مراد العمراني الزكاري

نيودلهي صداع في رأس بكين


بقلم : مراد العمراني الزكاري (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية )

قبل شهور من إعلان إنضمام الهند وباكستان كعضو كامل في منظمة شنغهاي للتعاون، وفي خطوة إستباقية لإحتواء زيارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى الهند في 27يناير من سنة 2015 ،ولقاء نظيره الهندي ناريندرا مودي وتقديمه وعودا شفوية بإستثمارات أمريكية في مشاريع البنية التحتية الهندية بقيمة 20 مليار دولار.
قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بلقاء مودي في نيودلهي، وبجعبته عشرين صفقة رفيعة المستوى بقيمة 100 مليار دولار تم التوقيع عليها أثناء الزيارة ،تتضمن إستثمارات روسية بقيمة 40 مليار دولار في مجال الطاقة النووية ،تتعهد موسكو خلالها ببناء 12 مفاعل نووي جديد للهند خلال العشرين سنة المقبلة، وأيضا إستثمارات بقيمة 50 مليار دولار في النفط الخام والغاز الروسي، بالإضافة إلى 10 مليارات دولار في مختلف القطاعات ، بما في ذلك الدفاع والفضاء الخارجي.
وقد سمح بوتين بنقل تكنولوجيا تصنيع الطائرات المروحية الروسية متعددة الأغراض إلى الهند،بل ومنحها أيضا حق تصدير هذه الطائرات إلى الدول الأجنبية، وأبدى بوتين استعدادته لقبول الطلب الهندي المقضي بتصنيع قطع الغيار ومكونات المعدات العسكرية الروسية في المستقبل.
الصراع بين واشنطن وموسكو ،للفوز بالكعكة الهندية، يعكس الرهان على إنضمام الهند للفضاء الاقتصادي الآوراسي والذي حتما سيمثل رقما صحيحا في السيطرة على هذه الرقعة من العالم.
فالهند التي مضت منذ بضعة عقود في خطط الإصلاح الإقتصادي منجذبة نحو الصناعة الغربية ، خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية كمصدر رئيسي للاستثمار والتكنولوجيا،ترددت الصين كثيرا في إعلان موافقتها على إنضمامها إلى منظمة شنغهاي، خشية أن تكون حصان طراودة لامريكا داخل خيمة شنغهاي، بينما كان هدفا روسيا طال إنتظاره؛ فالرئيس الروسي يؤمن تماما بأن الهند لديها المزايا الكامنة ما يجعلها قوة إقليمية، من حيث قدراتها العسكرية و الإقتصادية ونفوذها الاستراتيجي.ولذا سعى بوتين إلى إقناع مودي بأن الشراكة الإستراتيجية مع هذه القوى العالمية الثانية ،أي الصين، تخدم المصالح الهندية على المدى الطويل. بينما من المنظور الصيني،يمكن إقناعها بأن إحتواء بكين لطموحات نيودلهي أفضل من تحالف ” هندي -ياباني” يمكن أن يشكل محور مواجهة لبكين في آسيا والمحيط الهادئ، وقد ساعد تولي الرئيس الهندي مودي مقاليد الحكم في الهند إلى اتخاد القرار بعد تخلص الهند من الرئيس السابق التابع للولايات المتحدة الأمريكية.
من جهة أخرى لا تزال نظرة الهند لمبادرة الحزام الإقتصادي و طريق الحرير نظرة سلبية تجاه الصين ، وتظن في تطور العلاقات والتعاون الإستراتيجي بين بكين وكل من بورما ، وجزر المالديف، وسيريلانكا ، وباكستان، عبى المسارات البرية والبحرية المشتركة على طريق الحرير، كمحاولة صينية لتطويق النفوذ البري والبحري للهند في المحيط الهندي.
مادفع نيودلهي التي وصفت باكستان بمستعمرة صينية في يونيو 2017، بعد إعلان الجيش الصيني عزمه إرسال عسكريين من أجل تأمين الممر الإقتصادي في باكستان من هجمات للآرهابيين ، إلى الترويج لمشروع ” الموسم” أثناء انعقاد الدورة 17 لمؤتمر الامن الآسيوي في فبراير 2015، والذي يهدف إلى قيادة الهند لعالم البحار و المحيطات، وإعادة تشكيل المحور الحضاري الهندي،وكأنما تريد نيودلهي إستدعاء نسخة الجغرافي هالفرد ماكيندر الخاصة بها،ولذلك إلتزمت الهند موقفا غير متقبل لمبادرة الحزام والطريق ، بل وقامت بتفعيل خطوات مشروع الموسم بإعلان ” ممر النمو الآسيوي الإفريقي ” في البيان المشترك الصادر عن رئيس الوزراء الهندي و الياباني في نومبر 2016 ، والذي سيركز على إنشاء ممرات بحرية جديدة تربط بين القارة الإفريقية والهند وغيرها من البلدان في الجنوب الآسيوي وجنوب شرقي آسيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube