمجتمع وبتطلعاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube