فيسبوكياتمستجدات

ملاحظات حول اتهام بن بركة بالعمالة (الجزء الثاني)

المعطي منجب

الملاحظة الثانية هو اعتراف الباحث بأنه لم يعثر على أي وثيقة تحتوي على توقيع لبنبركة تؤكد تلقيه أجرا أو تعويضات، كما أنه اعترف أن الأرشيف لا يحتوي على أية ورقة او وثيقة او حتى كارت ڤيزيت – وكانت شائعة الاستعمال آنذاك بين النخب وفي الغالب تُوقَّع مجاملةً أو يضاف إليها بخط اليد الهاتف الجديد أو عنوان الإقامة المؤقت/ ليس هناك إذن أي وثيقة مهما كانت أهميتها ضئيلة مكتوبة بخط بنبركة، وماهي حجة الديبلوماسي- العميل التشيكي لرؤسائه بأنه التقى بنبركة أصلا وأن المعلومات المحررة في التقرير مصدرها بنبركة الواعي بأنه عميل. المخابرات خصوصا في البلدان السوفياتية البيروقراطية لا توزع مالا سائبا على موظفيها ليوزعوه كما يشاءون ودون توقيع العميل المخبر الاجنبي، لأنهم آنذاك قد يحتفظون به لنفسهم وكتابة تقارير لعملاء وهميين قد يكونون زعماء سياسيين يلتقونهم فعلا ولكن كأصدقاء لبلدانهم وفي إطار عمل تنسيقي ديبلوماسي لهدف تنظيم لقاء دولي او استصدار موقف…الخ. والديبلوماسي العميل التشيكي قد يستقي المعلومات من فم بنبركة أو من جهات اخرى ويضعها في فم بنبركة لأنه زعيم أممي معروف ومؤثر ويشارك في تسيير وتمثيل عدة منظمات دولية، ولأن هذا يعطي بريستيج للموظف الديبلوماسي العادي. وباحثنا التشيكي لأنه ذو نية حسنة يعطينا دون وعي منه حجة تزعزع أطروحته من أساسها حول أن بنبركة عميل مدفوع الأجر وواعي بدوره كعميل مأجور: الحجة هو انه يقول إن براغ غضبت من فضيحة أن الديبلوماسي التشيكي سلم حكومته، في بداية اتصالاته ببنبركة، وثائقا بالغة الأهمية حسب زعمه، قال له بنبركة إنه حصل عليها من داخل الاستعلامات الفرنسية، وجه الفضيحة ان المسؤولين التشيكيين وجدوا أن هاته الوثائق والمعلومات متاحة للجميع أي منشورة في السابق. القضية هنا مرتوقة بخيط أبيض (cousue de fil blanc )، اعتقادي هنا أن الديبلوماسي التشيكي هو من قدم لرؤسائه وثائقا معروفة وليعطيها قيمة قال إن بنبركة – لما انكشف الأمر – هو من خدعه. لا شك أن العميل هو من خدع رؤساءه ليحصل على مال ليس لديه اية حجة او توقيع يدلل على ان بنبركة هو من حصل عليه. ولنفكر هنا دقيقة واحدة ان الديبلوماسي العميل التشيكي موظف بسيط وطموح وأن بنبركة زعيم أممي مطارد من أشرس مخابرات العالم انذاك بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل بالاضافة الى المغرب على عهد أفقير. إذن يمكن ان نفترض بكل واقعية ان بنبركة واعي بأنه له سمعة طيبة شقت الآفاق وأن له تأثير وسلامة جسدية يجب أن يحافظ عليها، فكيف له أن يقبل بتلك المقادر من المقال البسيطة التي يذكرها المقال؟ غير معقول. خصوصا ان تشيكوسلوفاكيا كان تأثيرها ضعيفا جدا ولا تحتاج اصلا لمثل هاته المعلومات في بلدان لا تظهر بالكاد على الخريطة انذاك، كغينيا الاستوائية.
لوكانت موسكو لكان الامر اكثر منطقيا. غير معقول اذن ان يضحي زعيم كان يمكن ان يغتني في بلاده بسهولة وبطريقة مشروعة كما فعل زملاء له عديدون وفي رمشة عين، بكرامته وسلامته ليأخذ مال جيب او تذكرة طائرة. لنتذكر انه في مناطق بالمغرب عديدة كان المنزل بعيد الاستعمار يبيعه الاوربي المستعمر والذي يريد ان يهرب من بلد لم يبق له فيه أمل ولا أمان بعشر ثمنه وكذلك الضيعة… وكثير من اعضاء النخبة اغتنوا بسرعة استثنائية وبطرق تحترم القانون واحيانا تخالفه ولكن لم يحاسبهم النظام لان النظام يحتاج لهم لخلق سوسيولوجيته وإفراغ الاحزاب المعارضة من أطرها. فكما يقول مثل إفريقي حكيم: Il n’est poli de parler quand on a la bouche pleine.
3 – الباحث التشيكي في تقريره الذي يشعر أن القاريء النبيه سينتظر منه الوثائق المحاسباتية ولو دون توقيع بنبركة، يقول بكل بساطة إنها لا وجود لها لأنها دُمرت. غريب من له المصلحة في تدميرها؟. إما بنبركة اذا كان فعلا عميل، وبنبركة لم يكن لديه هذه الامكانية طبعا. أو الجاسوس التشيكي او رؤساءه لان لديهم مصلحة في اخفاء كمية الاموال التي ربما استفادوا منها والذين يمكن ان يحاسبوا يوما عليها ويعطوا البرهان القاطع على ان بنبركة هو من اخذها أو يردوها أو يعاقبوا عليها. غير معقول التخلص من الحرج الكبير بالقول ان الوثائق دمرت. ولماذا تكتب المقال اذن على شكل اسكوب، وتتهم بشكل قاطع انسانا محترما دون حجة قاطعة؟
4 – أن هذه المعلومة التي خرجت من الارشيف التشيكي نشرت لاول مرة وعلى نطاق واسع سنة 2007 ثم اضيفت اليها معلومات جديدة تريد ان تعطي نفس الانطباع وتذهب في نفس الاتجاه في نوفمبر سنة 2020. فلماذا أعيد تسخينها اليوم وتشرها في احدى الجرائد الاكثر “ممتازية” وبريستيج الغارديان؟
يتبع غدا
الملاحظة الخامسة:
يقول الباحث التشيكي أن الشهيد المهدي بنبركة كان عميلا بالاضافة لتشيكوسلوفاكيا ، للصين وللولايات المتحدة. يإلاهي ماهاته اللخبطة، اذن المناضل الأممي اليساري الكبير كان يعمل لصالح الجميع مقابل المال ومع ذلك يقتل في إطار تواطء دول كبير وشارك في مقاربته الفيزيائية التقنية باعتراف ليفي اشكول رئيس حكومة اسرائيل، الموساد ووكالة المخابرات الأمريكية وجزء من الأمن الفرنسي بالإضافة للأمن المغربي طبعا. وحتى الآن لم يعثر على جسده وحتى الآن وبعد 57 سنة لم يفتح لا المغرب ولا فرنسا أرشيفهما -في خرق سافر للقانون ولحقوق الإنسان -لترتاح عائلة بنبركة ويصبح لهم قبرا يزوروه.
الملاحظة السادسة: يقول الباحث التشيكي أن الاتحاد السوفياتي طلب من تشيكوسلوفاكيا وضع حد للعلاقات مع بنبركة لانه يعمل ايضا لصالح الصين كعميل. اي انه عميل مزدوج. هذه فكرة ضعيفة. اذا كان الامر يتعلق بزعيم مؤثر على المستوى العالمي فإن القوى الكبرى تتصارع ليعمل لصالحها اذا كان جاسوسا مستقلا ومدفوع الاجروخصوصا اذاكان عميلا مزدوجا لا اخلاقيا فإنه يخبر الجميع عن الجميع، ويتهافت عليه الجميع … على كل الباحث حاول ما امكن اعطاء طابع فِّيلم بوليسي شيّق ولكن فشل.
7 – بنبركة كذلك كان يحب ان يلتقي بالطلبة وكان يحاضر ويناقش معهم كثيرا. وحتى يوم اختطف كان معه احد الطلبة واسمه الزموري ولو لم يكن حاضرا لما عرف احد كيف اختفى بنبركة. اقول هذا لانبه انه من الممكن لديبلوماسي بلد صديق مكلف بالثقافة مثلا ان يدعو بنبركة لاعطاء محاضرة عن الحركات الوطنية في افريقيا او الشرق الاوسط، وأن يدفع له تعويض عن النقل او أتعاب عمله، ممكن. من الممكن كذلك ان يقوم الديبلومسي بالنقاش معه و كتابة تقرير يلخص تحاليله عن النخب الحاكمة بالمنطقة العربية او حتى دور الجيش بها، هذه مواضع من العادي جدا النقاش حولها بل نشر كتب كاملة تحلل المذاهب العسكرية لهاته الدولة او تلك.
8 – لا يمكن للمخابرات التشيكية ان تكون هاوية إلى حد ان لا تطلب من الديبلوماسي او الجاسوس المكلف ببنبركة أن يعطي دليلا ماديا على ان الزعيم المغربي هو من وفر تلك المعلومات والتحاليل. وحتى اذا رفض بنبركة التوقيع فإن قيادة المخابرات تطلب تسجيلا صوتيا على الاقل لجزء من التحاليل… او في الظروف الصعبة لصورة يأخذها عميل مساعد للجاسوس المستجوِب وهو مع بنبركة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube