شخصياتمستجدات

سؤال من يحكم المغرب اليوم؟

حرة بريس: يوميات الانتخابات


عبدالرحمان غندور


حين يطرح السؤال في البلدان الديموقراطية حول من يحكم ؟ يأتيك الجواب بكل تلقائية وعفوية:
الحكم والحاكم يخرجان من صناديق الاقتراع.
فهل يصدق هذا الجواب على سؤال من يحكم المغرب؟
صناديقنا المقدسة، تعطي المرتبة الأولى، ومعها قيادة الحكومة، لحزب قاطع المغاربة قبل سنتين، في شبه أجماع، أحد منتوجات زعيمه. (محطة افريقيا) ونعت المغاربة هذا الزعيم بأبشع نعوت الفساد وزواج المال والسلطة، وله ملفات حارقة سواء من طرف المجلس الأعلى للحسابات، و لجن التحقيق البرلمانية، و مجلس المنافسة. وكلها تحتم منطقيا أن تجعله وحزبه خارج دائرة التنافس والحصول على المرتبة الأولى.
لكن صناديق الاقتراع ” النزيهة ” أجابت بالعكس:
الحكم يومئد لأخنوش وحزبه وحلفائه.
وإذا كان أخنوش ومعه حفيظ العلمي مثلا، من أكثر المغاربة ثراء وفسادا، حسب الملفات وما يتناقله الناس والصحافة المغربية والدولية. وإذا تربع هؤلاء على رأس الحكومة باختيار من صناديق الاقتراع “النزيهة “، فمعنى ذلك أن من يحكم المغرب باسم الصناديق هو الثراء والفساد.
فهل حقا أن المال والفساد هما من يحكم المغرب؟
لقد سبق للسيد حفيظ العلمي في 2008 أن صرح أمام شهود عيان، كما هو مدون بمحاضر الشرطة، في نزاع بين ابنه المدلل وأحد المواطنين إثر حادث سير عادي حين سأله المواطن الذي تعرض للسب والشتم والتهديد : شنو غادي تكون ؟
فأجاب السيد حفيظ العلمي : أنا من يحكم المغرب.
والسيد حفيظ العلمي، من أشهر أسماء الفساد التي يتم تداولها محليا ودوليا، في الصفقات المشبوهة والبيع والشراء والتحويلات في الشركات القابضة وشركات التأمين، وتبييض الأموال، والتهرب الضريبي عبر شركات وهمية ببلجيكا واللوكسمبورغ وباناما.
وها هو الآن مع حليفه آخنوش، وهما معا التحقا بحزب التجمع الوطني بعد استوزارهما، ولم يكن لهما انتماء سياسي قبل الاستوزار…ها هما الأن يتأهبان لحكم المغرب عبر صناديق الاقتراع ” النزيهة جدا “

فمن أين لهما هذه القوة بعد أن خرج الشارع المغربي في حركة 20 فبراير 2011، رافعا شعار ” إسقاط الفساد “.
سقطت حركة 20 فيراير، رغم أنها فرضت دستورا جديدا. لكن عشر سنوات من تنزيله، لم تسقط الفساد، بل جعلته يتغول أكثر، كي يخرج لنا منتصرا من صناديق الاقتراع، ليحكم المغرب دستوريا وقانونيا وبشرعية ومشروعية الأصوات والمقاعد المحصل عليها.
وعلينا أن نعترف أن العملية الانتخابية لم تتعرض عموما لذلك التزوير المكشوف والفاضح الذي تعودناه أيام ادريس البصري، كما أنها لم تخل من استعمال للمال والنفوذ والسلطة بأشكال متفاوتة بين الأحزاب. لكن المنتصر فيها هو من استطاع أن يستثمر التحولات العميقة التي أنتجتها عملية ” التصنيع البشري ” للانسان المغربي الجديد، بواسطة عمليات التفقير والتجهيل والتضبيع، لا سيما وسط الفئات المتوسطة، والفقراء والمهمشين والعاطلين والشباب بكل شرائحهم وفئاتهم المتعلمون منهم والجاهلون. لقد تم استثمار الواقع الجديد الذي صنعته سياسات العقدين الأخيرين، والموسوم بالسطحية والرداءة والضحالة والوصولية والانتهازية والانبطاح، والبحث عن الكسب السريع. هذا الواقع الذي صنعه الفساد، ليصبح مزرعة لاستثماراته من أجل الفوز والانتصار.
وتتناسل الأسئلة :

  • كيف حصل الفساد على كل هذه الأصوات والمقاعد؟
  • من هي الشرائح الاجتماعية التي منحته أصواتها؟
  • أين غابت الشرائح الواسعة التي انخرطت سنة 2018 في مقاطعة محطات إيفريقيا وحليب سنطرال وماء سيدي علي، ونعتها الوزير بوسعيد المقال ب ” المداويخ “
  • أين هي جماهير الحراكات والاحتجاجات الاجتماعية وضحاياها التي عرفتها العشرية الأخيرة؟
  • أين هي جماهير حراك الريف وجرادة وإيفني وإيكديم إيزيك وغيرها؟
  • وأخيرا أين هي جماهير حركة 20 فبراير بكل زخمها وقوتها وجماهيريتها؟
    ليس المهم الآن الاجابة على هذه الأسئلة. بل المهم الأن هو الاعتراف بانتصار الفساد وقوته وقدرته على نيل أصوات المغاربة، ليخرج متوجا عزيزا مكرما يتربع على عرش حكومة المغرب للسنوات الخمس القادمة كما ينص على ذلك دستور 2011.
    وحين يتم الاعتراف بهذا الانتصار الكاسح للفساد، لا بد من الاعتراف بهزيمة الطهارة والنبل النضالي وأحلام التغيير، وبناء مجتمع الكرامة والعدالة والحرية والمساواة، وبالتالي هزيمة الفكر المواطن ذي النزعات التقدمية الاشتراكية الاجتماعية اليسارية.
    وبين الاعترافين، يتجدد سؤال ما العمل؟
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube