أخبار العربمستجدات

سقوط كل مؤامرات حكام الجزائر ومناوراتهم في الماء

محمدبوبكري

لقد عبر مؤخرا “بن بطوش”، زعيم مليشيات “البوليساريو”، خلال ندوة صحفية عقدها بـ “تندوف”، عن رغبته في حوار مباشر مع المغرب من أجل إبرام اتفاقية “وقف إطلاق النار” بين جماعته والمغرب. يبدو لي أن هذا الكلام يستوجب طرح الأسئلة العديدة الآتية: هل هذا الكلام نابع من قناعة هذا الشخص، أم أملاه عليه جنرالات الجزائر ومخابراتهم؟… لا جدال في أنه ليس من حق “بن بطوش” أن يفكر باستقلال عن هؤلاء ويقول ما يشاء، لأن ذلك محرم عليه؛ فهو مجرد عبد في كنف هؤلاء، كما أنه يعي أنه لا يمتلك أي هامش لاتخاذ أي قرار، خشية اغتياله، كما حدث مع سابقيه. لذلك، يبدو لي أن ما صرح به هذا الشخص هو تعبير عن رغبة جنرالات الجزائر الذين حرقوا كل أوراقهم، ما نتج عنه إغلاق كل الأبواب في وجوههم، فأصبحوا يعيشون في حالة ضياع، لأنهم خسروا معركتهم الدبلوماسية ضد المغرب، كما أن انخراطهم الكامل في توظيف “البوليساريو” ضد وحدته الترابية قد كان من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت الشعب الجزائري ينتفض ضدهم ويطالب برحيلهم، لأنهم عوض أن يلبوا مطالبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، انخرطوا في إنفاق أموال الشعب الجزائري على التسلح، كما أنهم أنفقوها على “البوليساريو”. أضف إلى ذلك أنهم اتخذوا كل ذلك ذريعة لعقد صفقات، جعلوها مطية لنهب أموال الشعب الجزائري وتهريبها إلى الخارج، لأنهم يدركون أنهم راحلون مستقبلا، وستكون هذه الأموال المنهوبة من الشعب الجزائري هي ملاذهم وملجأهم… ومن الغريب أنهم لم يدركوا أنهم هم أصل كل المشاكل التي تعيشها الجزائر سلطة وشعبا ووطنا..
لقد فشل جنرالات الجزائر داخليا وخارجيا، حيث انتفض الشعب ضدهم، ورفع شعارات رافضة لهم، بل إنه طالب ببناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة. ويتمثل فشلهم خارجيا في أن هناك بلدانا عديدة اعترفت بشرعية سيادة المغرب على صحرائه، وستستمر دول العالم في الاعتراف بـ “مغربية الصحراء”، ما يؤكد أن هذا الملف في طريقه إلى الطي النهائي في المستقبل القريب، حيث سيبدأ ذلك بقيام الاتحاد الأفريقي بتجريد “البوليساريو” من عضويته. أمام هذه الوضعية، وجد الجنرالات أنفسهم عاجزين عن فعل أي شيء، وصاروا يولولون ويصرخون أينما حلوا وارتحلوا، لأن المغرب تفوق عليهم اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا وأخلاقيًا، فأصبح قوة إقليمية كبيرة، وصار جنرالات الجزائر تائهين. لذلك، نجدهم حريصين على محاولة إثبات أن هناك حربا بين مليشيات “البوليساريو” والمغرب، لإثبات أن مشكل الصحراء المغربية هو بين المغرب و”البوليساريو”، ولا دخل لحكام الجزائر فيه. ولقد روج الجنرالات لهذه الأكذوبة في مختلف وسائل الإعلام التابعة لهم، حيث وصل بهم التزوير والكذب إلى بث فيديوهات خاصة بحرب اليمن الحوثيين، أرفقوها بتغطية صوتية تقول إن رحى هذه الحرب تدور في الصحراء المغربية… لكن ذلك لم ينفعهم في شيء، حيث اكتشف العالم كذبهم وتزويرهم هذا، كما أن الأمين العام للأمم المتحدة قد عين مبعوثه الشخصي إلى الصحراء المغربية لتدبير المفاوضات بين المغرب والجزائر وجماعة “البوليساريو”. وإذا كان المغرب قد رحب بهذا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، فإن جنرالات الجزائر قد رفضوا المشاركة في هذه المفاوضات، لأنهم يرفضون أن يثبت عليهم أنهم طرف فعلي في هذا الصراع. وهذا ما يؤكد أن الفضاء قد ضاق بهم من كل جهة، وأرادوا أن يدخل المغرب في حوار مع “البوليساريو”، لكي تتم تبرئة ذمتهم؛ فعلى من يضحك حكام الجزائر؟ ألا يعلمون أن العالم برمته يعي أنهم يقفون وراء افتعال مشكل الصحراء من أجل التوسع على حساب المغرب عبر السطو على صحرائه؟ وهل يعتقد جنرالات الجزائر أن المغرب يرى أن مشكل الصحراء المغربية من افتعال البوليساريو؟ إذا كان هؤلاء يعتقدون ذلك، فإن هذا يؤكد غباءهم. لذلك، فإن ما ينبغي عليهم أن يدركوه هو أن العالم كله فد صار يعي أن مشكلة الصحراء المغربية هي من افتعال حكام الجزائر، وأن المغرب ضحية لحقدهم ومؤامراتهم عليه، حيث إنهم لا يتوقفون عن الإساءة إلى صورة المغرب عبر الدفاع عن عميلتهم “جبهة البوليساريو”باسم مبدإ تقرير المصير، الذي لا يؤمنون به أصلا. وإذا كانوا يدعون عكس ذلك، فعليهم أن يمنحوا هذا الحق للشعب الجزائري الذي عبر عن رفضه لهم، كما عليهم أن يقبلوا منح حق تقرير المصير لشعب “جمهورية القبايل”، التي كانت مملكة قديمة موجودة منذ عهود قبل تأسيس الجزائر من قبل الاستعمار، حيث تكشف الوثائق التاريخية أنها كانت مجرد أرض اقتناها الفرنسيون من الاتراك. أضف إلى ذلك أنه يتوجب على جنرالات الجزائر منح حق تقرير المصير للمغاربة المحتجزين في “تندوف”، الذين يرغبون في العودة إلى وطنهم المغرب؛ فهم يعانون اليوم من الاحتجاز والاعتقال التعسفيين، حيث يفرض عليهم جنرالات الجزائر العيش في ظروف قاسية ولا إنسانية….
وجدير بالذكر أن العالم كله يدرك أن حكام الجزائر يسيل لعابهم على تطبيع علاقاتهم مع إسرائيل، حيث ركضوا سنين طويلة وراء المسؤولين الإسرائيليين من أجل تحقيق ذلك، ولم يتوقفوا عن الركوض وراءهم بغية إقناعهم بقبول إقامة علاقات معهم.. وقد التزم حكام الجزائر للمسؤولين الإسرائيليين بأنهم على أتم الاستعداد لمنح المسؤولين الإسرائليين كل ما يطلبونه منهم، شريطة عدم إقامتهم لأي علاقة مع المغرب، جنرالات الجزائر منوا بالفشل في تحقيق مسعاهم هذا. وبعد أن تجرعوا مرارة هذا الفشل الذريع، انخرطوا في ممارسة دعايات مغرضة وكاذبة ضد المغرب، يروجون أن المغرب ربط علاقات مع إسرائيل وتخلى عن القضية الفلسطينية. لكن دعايتهم لم تنفعهم في شيء، حيث اكتشف الفلسطينيون بمختلف أطيافهم زيفها، ورحبوا بإقامة المغرب لعلاقة مع إسرائيل، فصارت العلاقة المغربية الإسرائلية محط إجماع عالمي وفلسطيني، حيث إن المغرب بقي متمسكا بالتزاماته تجاه الشعب الفلسطيني، ويحترم، في الآن نفسه اتفاقياته ومعاهداته مع إسرائيل، وكذا مع مختلف بلدان العالم؛ فالمغرب بلد قيم التعايش والسلام، وهو مستعد لدعم مفاوضات السلام في الشرق الأوسط عبر الانخراط فيها، بل إن كلا من الفلسطينيين والإسرائيليين يرغبون في ذلك، ما يؤكد أنه محط إجماع، الأمر الذي لا يمكن أن يحظى به حكام الجزائر، الذين ينظمون الجماعات الإرهابية ويمولونها خدمة لأهدافهم التوسعية على حساب جيرانهم شرقا وغربا وجنوبا، وذلك من أجل خدمة إستراتيجية بعض البلدان الإمبريالية…
إن المغرب يعلم أن الجنرالات قد قبلوا إقامة قاعدة عسكرية روسية في وهران، ولم يوجه إليهم أي نقد لقبولهم بذلك. لكن لماذا يتدخل جنرالات الجزائر في إقامة المغرب لعلاقات مع إسرائيل؟ ألا يعد ذلك سعيا إلى المس بالقرار السيادي للمغرب؟ فالمغرب بلد له سيادته، ولا يمكن أن يقبل بأي محاولة للمس بسيادته…
على حكام الجزائر أن يعلموا أن المغرب على علم بأنهم أقاموا قواعد لجماعة “فاغنر” بالجزائر، حيث أصبحوا تحت حماية هذه الجماعة، التي تكلف الخزينة الجزائرية أموالا طائلة. و”فاغنر” هذه هي منظمة روسية شبه عسكرية، يصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة، أو وكالة خاصة للتعاقد العسكري، التي قيل إن مقاوليها شاركوا في صراعات مختلفة، بما في ذلك العمليات في الحرب الأهلية السورية إلى جانب الحكومة السورية، وكذلك في الفترة من 2014 إلى 2015، في “دونباس” بـ”أوكرانيا، لمساعدة القوات الانفصالية التابعة للجمهوريات الشعبية “دونيتسك ولوهانسك” المعلن عنها ذاتيا.
ويرى آخرون، بما في ذلك التقارير الواردة في صحيفة نيويورك تايمز، أن جماعة “فاغنر” هي حقًا وحدة تتمتع بالاستقلالية تابعة لوزارة الدفاع الروسية و/أو إلى مديرية المخابرات الروسية، والتي تختفي وراءها الحكومة الروسية عند التدخل في نزاعات معينة، ما يمكنها من إنكار تدخلاتها هذه. كما يتم تدريب قوات “فاغنر” في منشآت وزارة الدفاع الروسية ومخابراتها. ويقال إنها في ملكية لرجل الأعمال “يفغيني بريغوجين” الذي تربطه علاقات وثيقة بالرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”.
وجدير بالذكر أن جنرالات الجزائر قد استقدموا جماعة “فاغنر” إلى مخيمات “تندوف” لتدريب مليشيات البوليساريو، لكن ذلك لن ينفعهم في شيء، لأن المغرب قد أعد العدة لكل الاحتمالات، وله ما يكفي من العتاد لصد أي عدوان عليه، حيث صار أفراد مليشيات. ” البوليساريو” ومختلف الجماعات الإرهابية لا يستطيعون تجاوز الحزام الامني، الذي أقامه المغرب، لأنهم يدركون أن إقدامهم على ذلك يؤدي إلى فنائهم…
وللتدليل على طمع جنرالات الجزائر في خيرات جيرانهم وخدمتهم لإستراتيجية قوى إمبريالية، يكفي أن نشير إلى أن تدخل جنرالات الجزائر في دولة “مالي” قد مكن روسيا من استغلال مناجم الذهب في هذا البلد، حيث إن حكام الجزائر يتلقون أموالًا طائلة من وراء ذلك. وهذا مايكشف زيف ادعاءات حكام الجزائر الذين صار العالم كله يدرك نزعتهم التوسعية على حساب جيرانهم، حيث أصبح جليا أن جنرالات الجزائر يؤسسون الجماعات الإرهابية، ويمولونها، ويحمونها من أجل زعزعة استقرار جيرانهم، وذلك خدمة للمصالح الإستراتيجية لبعض القوى الإمبريالية…
وخلاصة القول، إن جنرالات الجزائر قد باتوا يعيشون في عزلة خانقة، ما جعلهم يتحايلون عبر الاختفاء وراء “البوليساريو” من أجل المناورة ضد المغرب، رغم أنهم قد افتعلوا مشكلة الصحراء المغربية للتوسع على حسابه، وطمعا في السطو على خيراته. لذلك، ينبغي أن يعلم هؤلاء أن المغرب أقوى منهم اقتصاديا وعسكريا وأرفع شأنا منهم أخلاقيا، ولا يمكنهم ان يعرقلوا تنميته، حيث إنه مستعد لكل الاحتمالات. كما أن العالم يدرك مناوراتهم وافتراءاتهم، وألاعيبهم، واحتضانهم لمختلف الجماعات الإرهابية، ما قد يدفع بالمنتظم الدولي إلى فرض حصار شامل عليهم، الأمر الذي قد يساعد على ترحيلهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube