حرة بريس
أكد الباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن تحقيق الأمن الصحي يتطلب بناء أنظمة صحية صامدة ، مرنة وذات قدرة على التكيف مع مختلف الظروف، فضلا عن الاستعداد المسبق لكل السيناريوهات المحتملة وتهيئ الساكنة لمواجهة أي أزمة صحية.
وأوضح الخبير الصحي، في مداخلة له خلال ندوة “الأمن الصحي بالمغرب، تحديات ما بعد جائحة كوفيد -19″، التي نظمتها أمس الحميس بمجلس المستشارين، مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالأمن الصحي، أن بلوغ الأمن الصحي يتأتى أيضا بالتعاون مع الدول الأخرى، مسجلا في المقابل أن تحقيق “السيادة الصحية” يتحقق بالاستغناء عن هذه الدول وتحقيق القدرة على التحكم في كل مراحل سلسلة العرض الصحي.
وأكد الباحث في النظم الصحية، في مداخلة بعنوان “الأمن الصحي والسيادة الصحية الوطنية، المحددات والإمكانيات والمتطلبات”، استحالة تحقيق سيادة صحية بنسبة 100 بالمائة، داعيا المهنيين والساسة والمشرعين، إلى العمل على تحقيق أقصى درجات الأمن والسيادة الصحيين الممكنة.
وأشار في هذا السياق، إلى أنه يتعذر تحقيق سيادة صحية كاملة بالنسبة للقاح كوفيد -19 الذي يضم مائة مكون مباشر وخمسمائة مكون بشكل عام تدخل كلها في سلسلة إنتاج اللقاح، وهو ما يصعب على دولة واحدة التوفر عليها كلها.
واعتبر السيد حمضي أن الامن الصحي هو الآخر “يستحيل بلوغه بنسبة كاملة، في ظل عولمة المبادلات والتغيرات المناخية والتكنولوجيات الحديثة والتمدن، مما أسفر عنه ظهور وانتشار مخاطر وأوبئة جديدة”.
وأورد الباحث الصحي أن اللوائح الصحية العالمية تُلزم الدول، في سبيل تحقيق التعاون، بتوفير معلومات في حال ظهور أمراض داخل حدودها، مما يمكن الدول القوية من اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة، في حين “لا تستفيد الدول الضعيفة من اللقاحات والمعدات المستخدمة في الكشف المبكر”، داعيا إلى إعادة النظر في هذه اللوائح من أجل توفير المعلومات والتضامن المشترك في التعامل مع الأمراض المستجدة.
وحث الخبير في نظم المعلومات على تقوية قدرات إنتاج واستعمال وسائل التدخل الدوائية وغير الدوائية من تباعد وإغلاق وارتداء الكمامة وغيرها، مبرزا أهمية الوعي المجتمعي وكيفية التعامل مع الكوارث والأوبئة ومواجهتها.
وأوضح أن هناك جائحة تظهر كل ثلاث سنوات، وذلك منذ ثلاثين سنة من الآن، مشيرا إلى أن الأمر قد لا يصل دائما إلى درجة فيروسات تجتاح العالم ككل، على غرار إيبولا وزيكا.
وقال نائب رئيس الفدرالية الوطنية للصحة، إن الأمن الصحي جزء من الأمن الاستراتيجي، منبها إلى أن “انعدام الأمن الصحي فيه تهديد وجودي وقد يتسبب في ظهور مشاكل اجتماعية أو اقتصادية”.ودعا إلى التفكير في وضع تعريف للأزمات الصحية، وتحديد القطاعات الصحية التي بالإمكان الاستثمار فيها واستثناء القطاعات الاستراتيجية.
وخلص الباحث إلى التأكيد على أهمية التشريع في مايخص المراحل الكفيلة بتحقيق الأمن الصحي والمتمثلة في المراقبة وتحديد المشاكل وتقييمها ثم اتخاذ القرارات وتقييم التدخلات بعد ذلك.
وقارب المشاركون في هذه الندوة التي نظمت بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- السويسي، موضوع الأمن الصحي من زوايا مختلفة مع التطرق للإشكاليات المطروحة ، وتقديم أجوبة يمكن أن تشكل مفاتيح للفاعل العمومي قصد النهوض بالمنظومة الصحية.
وتمحورت أشغال الندوة، بالخصوص، حول “الأمن الصحي والسيادة الصحية الوطنية”، و”حكامة الأمن الصحي بالمغرب بين الأزمات الدولية ومقتضيات الإصلاح”، و”الحق في الصحة في المغرب”، و”إشكالية تمويل الصحة”.