أخبار العربمستجدات

الدول العربية تسابق الزمن للوساطة بين المغرب والجزائر

أبو أمير

منذ إعلان الخارجية الجزائرية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية، وخوفا من تدهور الأوضاع حاولت مجموعة من الدول العربية الوساطة بين الدولتين في محاولة لإعادة العلاقات الدبلوماسية والعمل على حل الخلافات العالقة بينهما.

بعد أن أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في 24 غشت 2021 قطع الجزائر علاقاتها مع المملكة المغربية، واستدعائه السفير المغربي لمقر وزارة الخارجية الجزائرية و هذا الأخير الذي لم يستجب.
كما تساءل العديد من المتتبعين للشأن الدو لي عن الجدوى من الدعوة للقاء بعد إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية في وقت سابق للدعوة.

فيما تسابق بعض الدول العربية الزمن من خلال مساعيها في محاولة لتخفيف حدة التوتر بين البلدين الجارين، والدفع بالبلدين إلى تجاوز مشاكلهما وإيجاد حل يرضي الطرفين. وفي مقدمة هذه الدول المصرية و الكويتية و السعودية، كما القطرية و الموريتانية، كلها تحاول التوسط لإنهاء القطيعة المعلنة، وما يمكن أن يتلوها من أخطار لهذا التصعيد المتزايد.

وقد أجرى وزير خارجية الكويت، الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، اتصالين هاتفيين، يوم أمس الثلاثاء مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، و الجزائري رمطان لعمامرة، و ذلك تزامناً مع الأزمة المشتعلة بين البلدين الجارين.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية “كونا”، بأن وزير خارجيتها أجرى اتصالين هاتفيين بنظيريه المغربي و الجزائري، تطرقا إلى “العلاقات الثنائية المتينة وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية”.
ولم يتطرق الاتصالان صراحة إلى أزمة قطع العلاقات بين المغرب و الجزائر، فيما لم يصدر عن البلدين أي تفاصيل بخصوصهما.
و في بيان سابق وزارة الخارجية الكويتية دعت كلا من المغرب و الجزائر إلى تغليب لغة الحوار لتجاوز المسائل الخلافية وطي هذه الصفحة، بما يعكس حكمة قيادتي البلدين، و يجسّد ما يربطهما من علاقات، ويحقّق تطلعات شعبيهما، و يعزّز الأمن و الاستقرار، ليكملا دورهما في تعزيز العمل العربي المشترك، و ما يواجهه من تحديا، فضلا عن أسفها البالغ للتطورات التي تعرفها العلاقات بين المغرب و الجزائر.
و يعد التحرك الكويتي الثاني خليجياً، بعد المملكة العربية السعودية التي سبق و أن دعت في بيان لوزارة خارجيتها، غداة قطع العلاقات الدبلوماسية، بين الجزائر و المغرب عن أسفها جراء هذا القرار، و حثت الطرفين إلى ضبط النفس و عدم التصعيد، و تغليب الحوار لحل الخلافات بين البلدين.
و كان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أجرى، يوم الجمعة 27 غشت 2021، محادثتين هاتفيتين منفصلتين مع نظيريه الجزائري و المغربي. و جرى خلال الاتصالين استعراض العلاقات الثنائية، و سبل تعزيزها بما يحقق مصالح البلدين و الشعبين الشقيقين، إضافة إلى بحث التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. و تشهد العلاقات الجزائرية المغربية أزمة مزمنة و خلافات في ملفات عديدة؛ منها أمن الحدود، وملف الصحراء، و اتهامات الجزائر للمغرب بالتجسس عليها.
و في نفس اليوم الجمعة، أجرى وزير خارجية مصر سامح شكري و نظيره السعودي فيصل بن فرحان، اتصالين هاتفيين منفصلين بلعمامرة وبوريطة. و أضاف البيان المصري أن “شكري تطرق، خلال الاتصالين الهاتفيين، إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات بين البلدين الشقيقين، و سبل الدفع قُدماً بتجاوز تلك الظروف”، في إشارة إلى قطع العلاقات. كما أكد شكري آنذاك “ضرورة العمل على إعلاء الحلول الدبلوماسية والحوار إزاء تحريك المسائل العالقة بينهما”.

من جانبه وزير الخارجية القطري، سلطان بن سعد المريخي، التقى السفير الجزائري في قطر، مصطفى بوطورة الأحد. و رغم أن بيان اللقاء كان دبلوماسياً بحتاً استعرضت فيه العلاقات الثنائية؛ كما أعربت مؤخراً قطر في بيان للخارجية عن أسفها البالغ لقطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر و المغرب، مؤكّدةً ضرورة إبقاء قنوات الحوار و القنوات الدبلوماسية مفتوحة لحل كافة المشاكل العالقة في أسرع وقت ممكن. و أضافت وزارة الخارجية في بيانها “إن دولة قطر ستظل حريصة على كل ما من شأنه الحفاظ على مسيرة العمل العربي المشترك، ولحمة الأمتين العربية و الإسلامية”.

كما أجرى وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد هو الآخر مكالمتين مع نظيريه الجزائري و المغربي ناصر بوريطة، مؤكداً أن موريتانيا قطعت خطوة أولى في وساطة تنوي القيام بها بين جاريها المغرب و الجزائر. و قد عبر هذا الأخير عن قلق بلاده من الأزمة بين البلدين الجارين، و التي وصلت إلى درجة القطيعة الدبلوماسية، قائلاً: إن “موريتانيا تشعر بالألم للمستوى الذي وصلت إليه الأزمة بين الجزائر والمغرب”. لكنه تدارك ليقول: “مهما كانت الأزمات، ومهما كان المستوى الذي وصلت إليه، سيوجد لها حل”.

و تأتي جهود الوساطة العربية لحل الأزمة الجزائرية المغربية في وقت يستمر فيه التصعيد بين البلدين المغاربيين الجارين، آخر فصل له كان ما صرَّح به عمر هلال السفير المغربي الدائم لدى الأمم المتحدة بأنه “أحببت الجزائر أو كرهت فقد جرت تصفية الاستعمار في الصحراء المغربية كليا” و أردف مضيفا أن “الصحراء المغربية عادت بشكل نهائي إلى المغرب وجرى استرجاع الصحراء المغربية بفضل القانون الدولي”.

و قد قال السفير المغربي في تصريح سابق بأن “الحق في تقرير المصير مبدأ عالمي ومبدأ أممي، و يجب أن يتم توظيفه دون انتقائية”، و أضاف أن الجزائر التي لا تفتأ تطالب في كل مناسبة، و بشكل هوسي، بما تزعم أنه تطبيق حق تقرير المصير في الصحراء المغربية، تنسى أن هناك سكاناً على ترابها يطالبون بتمكينهم من الاستفادة من الحق في تقرير المصير. الحديث الذي ردت عليه الصحافة الجزائرية قائلة: “إنّ المخزن قد قرَّر التصعيد ونسْفَ كلِّ جهود الوساطات العربية الرّامية إلى تهدئة الأجواء، و عليه تحمّل تبعات ذلك”.
و قد دعت دول الأردن و البحرين و سلطنة عمان و منظمة التعاون الإسلامي و الأمم المتحدة البلدين لتغليب لغة الحوار فيما يطرأ من خلافات بينهما، لحل جميع الخلافات عبرها للعودة بالعلاقات إلى طبيعتها، وبما يعزز الأمن و الاستقرار و الرخاء في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube