مستجداتمقالات الرأي

كلمات : د. احمد ويحمان <في جنس الملائكة وحجم الشيطان>


يا أخنوش !
أين 3900 مليار ويزيد ؟ لماذا إنفاق الملايين على ملك الشذوذ الجنسي


يا بن كيران !
أين الموقف من كيان الاحتلال الصهيوني ؟


أحمد ويحمان *

إنه سؤال الجدية والعبث ! سنحاول أن نستقرئه في جدلية هذين المتناقضين انطلاقا من أحد الأمثال الذي استحال إلى مفهوم سوسيوثقافي كثيرا ما يتم اللجوء إليه للتعبير عن حالة أوحتى ظرفية كعنوان لمرحلة ما . هذا المثل/ المفهوم هو؛ الجدل البيزنطي .. هذا هو موضوع كلمات اليوم . وهذا النوع من الجدل منسوب إلى بيزنطة عاصمة الامبراطورية البيزنطية، ويقصد به أي نقاش، بل أي سجال غير عقلاني، بين أطراف مختلفة لا ترجى منه أية نتيجة، ويكون في أمور تافهة لا طائل منها تزداد المفارقة فيه بأنه كثيرا ما يطول ويصرف عن النقاش في الأمور الجدية، ذات الأولوية، المطروحة على الأطراف المتساجلة مما يتسبب في أضرار، وربما كوارث، لاستئثار السجال التافه في الأمور التافهة على حساب النقاش الجاد في الأمور الجادة المرتبطة بقضايا الناس الحيوية وانتظاراتهم بخصوصها . أما لماذا ارتبط مثل هذا الجدل بالأمبراطورية البيزنطية وتسميته ب ” البيزنطي” فلأن سكان بيزنطة كانوا مولوعين بهذا النوع من السجال على مر العصور حتى أنه كان سببا في كارثة لم تقتصر على التسبب في أضرار بليغة لهذه الأمبراطورية الكبيرة، بل إنه كان وراء أنهاء وجودها تماما . كان جدل بيزنطة، خلال القرن السابع الميلادي، بشأن طبيعة المسيح أهو بشر مثل كل الناس ( الناسوت) أم هو إله ( اللاهوت) = قضية التثليث … كان هذا الجدل قد امتد لسنوات وتسبب في هزات في مختلف الكنائس الشرقية وفي كل الإمبراطورية حتى تدخل الأمبراطور قسطنطين الثاني بإصدار مرسوم يعاقب على استمرار هذا النقاش بالطرد ومصادرة الأملاك … الخ غير أن القرار الأمبراطوري سنة 648 م لم يحد من الظاهرة وتواصل الجدل في بيزنطية إلى القرن الخامس عشر حيث حاصر السلطان العثماني محمد الثاني (محمد الفاتح) القسطنطينية . في ظل هذا الحصار، كان مجلس شيوخ المدينة منصبا في جدول أعمال من نقطتين :

1 – جنس الملائكة .
2 – حجم الشيطان
كان مجلس شيوخ عاصمة بيزنطة في نقاش مفتوح على مدى سنوات حول النقطتين للحسم فيهما .. وهو أمر مستحيل أن يتم الحسم فيهما .. إذ كيف يمكن للمرء أن يجيب عن سؤال :

  • هل الملائكة ذكور أم من إناث ؟ .
    أو عن سؤال :
  • إبليس . هل هو كبير لا يمكن أن يسعه أي مكان .. أم صغير بحيث يمكنه العبور من سم الخياط؛ أي من ثقب الإبرة ؟ .
    كان الجدل في هذه القضايا التافهة les faux) problèmes) ممنوعا بقرار الأمبراطور قسطنطين الثاني منذ القرن السابع .. غير أنه، مع كل ذلك استمر .. وهاهو قسطنطين الحادي عشر يستصرخ الناس عن أن شوارع العاصمة ملأى بجيوش محمد الفاتح وأن على مجلس شيوخ العاصمة الكف عن هذا الجدل الفارغ في أمور غير هامة ولا يمكن الحسم فيها أبدا .. لكن الجدل محتدم في قاعة مجلس الشيوخ .. حتى يحسموا في نقطتي جدول أعمال وتحديد جنس الملائكة التحديد الدقيق وضبط الحجم الحقيقي للشيطان ..
    وهكذا كانت النتيجة المنطقية لقتال الشوارع في بيزنطة هي سقوط الأمبراطورية ومقتل الأمبراطور وأسر كل أعضاء مجلس الشيوخ لمواصلة أشغال جلستهم في السجن ليحسموا ..
    هكذا سمي هذا النوع من الجدل بيزنطيا ..
    مناسبة هذه الكلمات هو هذه الجذبة الإعلامية التي يحاول البعض أن يحرف بها النقاش الحقيقي عن مجراه الحقيقي حول كارثة الزلزال والمآسي المترتبة عنه .
    فالزلزال كارثة طبيعية ( في انتظار انجلاء الحقيقة يوما أنه لا يد لسلاح هااارب الأمريكي فيه )، وهو، في كل الأحوال قدر من الله وقضائه لا يمكن لأحد أن يكشف حكمة الله بخصوصه .. وهذا ما لا يستطيع أحد أن يحشر أنفه فيه ولا يحق له أن يجر الناس إليه ليصرفهم عن الحديث في الوقائع كما هي فيما يهمنا ويمكن أن نقيسه قياسا .
    فالزلزال كارثة حلت بنا . رحم الله الشهداء .. الكارثة ترتبت عنها مآسي لا حصر لها . هذه المآسي يلزم التعامل معها بمسؤولية ، والمتضررون منها يلزم توفير الغوث الضروري والإسعاف والدعم اللازمين لهم . وهذا معناه توفير الاعتمادات الكافية من ميزانية الدولة ومختلف المؤسسات المعنية بالمال العام، وطنيا وجهويا وإقليميا ومحليا .. نتحدث هنا عما هو مال عام .. أما كل ما هو تطوع من المجتمع فهو سائر وفق أريحية وكرم وشهامة وتآزر المغاربة الرائع .
    المطلوب هنا إذن هو ؛ المسؤولية و الاعتمادات الكافية .
    و عندما نتحدث هنا عن المسؤولية، فإننا نتحدث عن الأخلاق والعقل والحس الوطني والأمانة وعن الضمير … وهي كلها صفات، هي آخر ما يمكن أن ننتظره من مسؤولينا ال “غير مسؤولين ” وفاقد الشيء لا يعطيه، كما يقول المثل .. أما الاعتمادات فإنها، وهي تشمل المساعدات الدولية من الأشقاء والأصدقاء وما ينبغي أن تنحصر، عندما لا تكون مشروطة، في جهات بعينها وإنما هذه كارثة إنسانية ينبغي أن ترحب بأية لفتة إنسانية تخفف من الآلام والمآسي كلما حسنت النيات ولا حرج في ذلك .
    غير أن أهم ما يطرحه استحقاقا المعادلة (معادلة مواجهة الكارثة) ؛ المسؤولية والاعتمادات الكافية ، هو المال العام وحسن تدبيره ! وهنا يطرح الناس، ويحق لهم ذلك أن يسألوا عن مدى جدية التعامل الحكومي مع الزلزال بإشراف من رئيس حكومة مطعون في ذمته المالية ؟! .. وفي فساد تدبيره الموارد وصرف المال العام وتبديده فيما يتعمد فيه إهانة واستفزاز المغاربة عامة وإمازيغن خاصة واستهداف الدولة ورأس الدولة؛ الملك نفسه .
    نقصد بالطبع هنا اتهام رئيس الحكومة عزيز أخنوش من طرف البرلمانيين بالاستحواذ على ألف وسبعمائة ( 1700) مليار سنتيم؛ هذا المبلغ الذي قال عنه الاقتصادي الشهير في المغرب د. نجيب أقصبي من أنه أصبح يقدر اليوم ( كان تصريحه منذ عدة شهور) ب 3900 مليار !!!
    كما أننا نقصد أخنوش مرة أخرى، بصفته الآمر بالصرف كرئيس لبلدية أݣادير، حين خصص مآت الملايين من ميزانية فقراء الناحية لتتويج ملك الشذوذ الجنسي في ما يسمى مهرجان بيلماون ( أنظر الفيديو المرفق بهذه ال كلمات ! ).
    هذا عن هذا الطرف في الجدل البيزنطي في خضم كارثة الزلزال الطبيعي الذي اختار، ويا لغرابة الصدف، أن يأتي في نفس يوم الزلزال السياسي الذي تم فيه مصادرة وسرقة الإرادة الشعبية !!! 8 ستنببر !!!
    أما الطرف الثاني فيتعلق برئيس الحكومة السابق، الأمين العام السابق والحالي لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران ..
    فإذا كان من حقك أن تدعو بمرجعيتك الروحية، التي هي مرجعية المغاربة قاطبة، لضرورة العودة إلى الله، فإنك أول المطالبين بالاستجابة لما تدعوا الناس إليه .
    فمن حق المغاربة عليك، كمسؤول سياسي، اتفق معك من اتفق أو اختلف من اختلف، أن تكون أقوالك منطقية ومنسجمة وغير متضاربة، أو حتى متناقضة . وأن تكون شجاعا، لاسيما في قضايا الحق والباطل وتعبر عن حزبك وقضايا شعبك بقوة وجرأة – كما جاء في بيان الأمانة العامة – الذي وقعته قبل أيام .
    لا يجب أن تأمر بخلق وتأتي ولا تأتي بمثله لأن ذلك – كما يقول الشاعر – ” عار عليك إذا فعلت عظيم ” .
    وفي نفس السياق نسألك ونمتحنك ببيانك نفسه ونسأل عن الجرأة والقوة التي طالبت بها . .
    لقد ثمنت الموقف الرسمي الذي تصدى للدولة الفرنسية لتجاوزها وانتهاكها للسيادة الوطنية، وهذا ما لا يختلف عنه المغاربة، ولكن لماذا لم تتطرق في بيانك ولو بجملة واحدة لوقاحة كيان الاحتلال في نفس الموضوع، وقد أقدم من يسمى بسفيرها، الذي اغتصب المغربيات ومرغ شرف المغرب والمغاربة في الوحل المجرم غوفرين، على انتهاكات وإهانات للشعب والدولة معا، على أكثر مما ارتكبه المسؤولون الفرنسيون ؟
    ينتظر منك المغاربة، السيد بنكيران، أن تكون – كما طالبت المغاربة في البيان الذي. وقعته – قويا وجريئا، ( لا على الدولة، فهم يحفظون حقك في الاعتدال والمرونة التي اخترتها في منهجك ومذهبك السياسي ) .. ينتظرون منك أن تكون قويا وجريئا على نفسك وتقول :
    نحن ضد التطبيع مع العدو الصهيوني القاتل لأشقائنا المغاربة والعرب، مسلمين ومسيحيين والمحتل لأشقائنا الفلسطينيين والمدنس لقرآننا والمهين لعقيدتنا والساعي لهدم مسرى رسولنا الكريم الذي يمنع فيه المتعبدات والمتعبدين من حقهم الإنساني في المعتقد .. إننا نعتبر توقيع قيادة حزبنا على اتفاقية الشؤم مع العدو خطيئة سياسية نعتذر للشعب والأمة عنها .. !
    هذا هو الامتحان .. وهو، مع ذلك، غاية في البساطة يمكن أن تؤكد به صدقك وترفع الغمة عن مناضلاتك ومناضليك والمتعاطفات والمتعاطفين معكم الذين أخزيتموهم بتوقيعكم على اتفاقية الذل والعار واطلقتم عليهم وعلى الشعب كل هذا التسونامي من الاختراق الصهيوني الذي أصبح يهدد أمن واستقرار .. لا بل وجود المغرب ككيان .. هذا التسونامي الذي ما كان له أن يكون لو كان أي من الموقعين أحدا آخر غيركم !
    آخر الكلام
    هذا هو النقاش الجدي ولا ينبغي لأحد أن يسحبنا ويدفع بنا لمتابعة البالونات أو فقاعات الصابون مثل الأطفال الصغار ..
    أين أموال الشعب لإسعاف الضحايا والمنكوبين ولبناء التنمية وفك العزلة على المهمشين المقصيين في أعالي الجبال ؟ أينكم من الكيان الصهيوني الذي يجرف كل شيء ويتقدم في تفكيك المغرب وطنا ومجتمعا ودولة ..
    ومن أراد أن يستمر في واجب تحديد جنس الملائكة بالضبط، ومدى إمكانية عبور الشيطان في ثقب الإبرة والزمن الذي تتطلبه العملية .. فهذا شأنه . أما الشعب المغربي وقواه الحية فلا ينبغي أن يهتم، نهائيا، لهذا الجدل البيزنطي ونتيجته المنطقية، لا قدر الله، هي سقوط و انتهاء المغرب كما انتهت الأمبراطورية الرومانية التي قتل أمبراطورها على أسوارها بينما مجلس شيوخها منكبون على جدول الأعمال إياه !

نقول قولنا هذا ونتضرع أن اللهم اسق عبادك وبهائمك !

  • باحث في علم الاجتماع السياسي وناشط ضد التطبيع
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube