تربية وعلوممجتمعمستجدات

الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد.. شوكة في حلق شكيب بن موسى

أحمد رباص – حرة بريس

قضت المحكمة الابتدائبة بالرباط يوم الخميس، بثلاثة أشهر حبسا نافذا في حق “أستاذة متعاقدة”، فيما توبع 19 أستاذا آخرين بشهرين موقوفة التنفيذ، ضمن الفوج الأول من متابعي أطر الأكاديميات (الأساتذة المتعاقدين).
وحكمت المحكمة كذلك، في نفس اليوم ، على 13 متابعا من الفوج الثاني بشهرين موقوفة التنفيذ؛ فيما قضت في حق 12 متابعا ضمن الفوج الثالث بشهرين موقوفة التنفيذ وغرامة 1000 درهم.
ويتابع “الأساتذة المتعاقدون” بتهم عرقلة الطريق العمومية، وإهانة رجال القوة العمومية، وارتكاب العنف في حقهم، والتجمهر غير المسلح دون ترخيص.
حدث كل ذلك مع أن وزارة التربية الوطنية التزمت في لقأئها بالنقابات يوم الأربعاء بمواصلة الحوار حول ملف الأساتذة الذين فُرِض عليهم التعاقد، بحسب ما أوردته النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، في بيان لها.
لأجل الإلمام بتفاصيل هذا الملف، أدعو قراء وزوار حرة بريس لمتابعة هذا التقرير.
مع تعيين حكومة جديدة، بدأ استياء المدرسين المتعاقدين (الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد) من جديد، رافعين نفس المطلب: ألا وهو الحصول على الوضعية التي يتمتع بها الموظفون العموميون. ولكن إذا بدت وزارة التربية الوطنية منفتحة على الحوار، فقد يكون مجال المناورة لديها محدودا.
توقع المتتبعون والأساتذة المعنيون أن اضطرابات اجتماعية أخرى تلوح في الأفق ضمن قطاع التربية الوطنية. هكذا تقرر أن يستأنف الاساتذة المتعاقدون مواجهتهم مع الوزارة. في 12 و 16 أكتوبر، بعد أيام قليلة من بدء العام الدراسي وتعيين الحكومة الجديدة، نفذت التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد عدة أنشطة احتجاجية في جميع أنحاء المملكة، أنشطة اشتملت على التوعية على الشبكات الاجتماعية، والدعوة إلى الإضراب العام و اعتصامات وطنية بمدينة الرباط.
منذ عام 2016 تاريخ الشروع في تنفيذ قرار الحكومة باللجوء إلى التعاقد لتسوية الخصاص في الموارد البشرية المكلفة بمهام التدريس، لم يتزحزح أساتذة هذه الفئة عن مطلبهم الاساسي؛ ألا وهو إدماجهم في الوظيفة العمومية، على غرار زملائهم المرتبطين بوزارة التربية الوطنية.
ظلت الحكومات المتعاقبة تتلكأ وتتهرب من الاستجابة لذلك المطلب لأكثر من خمس سنوات حتى الآن، ما جعلها في نهاية المطاف عاجزة عن إخماد نيران احتجاجات التنسيقية. كان من المنتظر التصدي لهذا التحدي من قبل حكومة أخنوش وبشكل خاص وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى.
بعد أسبوع من تعيين الأخير، استقبل بمقر وزارته، يوم 15 أكتوبر، الأمناء العامين للنقابات الخمس الأكثر تمثيلا في التعليم: الجامعة الوطنية للتعليم (UMT) والنقابة الوطنية للتعليم (CDT) والجامعة الحرة للتعليم (UGTM) والجامعة الوطنية للتعليم (FNE) والنقابة الوطنية للتعليم (FDT).
لم يؤد هذا الاجتماع الذي عقدته لجنة مصغرة سوى إلى إصدار بيان صحفي من الوزارة، ومع ذلك أعرب العديد من ممثلي النقابات عن ارتياحهم، بل و “تفاؤلهم”، بشأن استئناف الحوار مع وزارة التربية الوطنية بعد الجمود الذي طال الملف بين عامي 2019 و 2021 خلال ولاية الوزير سعيد أمزازي.
تفاؤل لم يتسرب بصراحة إلى أفئدة أعضاء التتسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، التي لم تتم دعوتها إلى الاجتماع. “نعلم أن ممثلي النقابات حاولوا التعامل مع هذا الملف مع الوزير ، لكن الأخير كان يطلب منهم عدم إثارة هذا الموضوع في الوقت الحالي”، كما قال عضو من التنسيقية اشترط عدم الكشف عن هويته .
في اتصال مع مجلة (جون أفريك)، قال وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، الذي اشتغل بشكل مكثف على وضع الأساتذة المتعاقدين قبل تعيينه، إن الوقت لم يحن بعد للتواصل حول قضيتهم.
“ما زلنا متشائمين، لأن الحكومة الجديدة قد أرسلت بالفعل إشارة خاطئة”، يشهد من جانبه عضو آخر في التنسيقية. وأسفرت الإجراءات السلمية التي قام بها مدرسون متعاقدون في الرباط الأسبوع الماضي عن توقيف ومحاكمة 16 مدرسا، بالإضافة إلى 33 مدرسا متعاقدا تم اعتقالهم في 7 أبريل 2021 ومحاكمتهم بتهمة انتهاك إجراءات حالة الطوارئ. والتجمع غير المصرح به واحتقار المؤسسات”، يتابع نفس المتحدث.
تلقت التنسيقية ضربة موجعة أخرى تمثلتفي قانون المالية 2022، الذي تمت المصادقة عليه في 18 أكتوبر، والذي نص على توظيف 15000 مدرس متعاقد خلال نفس العام سيتم إضافتهم إلى 102000 أستاذ متعاقد تم توظيفهم بين عامي 2017 و2021، أي أن ما يقارب ثلث أعضاء هيئة التدريس في المغرب مكون من المتعاقدين.
عقب هذا الإعلان، عبر المسؤول عن التواصل في التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، عن “دهشته لرؤية هذه الحكومة تستمر على نفس مسار سابقاتها” ، وندد ب”استمرار سياسة تخريب التعليم”.
خاصة أنه خلال الحملة الانتخابية، تعهد حزب الاستقلال – أحد مكونات الائتلاف الحكومي الحالي- بوضع حد للتعاقد وإدماج المدرسين المتعاقدين في سلك الوظيفةالعمومية. بالطبع، كان لهذا الوعد الذي أطلقه حزب الميزان في حملته الانتخابية صدى إيجابي لدى العديد من الأساتذة المتعاقدين.
ومع ذلك، لم يقتصر موقف الحكومة من هذا الموضوع الشائك على قانون مالية 2022، كمشروع أعدته جزئيا الحكومة المنتهية ولايتها في عهد العثماني.
“تم تعيين هذه الحكومة قبل ايام. كانت هناك مناصب شاغرة يجب ملؤها بعد ذهاب المتقاعدين. لا يمكن ترك الأقسام فارغة بدون مدرسين. إذا كنا قد حافظنا، في عام 2022، على تعيين الأكاديميات لـ 15000 أستاذ جديد، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن هذه هي سياسة الحكومة في هذا القطاع. بل على العكس”، يبرر مصدر حكومي اتصل به موقعإخباري مغربي ناطق باللغة الفرنسية.
بالإضافة إلى ذلك، دعا النموذج التنموي الجديد، الذي ترأس لجنته شكيب بنموسى، إلى إصلاح شامل للتعليم ودافع عن إنشاء قانون موحد للاساتذة، من شأنه استيعاب الأساتذة المتعاقدين. نفس المبدإ تبناه البرنامج الحكومي، والذي سيكون بلا شك الهدف الرئيسي للحوار الاجتماعي مع النقابات.
ومع ذلك، فإن التنسيقية لا تؤمن بذلك. “القانون الموحد موجود بالفعل بقدر قد يكبر أو يصغر. منذ عام 2019، نفذت وزارة التربية الوطنية حلولًا جزئية: لم نعد متعاقدين بل أطر إدارية، تم تعيينهم ودفع رواتبهم من قبل الأكاديميات الإقليمية وليس مباشرة من قبل الدولة. لقد تم دمجنا أيضا في الصندوق المغربي للتقاعد كما الاساتذة المرسمين . على الورق، نحن نتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها موظفو الوظيفة العمومية، ولكن هذا فقط من الناحية النظرية … “، يشهد مدرس عضو في التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد.
حاولت حكومة العثماني إيجاد حلول وسط من خلال تقييم القانون التعاقدي ، لكن المشاكل الأساسية لم تحل، إذ ظل الأساتذة في حالة من الهشاشة وعدم الاستقرار.
“بين عشية وضحاها، اعتمادا على حسن نية مدير المدرسة، يمكننا إنهاء عقودنا دون تعويض أو تغيير إطارنا. حقنا في الانتقال محدود للغاية. لاختيار المنطقة التي تود الانتقال إليها، يجب أن تكون متزوجا من رجل أو امرأة من تلك المنطقة. لذلك يوجد الآلاف من الأساتذة الذين يعيشون بعيدا عن أقاربهم. ولدينا القليل جدا من الحظوظ للاستفادة من التكوين والدعم البيدتغوجي، وينعكس هذا على جودة التدريس لدينا. من أجل مصلحة الوطن والمدرسة العمومية والأجيال القادمة، يجب إدماجنا في الوظيفة العمومية، ولهذا السبب سنواصل التعبئة”، كما قال مدرس متعاقد في جهة الدار البيضاء الكبرى.
لكن ما عمق المشكل أكثر تعهد وزير الاقتصاد والمالية الأسبق، محمد بنشعبون، ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، في مراسلة رسمية بتاريخ 30 نوفمبر 2018، موجهة لصندوق النقد الدولي بتقليص فاتورة أجور الدولة، لا سيما باللجوء إلى إلى العقود غير المستقرة في الوظيفة العمومية: أكثر مرونة وأقل تكلفة على المدى الطويل. هل ستدير الحكومة الحالية التي جعلت من “الدولة الاجتماعية” مربط فرسها، ظهرها لهذا الالتزام؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube