مستجداتمقالات الرأي

محطات….!

ذ بدر العسكي

محطات ….!
لا تخلو حياة من محن ولا يخلو طريق من مصاعب ومشاق. هي سنة الحياة تسري على الغني والفقير، الكبير والصغير، كل من يزور عالمنا، كل من تطأ قدماه الثرى. محطات الفشل واليأس والإحباط موجودة في طريق كل المسافرين في رحلة الحياة. ما يختلف في المسألة هو تدبير كل واحد منا لطريقة عبوره بهذه المحطات، وكيفية تخطيه لأزماته وانتكاساته. بعضنا يظهر بمظهر الهانئ السعيد طوال الوقت حتى يعطي الانطباع أنه المحظوظ الذي يعيش في عالم وردي. والبعض الآخر، تظهر إخفاقاته فورا على قسماته، تعابير وجهه وتصرفاته. الأول يجيد تدبير مشاكله والثاني يسقط سريعا ضحية لها.

الفرق بين الناجح والفاشل في الحياة أن الفاشل يمكث طويلا في كل محطة إخفاق. يستسلم بسهولة، يلقي البال لكل كلمة تنتقص قدره وقدر طموحه، تتحطم آماله عند أول مطب. الناجح بالمقابل لا يطيل البقاء في أي محطة من المحطات السالفة الذكر. لا يستسلم بسهولة ولا توجد في جيبه راية بيضاء من الأصل كي يرفعها. ينهض، يلملم أشلاءه التي دمرها حسد الحاسدين، كره الكارهين، مكر الماكرين وخبث المتربصين. يستعين بإيمان قوي ليرمي كل ما من شأنه أن يثبط عزيمته وراء ظهره ويوجه تركيزه نحو القادم ‘غير عابئ بالسحب والأمطار والأنواء’.

من أين يستمد الناجح عزيمته وإصراره إذن ؟ وما يعوز الفاشل حتى تحبطه أول عثرة؟
مفاتيح النجاح في نظري تتلخص في ثلاثة أفعال: يقرأ، يسمع ويتدبر. الناجح إما قرأ أو سمع عن قصص الناجحين عبر التاريخ من أنبياء، عظماء، علماء، أقارب أو معارف. عرف كيف أنهم بدورهم لم يسلموا من بطش الطغاة، جهل العامة، ظلم ذوي القربى، بأس الأشرار. قبل أن يخلد التاريخ صمودهم ومقاومتهم دفاعا عن أفكارهم وطموحاتهم. الناجح يتدبر مما عاشه هؤلاء، يستلهم العزيمة والإصرار من قصصهم لأنه يعلم إلى ما أفضى صبرهم وتشبثهم، فيمني النفس دائما بمآل أفضل للأمور.

الناجح لا يقف أبدا عند محطات الإخفاق، يتعلم منها لكنه لا يمكث بها طويلا. لذا وجب على كل منا في رحلة الحياة أن يفعل مثل سائق السيارة تماما. يركز انتباهه من خلال الزجاج الأمامي على القادم، يتخطى المطبات بتمهل، يرقب القادمين من الخلف عبر مرآة صغيرة لكنه لا يأبه كثيرا لهم. فقد تعلم في قانون السير أن لا يهتم كثيرا بمن خلفه بقدر اهتمامه واحتياطه مما ينتظره بالأمام. والأهم من هذا أنه كلما نالت منه مشقة الرحلة تذكر دنو الوجهة وراحة الوصول فواصل المسير وتابع الرحلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube