محمد بوبكريمستجدات

مقولة “حق تقرير المصير” تنقلب ضد جنرالات الجزائر انقلب السحر على الساحر

محمد بوبكري

منذ بضعة عقود والنظام العسكري الجزائري يتغنى بشعار بـ” حق تقرير مصير الشعوب”، لكن تطور الأحداث داخل الجزائر قد أكد أن هذا النظام لا يدرك المعنى العميق لهذه “المقولة”، إذ نجد اليوم أن الشعب الجزائري محروم من انتخاب “رئيس” شرعي للبلاد، كما أنه محروم من انتخاب برلمان شرعي. أضف إلى ذلك أنه محروم من انتخاب مجالس شعبية وولائية بدون تدخل المخابرات والجهات الأجنبية، حيث إن الزوجة السابقة للشيخ الغزالى قد عادت إلى الجزائر بعد طلاقها منه، وأرادت الترشح في منطقة “معسكر”، وبعد أن تم رفض ترشيحها هناك، تدخلت لصالحها “شيخة” من “شيخات” الخليج لدى “عبد العزيز بوتفليقة” ورشحها في عاصمة الجزائر، حيث لا تعرف أحدًا، ولا يعرفها أحد، فتم إنجاحها في الانتخابات، فأصبحت برلمانية. فالشعب الجزائري مظلوم، لأنه محروم من حق تقرير مصيره، حيث منع من انتخاب رئيس ومؤسسات تمثيلية تعبر عن إرادته. أضف إلى ذلك أن أغلبية الحكام الجزائريين الذين كانوا يساندون “البوليساريو” هم الآن رهن الاعتقال بسبب الفساد والعنف. ويفتعل حكام الجزائر اليوم مشكلة “الصحراء المغربية” لتحويل انتباه الرأي العام الجزائري وجعله لا يفكر في مصالحه الخاصة، بدعوى أن المغرب يخوض حربا ضد الجزائر. لكن رموز الحراك قد أدركوا هذه المؤامرة وبينوا أنها مجرد افتراء الهدف منه تخوين الحراك، وبرهنوا على أن الحراك سيد نفسه، كما أن هدفه هو التغيير الجذري للنظام، حيث لا يمكن أن يقبل الشعب الجزائري، الذي خرج بالملايين في جميع مدن البلاد وقراها، أن يتم تحريكه من الخارج، علما أن الجنرالات ينفقون أموال الشعب الجزائري على “البوليساريو” باسم ادعاء دعم “حقه في تقرير المصير”، حيث يهربون جزءا كبيرا مما يسمونه بـ “الدعم” إلى حساباتهم الشخصية بالخارج، فنجم عن ذلك مشاكل مالية واجتماعية خطيرة، نتج عنها تجويع الشعب الجزائري.
وجدير بالذكر أن حكام الجزائر ينفقون أموالا طائلة على مليشيات “البوليساريو”، ولا أحد يعرف قيمة هذه المبالغ، بل إن البرلمان لا يعلم ذلك، وكأن هذه الأموال ليست أموال الشعب الجزائري.
هكذا، فإن جنرالات الجزائر يتخذون مقولة ” تقرير المصير” لصالح ما يمارسونه من ظلم وفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان.
قبل أيام كانت هناك مظاهرات في منطقة “القبايل” رُفِع فيها شعار “حق تقرير مصير منطقة القبايل”، ما يؤكد أن الشعار نفسه أصبح يُستخدم ضد نظام العسكر. وتعود انتفاضة “تيزي أوزور” إلى غياب الديمقراطية، ورفض العسكر إقامة مأسسة ديمقراطية، ما نجم عنه تهميش منطقة “القبايل” وتفقيرها وإقصاؤها من الحياة العامة…
كما أن منطقة “ورقلة” تعاني من الفقر والتهميش، رغم أنه يوجد بها “حاسي مسعود”، الغني بالبترول والغاز. فالحكام يأخذون كل شيء من هذه المنطقة، ولا ينفقون عليها إلا جزءا ضئيلا من ضرائب البترول والغاز. ورغم ذلك، فرغم ما تتعرض له هذه المنطقة من نهب، فإن الحكام يعاملون سكانها باحتقار. لذلك، فإنه ليس مستبعدا أن تطالب هذه المنطقة بـ “حق تقرير المصير”، كما هو حال منطقة “القبايل” .
إضافة إلى ذلك، فقد عبر الطوارق عن رفضهم للتقسيم الإداري الجديد، لما يتضمنه من عنصرية وحيف ضدهم… وليس مستبعدا أن يرفع الطوارق غدا شعار تقرير مصيرهم.
علاوة على ذلك، فإن منطقة الشاوية تعاني من التهميش والإقصاء، حيث يعيش جزء منها تحت عتبة الفقر، ما جعلهم يعتمدون مادة البلوط مكونا أساسا لغذائهم؛ وهي مأساة اجتماعية يتحمل الجنرالات مسؤوليتها، لأنهم صاروا عاجزين عن توفير أسباب العيش الكريم للشعب الجزائري، رغم أن الجزائر بلد مصدر للنفط والغاز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube