أخبار دوليةمستجدات

جيريمي سوري: لماذا انتصرت قبائل أفغانستان على الولايات المتحدة؟

أحمد رباص – حرة بريس

نشر جيريمي سوري هذا المقال في مجلة فورين بوليسي في اليوم السابع عشر من الشهر الجاري. وفي مستهله ذكر أن الانهيار السريع للدولة التي بنتها أميركا في أفغانستان هو “تذكير مؤلم للغاية” بأن الدول ليست هي الشكل الوحيد للتنظيم السياسي.لقد تناول هذا المؤرخ الأميركي في مقاله هذا أسباب الهزيمة التي تعرضت لها الولايات المتحدة في أفغانستان على يد حركة طالبان.
وصف ااكاتب شبكات القرابة المحكمة الترابط بأنها ليست من مخلّفات الماضي بل هي شكل حديث وفعال من أشكال التنظيم السياسي.
ثم بعد ذلك، أشار إلى سخط بين قدامى المحاربين الأميركيين بأفغانستان من انتصار طالبان وموقف بايدن من أأفغانستان، مستنتجا ان20 عاما تبخرت في يوم واحد في ما يشبه المأساة الفيتنامية.
وتابع كاتب المقال مؤكدا أن الانهيار السريع للدولة التي بنتها الولايات المتحدة في أفغانستان هو “تذكير مؤلم للغاية” بأن الدول ليست هي الشكل الوحيد للتنظيم السياسي، بل أبعد ما تكون عن ذلك.
ومن وجهة نظره، اتسمت العقود الأولى من هذا القرن بظاهرة انهيار دول في نصف الكرة الجنوبي. كما أن الدول في العالم المتقدم ترزح هي الأخرى تحت أزمات حتى في تلك البلدان المستقرة تاريخيا كالولايات المتحدة وبريطانيا.
واستعرض جيريمي سوري -وهو أستاذ كرسي ماك براون المتميز للقيادة في الشؤون العالمية، بجامعة تكساس في أوستن- في مقاله أفكارا تضمنها كتاب بعنوان “القبيلة والدولة في آسيا عبر 25 قرنا” لمؤلفه سوميت غوها
ويعرض غوها في كتابه “إطارا محوريا” لفهم أحد أقوى أشكال التنظيم السياسي المضادة للدول وهي القبيلة. ووفقا لجيرمي سوري، فإن سوميت غوها مؤرخ متخصص في منطقة جنوب آسيا وقد تناول بالتركيز في كتابه ما أطلق عليه “البيئة السياسية في الحياة القبَلية.”
وفي نفس السياق، يقول مؤلف الكتاب إن المناخ والتضاريس الطبيعية (الطبوغرافيا) تتيح أشكالا من التنظيم الاجتماعي تتسم بطابع رعوي ولا مركزي على أطراف الإمبراطوريات والدول.
ويضيف أن المجموعات السكانية في تلك المناطق تعتمد في معيشتها على شبكات القرابة والتكيف مع البيئة، وتقاوم الدخلاء الأقوياء وتتكيف بشكل خلاق مع المتغيرات السياسية والاقتصادية.
ويرى سوري أن هذه النقطة الأخيرة هي الإسهام الأهم للمؤلف غوها في كتابه، إذ يؤكد أن القبائل ليست من بقايا ماضٍ مفقود بل هي أنماط حيوية وحديثة من التكيف مع التهديدات والمحفزات في عالمنا المعاصر.
ويعطي مؤلف الكتاب أمثلة على القبلية في قارة آسيا، مستشهدا بقبائل وادي سوات في باكستان، والأقليات العرقية في الصين، والقبائل المنبوذة في الهند.
كما يشير إلى أن كل مجموعة من هذه المجموعات تعاملت مع الدول القوية من حولها بطرق تعيد صياغة هوية قبائلها من أجل البقاء على قيد الحياة.
في الهند، مثلا، استغلت مختلف القبائل النظام الديمقراطي للمطالبة بنصيبها من الوظائف الحكومية وبفرص للتعليم الجامعي، بينما قاومت نظيراتها في باكستان المجاورة الدولة وقدمت الدعم للجماعات شبه العسكرية في عبورها الحدود من أفغانستان وإليها.
واعتبر جيريمي سوري أن حركة طالبان “ثمرة حديثة” من ثمرات النظام القَبَلي في باكستان، التي تعمل أحيانا ضد الدولة وأحيانا أخرى معها.
ويمضي إلى القول إن الأميركيين من كل ألوان الطيف السياسي لن يستطيعوا الزعم بأنهم يعرفون أفضل من أبناء القبائل في أفغانستان التي قضوا 20 عاما وهم يحاولون تنظيمها وبناء جيش حديث ودواوين الدولة.
وأوضح المؤرخ الأميركي في مقاله أنه بينما تسعى الدول القوية لفرض قوانينها وأهدافها، تعمل القبائل على التكيف معها ومقاومتها بدهاء ملحوظ لما تملكه من مزية نابعة من أن البيئة السياسية تحابي المجتمعات الرعوية واللا مركزية.
وقد تجلى ذلك في أفغانستان طوال العقدين الماضيين حيث جاءت النهاية عنيفة للغاية. وارتبطت طالبان بالبنية القبَلية لأفغانستان وباكستان بأفضل من ارتباط الولايات المتحدة بها، وهو ما يفسر صمود الحركة في وجه الهجمات الأميركية المتكررة.
ويتوقع المؤرخ سوري أن طالبان ستواجه على الأرجح مقاومة في المستقبل من العديد من القبائل، ولا سيما في الشمال، لكنها لن تحاول إقامة دولة مركزية بيروقراطية كتلك التي سعت الولايات المتحدة لبنائها.
ويتابع بالقول إن على الدبلوماسيين الأميركيين أن يتعرفوا أكثر على القبائل في المجتمعات الأجنبية، كما ينبغي على صناع السياسة التعامل معها باعتبارها شريكة جادة في أي مفاوضات. ثم إن على القادة معرفة أن أجهزة الدولة التي يميلون إلى تفضيلها ليست بالضرورة متفوقة على الهياكل القبلية البديلة.
ويختم جيريمي سوري بالسؤال: كيف كان لهذا النهج أن يحدث فرقا في أفغانستان خلال العقدين الماضيين؟
ويجيب بالقول ربما كانت هناك خيارات بديلة في السعي لبناء دولة أفغانية، فمنذ الأيام الأولى التي أعقبت هزيمة طالبان في أواخر عام 2001، أدرك صناع السياسة الأميركية مدى صعوبة جمع البشتون والطاجيك والهزارا والعديد من القبائل الأخرى في اتحاد سياسي واحد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube