حزبيات مغربيةمستجدات

إدريس لشكر: كي كان وكي ولى (الجزء الثاني)

أحمد رباص – حرة بريس

من ناحية أخرى، كان لشكر يعتني بقوته البدنية المهيبة التي سيستخدمها في الحرم الجامعي حيث كان عبد المالك الجداوي، الذي سينهي مسيرته كسفير للمغرب في موسكو، يشرف على الحركة الطلابية القريبة من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ثم من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. كانت المشاجرة والغارات العضلية على الخصم الإيديولوجي هي القاسم المشترك للحيوانات اليسارية في ذلك الوقت. أن تبطش بيدك اولا تبطش مثل أن تكون أو لا تكون.
كمناور ماهر، ماكر، كرجل المواجهة الدؤوب في الميدان ولكن أيضا خلف الكواليس والتنازلات، من هذه الصهارة كسب سماته العريضة حتى اصبح، جنبا إلى جنب محمد اليازغي، رجل الجهاز بامتياز.
قاده مساره “النضالي” الطويل بطبيعة الحال إلى إحراز العضوية في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عام 2001.
لا أحد يستطيع أن يدعي أنه سرق تكريسه أمينا عاما لحزب المهدي بن بركة. لقد حصل على حقوق دخوله من خلال معركة شرسة في حزب حيث “السلام بين العائلات” السياسية مفهوم غامض، غائب عن قاموسه السياسي.
كان إدريس لشكر، مناضلا مخضرما، سياسيا محترفا بالمعنى اللينيني. طيلة حياته لم يفعل سوى ذلك، لم يعرف شيئا آخر غير كيفية فعل ذلك.
في عام 2007، اعتقد أن لحظة مجده قد حانت أخيرا. لقد خسر دائرته الانتخابية، لكنه تقبل هزيمته على مضض. وما زاد من سوء حظه صعوبة التفكير في تعويض خسارته بمكان في الحكومة بعدما غدت “المنهجية الديمقراطية” التي دشنها المجاهد عبد الرحمن اليوسفي والوزير الاول الاشتراكي “بالتناوب التوافقي” غير معمول بها. لكن الآن هناك فتوى تنص على عدم أهلية أي مرشح لم يفز في انتخاباته التشريعية.
محمد اليازغي، الذي يتفاوض آنئذ على حصة الحزب من تشكيلة الحكومة، لم يفعل شيئا على ما يبدو للدفاع عن “مهره” وبدلاً من ذلك قام بتنصيب جمال أغماني، المناضل الجدير الذي تسلق رتب السلم في غفلة من إدريس لشكر. من ذلك مسه ضرر كبير.
جريحا، اطلق الوحش السياسي العنان لمقدراته القتالية محاولا تحرير نفسه بشكل نهائي من القبضة “اليازغية”. لذا، ثار ضد قيادة الحزب، وهاجم حزب الأصالة والمعاصرة. للتذكير، نحن مدينون له بـلقب “الوافد الجديد”، الذي أطلقه على هذا الحزب الذي تم تأسيسه في البداية للحد من عنفوان المد الإسلاموي.
وبالمثل، هاجم إسلاميي حزب العدالة والتنمية الذين بدأوا في كسب الأرض على حساب الأحزاب التقليدية. ولحمله على العودة إلى رشده، سيُمنح كجائزة ترضية منصب الوزير المسؤول عن العلاقات مع البرلمان الذي سيشغله من 2010 إلى 2012. سنة واحدة، 11 شهرا و 30 يوما، حسب ويكيبيديا.
لكن في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لا تزال زوبعة لشكر عاصفة. تواصل زحفها وتكشط كل شيء في طريقها.
في المؤتمر التاسع للحزب المنظم عام 2012، اكتسح لشكر الرموز المرموقة للاشتراكية الإصلاحية على الطريقة المغربية: محمد اليازغي وعبد الواحد الراضي وفتح الله ولعلو وآخرين على رأسهم محمد الأشعري. حبيب المالكي، الذي خرج من الدور الأول، فاز بجلده بالتحالف مع الكاتب الأول الجديد لتولي رئاسة المجلس الوطني.
في ملتقى وكالة المغرب العربي للأتباء، ظهر الكاتب الأول لـلاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على بعد سنوات ضوئية من كل هذه الضوضاء. أعطى انطباعا بأنه رجل استعاد هدوءه أخيرا.. تحدث عن عودة دولة الرعاية الاجتماعية تحت رحمة الوباء وبفعل تدبير أزمته الصحية. تحدث عن كوفيد -19 والفاعلية الملكية، عن المغرب والمغاربة، عن النموذج التنموي الجديد والمواعيد النهائية للانتخابات.
تكلم كذلك عن النجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب والهجمات التي تعرضت لها المملكة. كل ذلك استحضره بكل هدوء. هل يعود ذلك إلى تقدمه في العمر (النضج؟) والحنكة.
في الوقت الحالي، يبدو أن الإدارة الترابية تحافظ على مسافاتها. فيما يتعلق بالتحالفات المستقبلية، لا يعتقد لشكر أن لديه خطوطا حمرا، ويظل منفتحا على اليسار، وأطياف الحركة الوطنية، وكذلك على الليبراليين الحقيقيين المرتبطين بمبادئ الحرية والمساواة والديمقراطية.
شجاره مع حزب الأصالة والمعاصرة أصبح في عداد الماضي، وأمست مغازلته التكتيكية العابرة لحزب العدالة والتنمية ذكرى بعيدة. في خطوته الشبيهة بالهرولة، دعا عبد الإله بنكيران إلى مراعاة واجب التحفظ المفروض، حسب قوله، على جميع رؤساء الحكومات السابقين. وإذا امتنع عن التعليق على التقارب بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، فإنه مع ذلك يكن للإسلاميين في الحكومة الذين حاولوا عبثا تحديه عام 2016، عاصفة من الازدراء. وقال إن سعد الدين العثماني لا يملك السلطة اللازمة سواء على الحكومة أو على حزبه. واستشهد للتدليل بتصويت النواب الإسلاميين ضد قانون تقنين الكيف الذي قدمه رئيس الحكومة شخصيا. باختصار ، لم يتمكن سعد الدين العثماني من أداء أدواره أو صلاحياته.
أما بالنسبة لطموحاته الانتخابية، فيتوقع أن يظهر في المراكز الثلاثة الأولى. سيكون هذا مفيدا جدا له أن ينسى الانتكاسة التاريخية لحزبه في الانتخابات التشريعية لعام 2016.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube