ثقافة وفنونشخصياتمستجدات

رحيل جابر عصفور .. 3 ملامح تميز وزير الثقافة المصري الأسبق

أحمد رباص – حرة بريس

رغم أن آراء عصفور أثارت الكثير من الجدل، حيث انحصر في دائرة الاستقطاب بين الحداثة والمحافظة، فقد حظي الرجل بتقدير واسع من قبل طلابه وقرائه. بل إن البعض وصفه بأنه الحفيد الشرعي لطه حسين، لأنه كان تلميذا للدكتورة سهير القلماوي، تلميذة الدكتور طه حسين.
في المقابل انتقد البعض إنجازات عصفور ومنهم الناقد الراحل عبد العزيز حمودة أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة. في هذه السطور ، تلقي حرة بريس عربية الضوء على مسيرة الرجل الطويلة.
جابر عصفور من سكان مدينة المحلة الكبرى بالمحافظة الغربية شمال مصر حيث ولد عام 1944، وتخرج من كلية الآداب عام 1965، وفي العام الموالي لتخرجه عين مدرسا مساعدا بكلية الآداب، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه لبدء مسيرة أكاديمية متميزة، توجت بأن أصبح أستاذاً زائراً في كبريات الجامعات في العالم مثل هارفارد، ويسكونسن ماديسون.
وحول مسيرة عصفور المهنية، تحدث وزير الثقافة المصري السابق حلمي النمنم إلى موقع إلكتروني إخباري قائلا إن مسيرة عصفور تتلخص في 3 ملامح أو سمات أساسية، الملمح الأول: الأستاذ الجامعي، والثانية: المثقف العمومي، والسمة الثالثة هي سمة الرسمية في المؤسسات الثقافية.
وأضاف النمنم موضحا: “في الجانب الأول نرى أن الدكتور جابر عصفور ترك لنا مجموعة كبيرة من الطلاب ذوي القدرات المتميزة، والجامعات المصرية والعربية مليئة بهم الآن، مثل: حسين حمودة وطارق نعمان وغيرهما بالعشرات”، مشيراً إلى أن طلابه لم يقتصروا على قسم اللغة العربية الذي ترأسه، بل انتشروا في جميع أقسام الدراسات الإنسانية. ويتابع: “في هذا السياق قدم عصفور عددا من الكتب الأكاديمية المتميزة سواء في التراث العربي النقدي أو عن الدكتور طه حسين في أطروحة الدكتوراه”.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أهم كتب عصفور تشمل: “الصورة الشعرية”، مجلة المجلة، القاهرة، 1968، “ستيفن أولمان: الأسلوب والشخصية”، المجلة، القاهرة، أغسطس 1971، “نظرية الفن عند الفارابي”، الكاتب، القاهرة، 1975، “موريس بورا: الخيال البدائي”، الكلمة، صنعاء، سبتمبر 1976، “قراءة أولية في أدونيس”، الكلمة، اليمن، 1977، “لوسيان جولدمان: علم اجتماع الأدب”، فصول، القاهرة، يناير 1981، “نقاد نجيب محفوظ”، فصول، القاهرة، 1981، “النظريات الأدبية المعاصرة”، جامعة الكويت، مارس 1987، “شعراء السبعينيات في مصر”، جامعة صنعاء، أبريل 1991، “جاك دريدا: البنية والعلامة واللعب في خطاب العلوم الإنسانية”، فصول، 1993، “أبو حيان التوحيدي بعد ألف عام”، فصول، القاهرة، نوفمبر 1995، “استراحة البيان”، سلسلة مقالات أسبوعية بجريدة البيان، دبي، منذ عام 1998.
وفي مجال الترجمة، صدر له “عصر البنيوية من ليفي ستروس إلى فوكو” – (بغداد : دار آفاق عربية) (1985)، “الماركسية والنقد الأدبي”، (الدار البيضاء : دار قرطبة) (1986)، “اتجاهات النقد المعاصر”، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2002، “النظرية الأدبية المعاصرة”، رامان سلدن، القاهرة : دار الفكر (1991).

وعن دور جابر عصفور كمفكر، قال النمنم لنفس الموقع إن كتابات عصفور في كبرى المجلات والصحف المصرية والعربية لم تكن مجرد أوراق، بل كان منخرطا في الواقع الثقافي، حيث خاض معارك شرسة. مع قوى الظلام في المنطقة العربية.
وعن دور عصفور كمسؤول ثقافي، قال النمنم إن الفضل الأكبر في إنشاء المجلس القومي للترجمة يعود إلى جابر عصفور. ف”لولا جابر عصفور لما كان المركز القومي للترجمة.” وأكد أن عصفور حول المجلس الأعلى للثقافة من مجرد مؤسسة لا تفعل شيئا سوى منح جوائز الدولة التشجيعية من مؤسسة ثقافية بالمعنى الكامل للكلمة. واضاف أن المجلس استقبل عددا من كبار المفكرين في العالم، ومعظمهم من المثقفين العرب.
من جهته، قال الكاتب المصري أشرف راضي إن جابر عصفور كان له اهتمام خاص بموضوع التنوير، وهو ما انعكس في كتاباته، وحاول في إطار المشروع القومي للترجمة في مرحلته الأولى أن ينقل إلى اللغة العربية معظم الكتابات المندرجة في سياق التنوير.
وأضاف راضي للموقع المومئ إليه قائلا: “في مجال النقد الأدبي كان عصفور من الذين وضعوا أسس المدرسة البنيوية في دراسات الأدب والنقد الأدبي”، كما أشار إلى أن هذا الأمر كان موضع نقد كبير من المدارس الأخرى، خاصة من الدكتور عبد العزيز حمودة الذي كتب في هذا الشأن “المرايا المحدبة، من البنيوية إلى التفكيك” و “المرايا المقعرة”. ويرى الكاتب المصري أن مشروع المركز القومي للترجمة الذي تبناه الدكتور جابر عصفور، قدم الكتابات العربية الحديثة للقارئ الأوروبي في مختلف المجالات وبلغات مختلفة من خلال عدد من المترجمين المهرة. واعنرف الكاتب المصري بأن المشروع
ساهم في استكمال عدد كبير من الترجمات الراقية والمحترمة والمتنوعة، لافتا إلى أن عصفور نجح في ربط برامج الترجمة مع باقي أنشطة المجلس الأعلى للثقافة.
لكن هناك نقدا أشار إليه راضي، ووجهه البعض ضد منشورات المجلس القومي للترجمة، حيث قدم المشرفون عليه مساهمات كبيرة في مجال الدراسات الإنسانية، بينما لم تحظ العلوم الأخرى بالاهتمام المطلوب، وهناك بعض الترجمات التي أثارت الجدل، مثل كتاب “أثينا السوداء” الذي يقول إن أصول حضارات أوروبا تعود إلى مصر، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل، وكان المفكر الكبير مراد وهبة في طليعة النقاد في ذلك الوقت.
وحول الانتقادات التي وجهت لعصفور، والتي تقول إنه “لم ينجح في إنشاء مدرسة نقدية كبيرة ومؤثرة”، قال النمنم، الذي شغل منصب وزير الثقافة منذ حوالي عامين: “هذا ليس من مسؤولية عصفور، فلا تتوقعوا من أحد أن يؤسس نظرية نقدية عظيمة في مجتمع ضعيف ودولة ضعيفة”.
وتابع قائلا: “الأمريكان أو الروس استطاعوا أن يؤسسوا نظريات مؤثرة في العالم لأن لديهم قوة كبيرة ومؤثرة. الناقد لا يعمل بمعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه”. وضرب مثلا بقوله: “الجاحظ وأبو حيان التوحيدي كانا مشهورين ومعروفين لأنهما كانا يعيشان في عصر الدولة العباسية التي كانت قوية ومعروفة في جميع أنحاء العالم ةحصلوا على نفس الشهرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube