ثقافة وفنونمستجدات

الشاعرة المغربية فاطمة أتوليد تقدم ديوانها الشعري الجديد soulagement

حرة بريس -متابعة

في أجواء احتفالية بهيجة، تحتفي بالأدب الفرونكوفوني في أبهى حلله، نظمت جمعية”نساء من أجل التنمية” بالفضاء الرائع لقاعة اجتماعات بلدية ايموزار كندر، يوم الأحد المنصرم على الساعة الثالثة بعد الزوال، حفلا شبه أسطوري لتقديم وتوقيع الإصدار الثاني لشاعرة الأطلس المتوسط، الأديبة “فاطمة أتوليد”، والذي يحمل عنون: “soulagement ” “ارتياح” الصادر سنة 2021 عن دار شمس للنشر والتوزيع. بحضور نخبة ممن تجمعهم بالكاتبة آصرة الإبداع من أدباء وشعراء ونقاد وسينمائيين وأكاديميين وفنانين ورياضيين، حجوا من الجهات الأربع للملكة والغاية واحدة: الفائدة والإفادة.
على نغمات النشيد الوطني، والترديد الجماعي لمتنه المرسخ لقيم المواطنة في نفس كل مغربي، انطلقت فعاليات هذا العرس الثقافي، من تقديم الإعلامي المخضرم: حسن عسو، بحرفيته الكبيرة، وإلمامه الواسع بخبايا السرد والإلقاء، وتمكنه الجيد من تقنيات التنشيط، وتملكه لروح الدعابة والنكتة وخفة الدم العالية، رحب بالحضور وبمختلف اللغات. أفسح المجال بعد ذلك ليعطي الكلمة لصاحبة النبض الرقيق والكلمة الهادفة، جوهرة الأمسية، الأديبة: فاطمة أتوليد، فجددت الترحاب في معرض حديثها بعشاق الحرف النقي، والإبداع المتميز، والحاضرين جميعا، ثم شرعت في سرد وتفصيل حيثيات تولّد هذه القطعة الأدبية، فهي الامتداد لباكورة أعمالها “سفر إلى ما وراء قلب، voyage au delà de mon cœur”، آفاق استشرافية في أعمال إبداعية قادمة بحول الله.
البطل العالمي في فنون الحرب السيد مصطفى لخصم، بصفته رئيس المجلس البلدي لايموزار كندر -الجهة المحتضنة للنشاط-، بدوره رحب بالجميع، كل باسمه وصفته، وتوجه لكل المبادرات التي تجعل الهم الثقافي في مقدمة الانشغالات بالتشجيع، وأبدى عزمه القوي على دعمها ماديا ومعنويا، لأن الرأسمال الحقيقي هو تكوين الإنسان، والقوة هي كفاءة الموارد البشرية، والثروة الأساسية هي المعرفة.
بتخلص حسن من الذاتية، سما الأدب عاليا ورفرف في القراءة النقدية الأولية التي أعدها الناقد الفذ “حسني امبارك” – عضو الجمعية الوطنية للنقاد السينمائيين، وعضو اتحاد كتاب المغرب- قراءة ماتعة صال فيها وجال، وأتى بما لاق بالمقام، فأماط اللثام عن الأساليب الجمالية، والصور البلاغية، والقيم الإنسانية، والمثل العليا التي روج لها”الارتياح”. فخلخل المبنى وغاص في أعماقه، وانتزع المعنى وكشف ملامحه.


ومن مجمل ما جاء في قراءته أن الكتابة بصفة عامة، اعتراف على حد تعبير احد الكتاب الفرنسيين: “l’écriture est un aveu”، و « soulagement »نصوص اعترافية محبوكة بأسلوب لغوي سلس، وبشكل يخترق القلوب، وتشخيص لحالات نفسية طاغية أو عابرة، ويؤكده الناقد حسني بقول الكاتب روبير موسيل:”الكتابة ليست نشاطا، وإنما حالة”. وكل نص من كتاب “ارتياح” ينبثق من سابقه ويتولد منه في تسلسل وتكامل للتعبير عن نقط أساسية في كتابة الأديبة، وهي:
-الوعي بمأساة الآخرين.

  • حب الطبيعة.
  • حاجة الإنسان للكتابة كحاجته للماء والهواء وشروط الحياة. وعلى الجميع أن يكتب فمن لم يستطع فعليه بالمطالعة.
    أما الأستاذ الجامعي المتقاعد من كلية العلوم الاقتصادية بجامعة محمد الخامس، الدكتور: “أحمد بولهوال” في قراءته النقدية لذات الإصدار، فقد بدأ النقد بقراءة لوحة الغلاف، ودلالات ألوانه وتموقع جزئياته، وتأويلات الألوان في ثنائيات تقابلية فلسفية وطبيعية. ثم عرّج لسبر أغوار متن الكتاب ويستنطق صفحاته وما بين سطوره مستدرجا كل الحاضرين إلى تذوق جودة هذا “الإنتاج المحلي” على حد تعبير الدكتور بولهوال.، والإقبال عليه.
    ببشاشته وتلقائيته، راح منشط الأمسية “حسن عسو” ينقل الكلمة بين المتدخلين ليدلوا بدلوهم في هذا المشترك الفكري، فكانت البداية من الدكتورة ثرية العمري، التي أبدت فرحتها وإعجابها بالكتاب والتوجه التنويري في كتابات المبدعة “فاطمة أتوليد” كاسم يعضّد قائمة الأدب النسوي بلغة موليير في المغرب، أما الناقد المسرحي المغرب الدكتور محمد الوادي، لم تفته المناسبة ليشيد بهذا الإبداع الذي يترجم مختلف فصول الحياة في قالب قد يصلح عملا مسرحيا، تكون الخشبة فضاء مناسبا لتشخيصه. أما الشاعرة “خديجة زواق” فقد عبرت عن شوقها الكبير للسفر عبر هذا الإصدار، خصوصا وأن القراءتين المتعمقتين أخذتاها إلى عالم تخيلته ذو شجون وتود ولوجه من خلال دفتي الكتاب. في حين تحدث الدكتور ناصر الدين شردال عن سلاسة الأسلوب، ووضوح الرؤية، وتنوع الصور الشعرية التي انصهرت في الشكل السري مبرزا الباع الطويل الذي تتصف به الأديبة في نقل قوة التفاصيل والأشياء. ولم تفت الفرصة لكل من الفنانين حميد بشتي و جواد اسرادي/ ابن مدينة ايموزار/ للادلال بشهادات في حق الكاتبة فاطمة اتوليد
    لم يحدِ الجو عن الاعتراف، بل أكد الاعتراف الذي ورد في النصوص ليرسخه على أرض الواقع، ويلتفت إلى تكريم وجه نسائي عصامي، كافح ويكافح بإيثار كبير ونكران تام للذات، ومصداقية علمية مخلصة للغة الضاد، والحديث هنا عن الدكتورة “أسماء وردي”، فتكريمها تكريم للمرأة المغربية المثابرة.
    شعور الدكتورة أسماء لم يكن خافيا، فعبرت بتلقائية عن شكرها وامتنانها لجمعية”نساء من اجل التنمية” –الجهة المنظمة لهذا العرس الثقافي- منوهة بأعمال الأديبة فاطمة أتوليد ومهنئة إياها بهذا الإصدار، متمنية لها المزيد من والعطاء، لأن الساحة الوطنية لازالت في أمسّ الحاجة إلى الإبداع والمبدعين.
    وكما جرت العادة في مثل هذه الأماسي فإن توقيع الإصدار بعبارات المحبة والود، والتحفيز على المطالعة والكتابة، وإمضاء المبدع، تكاد تكون الفقرة ما قبل الأخيرة، حيث وزعت الكاتبة الابتسامة والكتاب على الحاضرين، موثقين اللحظة بصور تذكارية تحمل أرقى المعاني، وأسمى القيم، وعبارات التشجيع على الإبداع.
    لم يخل اللقاء من توصيات رفعها الأدباء والشعراء، والدعوة إلى التكتل صفا واحدا للرقي بالمشهد الثقافي الوطني ووضع الأسس المتينة للعبور بهذا القطاع إلى بر الأمن.
    واختتمت الأمسية الثقافية، على الساعة السابعة مساء باستراحة شاي باذخة تداول فيها الحاضرون جزئيات وتفاصيل، وهموم فكرية مشتركة، وأسئلة قلقية، في حوارات ثنائية وجماعية، هنا وهناك، عبر أركان القاعة.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube