
*أجرى الحوار: عبدالعالي الطاهري.*
*ماهي قراءتكم التحليلية لحصيلة الحكومة خلال الولاية التشريعية الحالية (مقاربة شمولية)، فيما يخص جميع القطاعات الحكومية؟
* ••بسم الله الرحمان الرحيم، أولًا أشكر مؤسستكم الإعلامية على هذه الاستضافة الكريمة.وجوابًا على سؤالكم، فقد وجب التأكيد على أنَّ طرح قراءة تحليلية دقيقة وشمولية للحصيلة الحكومية خلال الولاية التشريعية الحالية، هو أمر يتطلب وقتا طويلا، كما يتطلب تحليلًا أفقيًا وعموديًا انطلاقًا من التحالف والأغلبية، علاوة على طبيعة ومضمون البرنامج المشترك وكذا البرنامج الحكومي والتنزيل الإجرائي لهذا البرنامج.وفي هذا السياق يجب أن أُذكر على أنَّ هذه الولاية التشريعية جاءت في سياق مختلف، بعد تبٍعات جائحة كورونا وأزمة الجفاف التي لازالت تُرخي بظلالها إلى اليوم، وأيضا التأثر بما يقع على المستوى الدولي، لتبقى الأولوية بالنسبة للمواطن المغربي هو ما يتم إنجازه على أرض الواقع.وهنا لابد أن أذكر أنَّ هناك العديد من القطاعات الحكومية التي عرفت تحقيق العديد من المشاريع ذات البعد التنموي تُحسب للحكومة وللأغلبية المسيرة، وطبعا هناك مجالات أخرى لم تُوفَّق فيها الحكومة لتَفٍي بالتزاماتها تجاه المواطن.وفي هذا الإطار، وارتباطًا بالجانب المتعلق بالحماية الاجتماعية، فقد بُدٍل فيه مجهود كبير ونوعي، على مستوَيي التشريع وكذا تهييء النصوص الكفيلة بتنزيل هذا الورش الملكي فيما يخص البنيات، مع التأكيد أنَّ هذا التنزيل عرف العديد من الصعوبات، مما يتطلب مزيد من المصاحبة والتتبع، على اعتبار أن التحول من نظام الرميد إلى نظام الحماية الشامل عرف مجموعة من التعثرات، حيث أنَّ العديد من الشرائح الاجتماعية وجدت صعوبة في الولوج إلى خدمات النظام الجديد وبالتالي الاستفادة من العلاج، وهو ما يقتضي إعادة النظر في العديد من الآليات الخاصة بها النظام، تحقيقًا للهدف المرجو والمتمثل في استفادة الفئات الاجتماعية المستهدفة من جميع الخدمات الصحية بشكل مُيسَّر وسَلِس.وفي موضوع آخر، وارتباطًا بقطاع حكومي جد وازن وحسَّاس، يتعلق الأمر بقطاع العدل، فقد وجبت الإشارة أن الحكومة تمكنت من تنزيل مجموعة من القوانين التي تدخل أساسًا في صلب استكمال مشاريع إصلاح منظومة العدالة، تنزيلًا لمضامين وأهداف ميثاق إصلاح العدالة، وفي مقدمة هذه الإصلاحات، إخراج القوانين الإجرائية، سواء في ما يتعلق بالمسطرة المدنية أو المسطرة الجنائية، وأعتقد أن الأمر يتعلق بإنجاز حكومي مهم، رغم أنَّ هناك اختلاف في وجهات النظر على مستوى البُعد القانوني لهذه الإصلاحات، وهي اختلافات تُشكِّل إغناءً للنقاش العمومي والدفع قُدُمًا بجميع الإصلاحات الحكومية، الهادفة بالأساس إلى تحقيق تطلعات وآمال المواطنين المغاربة.ودائما في إطار الإصلاحات الخاصة بقطاع العدل، فإنني أنوه بقانون العقوبات البديلة الذي يمثل طفرة نوعية في مجال الحد من العقوبات السالبة للحريات، خاصة في الحالات التي لا تستلزم إقرار الاعتقال الاحتياطي وأيضا السجن النافذ. وهو قانون مُسيَّج، إذ، تُستثنى منه العديد من الجنح والجنايات، من قبيل الاستغلال والاتجار في البشر وتجارة المخدرات واغتصاب القاصرين، علاوة على مجموعة من الجرائم التي لا يمكن لمرتكبيها الاستفادة من قانون العقوبات البديلة، هذا الأخير الذي يعتبر مطلبًا مجتمعيًا مُلحًا لجميع المتدخلين والشركاء والفاعلين المجتمعيين، من أكاديميين وسياسيين وحقوقيين ونساء ورجال القانون وأحزاب ونقابات وكذا هيئات وجمعيات المجتمع المدني.إضافة إلى السالف ذكره على مستوى التعديلات التي شملت حُزمة من التشريعات، هناك أيضًا قوانين مهمة أخرى، نذكر من بينها تلك المؤطرة لعمل المنتدبين القضائيين والمترجمين والمفوضين القضائيين، وكذا القانون المتعلق بالوكالة الوطنية لحماية الطفولة، وهو المطلب الذي شكّـل انشغالًا هامًا وذو أولوية قصوى، خاصة بالنسبة للفاعلين المدنيين والحقوقيين لسنوات طويلة.وفي قطاع مفصلي ووازن، ألا وهو الماء، وجبت الإشارة هنا إلى جملة الإجراءات والمشاريع ذات البعد الاستراتيجي التي أطلقتها الحكومة، والتي مكَّنت ولله الحمد من تفادي تبِعات كارثية كثيرة ارتباطًا بعاملَي الجفاف، التي استمر ولايزال لسبع سنوات متوالية وكذا الإجهاد المائي. فجاء،إطلاق مشروع الطريق السيار المائي ومشروع الربط بين الأحواض المائية، إعمالًا لقاعدة التضامن بين الجهات، من خلال نقل الثروة المائية من مناطق الوفرة إلى مناطق النُذرة.وتثمينًا للمشاريع والبرامج المائية، أطلقت الحكومة مُمثلة في وزارة التجهيز والماء، عبر تكريس سياسة السدود، وذلك من خلال إطلاق مجموعة من السدود الكبرى وأخرى تلية، هذا علاوةً على إطلاق مزيد من محطات تحلية مياه البحر، التي أصبح المغرب يتوفر على واحدة هي الأكبر والأكثر تطويرًا وتجهيزًا تكنولوجيًا على المستوى الإفريقي، كل ذلك في أفق التوفير الكلي والشامل للماء الشروب، على المستويين القروي والحضري،وطبعًا المياه المخصصة للري الزراعي.وفي موضوع الصحة، الذي نعيش خلال هذه الفترة بالذات، نقاشًا مجتمعيًا حول وضعيته البنيوية والمتعلقة بالأطقم الطبية وشبه الطبية والخدمات. إلى ذلك، يجب التأكيد أنَّ الحكومة بذلت مجهودات نوعية ومهمة، لا فيما يخص تقوية البنية التحتية الصحية والطبية، وذلك من خلال بناء مزيد من المستشفيات، ونخص بالذكر هنا توسيع شبكة المستشفيات الجامعية في أفق تغطية الجهات ال12 للمملكة المغربية، والمؤسسات الاستشفائية ذات الطابع الإقليمي، وطبعا سلسلة كبيرة من المستوصفات خاصة في المناطق القروية.ليبقى الإشكال الأكبر بالنسبة لقطاع مفصلي وحيوي مجتمعيًا كالصحة، هو ذلك المتعلق بالخصاص الذي يهم الموارد البشرية وكذا السلوك الخدماتي تجاه المواطن، وهو ما يتطلب إعادة النظر في العديد من السلوكات والممارسات المهنية في أفق مواجهة الاختلالات التي يعرفها ها القطاع.وفيما يخص قطاع التعليم، الذي يعتبر بدوره قطاعًا حيويًا، بل هو القطاع المعياري المُحدِّد لأية تنمية اجتماعية واقتصادية شمولية، فقد بذلت الحكومة مجهودات جبارة، والتي تمثلت بالخصوص في إطلاق وتوسيع مشروع مدارس الريادة التي وصلت اليوم إلى حوالي أربعة آلاف مدرسة على امتداد الجغرافية الوطنية، في انتظار نتائج هذه التجربة ومزيد من التعميم، خدمةً لمناخ الأداء المهني، هذا الأخير الذي لا يمكن تحقيقه إجرائيًا إلّا من خلال مزيد من الاهتمام بالرأسمال البشري، تكوينًا وتأهيلًا وأيضًا من خلال توفير بيئة مهنية محفزة وفي ظروف عمل جد مناسبة. ورغم كل هذه الإصلاحات، فلا يمكن إلا أن نؤكد أن المنظومة التربوية لازالت في حاجة ماسة إلى مزيد من الإصلاحات والتطوير وكذا التأهيل، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بشكل تدريجي وبخطوات رصينة ومتأنية.وفي قطاع الرياضة، الذي حقق طفرة كبيرة، لا على مستوى النتائج والأداء، وكذلك الاستعدادات التي جرَت، والتي لاتزال، على قدم وساق في أفق احتضان كأس إفريقيا وكأس العالم العام 2030، وهو ما خلق نقاشًا على مستوى البنيات الرياضية التي عرفتها وتعرفها العديد من المدن الكبرى، لكن المطلوب هو تعميم التجربة الخاصة بتقوية وتطوير البنيات التحتية الرياضية في جميع جهات وأقاليم المغرب، من منطلق أن الرياضة باتت أحد أهم دعامات وأسس أية تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، وبالتالي مسألة السرعتين التي أشار إليها صاحب الجلالة، لا يجب أن تكون حتى فيما يتعلق بالمنشآت والبنيات التحتية الرياضية.وفيما يخص التنمية في العالم القروي، فقد وجب التأكيد أن هناك مزيد من العمل في انتظار الحكومة، وهو ما يجب أن يجعلنا أمام ضرورة الإقرار أنه على الحكومة طرح حصيلتها بشكل موضوعي، بين المنجزات التي تم تحقيقها والانتظارات الواجب أجرأتها في صيغة مشاريع وبرامج. *
*في ذات السياق، واستنادًا للوارد في البرنامج الحكومي، من منطلق كونه أهم تعاقد اجتماعي دستوري بين الحكومة والأمة، هل يمكن الحديث عن وجود وملامسة حقيقية لالتزام حكومي في هذا الإطار، بكل التعهدات أو على الأقل أغلبها/أهمها وأكثرها أولوية تجاه المواطن المغربي؟*
••فيما يخص البرنامج الحكومي، لا يجب أن يكون موضوع أي مزايدة، فقد حمل هذا البرنامج مجموعة من الإجراءات، على مستوى التشريع والأداء وكذا الحوار الاجتماعي، وهنا أتمنى أن تقوم جميع القطاعات الحكومية بتقديم حصيلة كل قطاع برؤية علمية وسياسية واضحة مُعززة بالأرقام والإحصائيات، تنويرًا للرأي العام الوطني وتعزيزًا لعنصر التواصل السياسي بين الحكومة والمواطن. حتى تكون السنة الأخيرة من الولاية الحكومية، سنة للتدافع السياسي والاستعداد للاستحقاقات التشريعية القادمة، وذلك عبر تكوين رؤية واضحة وصياغة برامج تُشخص فعليًا احتياجات وتطلعات المواطنين وتدارك ما لم يتم إنجازه خلال الولاية الحالية، مع طرح وشرح الأسباب والمعيقات التي حالت دون تحقيقها، كل ذلك من أجل جعل الناخب أمام اختيار واضح وصريح. كما أؤكد على مسألة غاية في الأهمية، وهي أنه على الفاعل السياسي أن تكون مناقشته مبنية على طرح الأفكار والقضايا ومعالجةً وتحليلًا، بعيدًا عن الشخصنة والمس بالأشخاص، إلى مناقشة البرامج ومقارعة الأفكار بالأفكار خدمةً للمشروع المجتمعي في بُعده التنموي الشمولي. وبالتالي فنحن اليوم في أمس الحاجة إلى برامج تنموية تُزاوج بين طموح المواطن وما من شأنه إصلاح أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية. والخلاصة أننا في أمس الحاجة إلى برامج انتخابية بصيغة وحمولة تعاقدية، عنوانها الكبير الالتزام التام أمام المواطن/الناخب، من منطلق دستوري ومعه وقبله أخلاقي مواطناتي.
**ارتباطًا بأحد أهم الأدوار والصلاحيات الدستورية للبرلمان، أي دور للدبلوماسية البرلمانية المغربية في تعزيز المواقف الدولية من وحدتنا الترابية والتأكيد على مغربية الصحراء وكذا التسويق للنموذج المغربي في العديد من المجالات ؟* .
.فيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، أعتبر تأكيدًا على أنَّ ما يقوم به البرلمان المغربي بمجلسيه، من خلال التواجد الفعَّال والوازن في مجموعة من المنتديات، سواء من خلال الجمعيات العمومية أو من خلال مراكز القرار في البرلمان الدولي أو البرلمان الإفريقي أو البرلمان العربي، حيث نسجل حضورًا متميزًا للممثلي الدبلوماسية البرلمانية المغربية، وذلك في تناسق وتناغم كاملين وتامَّين مع المؤسسات الدستورية المُمثِّلة للدبلوماسية الرسمية، وعلى رأسها وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، من خلال الأداء وكذا الموقف المغربي من القضايا الوطنية، والنزاعات الإقليمية والعربية والدولية، كل ذلك عبر آلية استقبال العديد من الوفود البرلمانية من مختلف بلدان العالم وعقد شراكات واتفاقيات، خاصة مع الرؤية الجديدة التي باتت تحكم عمل البرلمان المغربي، كمؤسسة دستورية منتخبة، على مستوى منهجية العمل المطبوعة بالجدية والالتزام وروح المبادرة الفعالة، خدمةً لجميع القضايا العادلة،وطنيا ودوليًا.ليبقى الهدف الأساس والمرجعي في عمل الدبلوماسية البرلمانية المغربية، هو الدفاع عن قضية المغاربة الأولى الصحراء المغربية في جميع المحافل القارية والعربية والدولية، عبر طرح مقترح الحكم الذاتي شرحًا وتحليلًا، من منطلق كونه الحل الأمثل والأنجع والحاسم لقضية وحدتنا الترابية.هذا إضافة إلى العمل على التسويق لصورة المملكة المغربية، ثقافيًا وحضاريًا وتراثيًا، وطبعا كوجهة اقتصادية تتميز بمناخ استثماري مُحفز على جميع المستويات.ومن خلال عضويتي ببرلمان البحر الأبيض المتوسط، كنائب لرئيس هذه الهيئة الدولية ورئيس اللجنة السياسية والأمنية، وهي المهام التي أعتبرها تشريف مستحق لبلدي المغرب وتكليف وازن للبرلمان المغربي،وأيضا هي تتويج لمسار سياسي وحزبي وبرلماني حافل، وهي الهيئة التي سبق للمغرب أن ترأسها في فترات سابقة، باعتبارها إطارًا لمناقشة مختلف القضايا والنزاعات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي ومعه القضية الفلسطينية.ومن خلال هذه اللجنة نطرح وجهات نظرنا ومرافعاتنا السياسية والقانونية للموضوع المركزي بالنسبة لنا، يتعلق الأمر بالصحراء المغربية، وهو تجسيد إجرائي ومؤسساتي لقوة الدور الذي باتت تقوم به الدبلوماسية البرلمانبة المغربية في مختلف المحافل الدولية خدمةً للرؤى والتوجهات الوطنية في انسجام تام مع المقررات الأممية.والخلاصة أنَّ الدبلوماسية البرلمانية هي آلية دستورية مكملة ومتناغمة في ذات الوقت مع الدبلوماسية الرسمية، بل وتشكل، ومعها البرلمان بشكل عام، القاعدة الخلفية للحكومة.
**ما هي رؤيتكم كحزب الاستقلال، فيما يتعلق بالمحاور الكبرى وأهداف الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة-2030، التي يشرف عليها بشكل مباشر جلالة الملك؟*
..بالنسبة للاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة، التي تحظى بالإشراف المباشر لجلالة الملك، فإننا في حزب الاستقلال نعتبر أن هذه الاستراتيجية تمثل خارطة طريق لحل جميع الإشكالات الطاقية، لا على مستوى تدبير الاحتياجات الوطنية من الطاقات الكلاسيكية، من قبيل البترول ومشتقاته والغاز، وأيضا وبدرجة أهم وأكبر صياغة المستقبل الطاقي للمملكة، عبر تحقيق انتقال طاقي سلس وفعَّال، من خلال التحول بشكل تدريجي إلى الطاقات المتجددة أو النظيفة، وهو ما تحقَّق إجرائيًا، منذ حوالي عقدين من الزمن، وتجسَّد في جملة المشاريع الاستراتيجية والرائدة الكبرى، وعلى رأسها مركب نور ورززات ونور1 و نور2 ونور3 ونور4، وكذا العديد من محطات الطاقة الريحية الممتدة جغرافيًا بمناطق طرفاية والصويرة وبسلسلة جبال الريف ومناطق أخرى.وفي إطار مواجهة المملكة لظاهرة الجفاف، التي امتدت إلى حدود اليوم إلى سبع سنوات متوالية ومعها ظاهرة الإجهاد المائي التي أنهكت بدورها الثروة المائية للبلاد، أطلق المغرب وعلى مدى أكثر من عشرين سنة، سلسلة من المشاريع الكبرى، والتي همَّت بالخصوص تشييد مجموعة من محطات تحلية مياه البحر، وصلت إلى 20 محطة، 12 منها قيد الاشتغال، ثلاث مخصصة للمياه الصالحة للشرب وتسع موجهة للري الزراعي والصناعات خاصة الصناعات الفوسفاطية.هذا دون أن ننسى إطلاق 158 محطة لمعالجة المياه العادمة الموجهة أساسًا لسقي الملاعب والمناطق الخضراء. ولا يمكن أن نتحدث عن السياسة المائية للمغرب دون الحديث عن شبكة السدود، التي أطلقها المغرب مطلع ستينيات القرن الماضي وتم تطويرها بشكل منهجي علمي متميز، حيث تتوفر المملكة اليوم على حوالي 149 سد كبير والعديد من السدود التلية والصغرى، إضافة إلى العديد من السدود الكبرى في طور الإنجاز.السياسة البيئية والمناخية بالمغرب، وفي ارتباطها الوثيق برؤية التنمية المستدامة، تتميز بانخراطها الجاد والمسؤول، دستوريًا ومؤسساتيًا، على المستويين الوطني والدولي، وهو ما تمثل بالخصوص في دسترة الشأن البيئي والتنمية المستدامة في دستور 2011، في توافق تام مع المواثيق والاتفاقيات الدولية المؤطرة لهذه المجالات، هذا مع ضرورة الإشارة إلى الالتزام المغربي الجاد والعملي بمخرجات وتوصيات القمم المناخية العالمية، وفي مقدمتها اتفاقية باريس للمناخ العام 2015. *هَلَا قدمتم لنا، وللرأي العام الوطني، تصوركم العام ورؤيتكم، استعدادًا لتشريعيات 2026، وتوقعات خريطة المشهد السياسي والتشكيلة الحكومية لما بعد هذه التشريعيات ؟* ..موضوع الاستعداد لتشريعيات العام 2026، هو موضوع يرتبط بصلب اهتمامات حزب الاستقلال، على اعتبار أن الانتخابات هي محطة أولًا للتواصل الدائم مع المواطن، محطة لتقديم الحصيلة والحساب، وأيضا محطة للإعداد لمرحلة مقبلة تتميز برغبة أكيدة لاستشراف المستقبل من خلال السعي الحثيث للاستجابة، في شكل مشاريع وبرامج لآمال وتطلعات المواطنين. خاصة أن الانتخابات هي لحظة حاسمة في مصير أي أمة.وحزب الاستقلال ومن منطلق كونه أحد مكونات التشكيلة الحكومية الحالية، فهو مدعو إلى التواصل بشكل مكثف ومنهجي مع الموطنين، أولًا لعرض الحصيلة الحكومية بشكل عام وثانيًا لبسط حصيلة القطاعات الحكومية التي يشرف عليها حزبنا،ثم ومن باب الموضوعية، طرح الإخفاقات والتعثرات التي عرفها التدبير الحكومي خلال الولاية الحالية، إما بسبب طبيعة التحالف الحكومي أو نتيجة سوء تقدير أو لإكراهات ترتبط بالتدبير والممارسة.والفرق هنا، فيما يخص الاستعداد القبلي للانتخابات التشريعية القادمة، هو أنَّ حزب الاستقلال يتوفر على مجموعة من الهيئات ذات الطبيعة التنظيمية حزبيًا، تهم جوانب الطفولة وذوي الاحتياجات الخاصة وقضايا المرأة، وأيضا تنظيمات تمثل مختلف القطاعات المهنية، والتي تعمل بمنطق وآلية التراكم والترصيد والتتبع والرصد للوقوف على الاختلالات، بغية تجويد العمل وتطويره، وبالتالي لايمكن الحديث عن تصور حزبي شامل ومتكامل إلَّا عبر تجميع رؤى وتوجهات كل هذه التنظيمات، التي تفوق 27 تنظيمًا، تشتغل على مرجعية وبمنطق التخصص، وبالتالي فحزب الاستقلال له كامل الجرأة والشجاعة ليتواصل مع المواطنات والمواطنين، انطلاقًا من تجربته التاريخية العريقة، سواء على مستوى التدبير الحكومي أو المجالس المنتخبة بكل تصنيفاتها الدستورية والمؤسساتية، من موقع الأغلبية أو المعارضة.والأكيد أن حزب الاستقلال سيسعى بكل جهد والتزام وروح المسؤولية الوطنية، إلى تصدُّر الانتخابات التشريعية المقبلة، ليتمكن من ترؤس الحكومة حتى يستطيع تنزيل أكبر قدر من تعهداته التي سيتضمنها برنامجه الانتخابي من خلال الخطوط العريضة والمحاور الكبرى لبرنامجه الحكومي.
*ما هي رسالتكم للشباب المغربي، الذي يُشكل بالمناسبة القاعدة المجتمعية الأكبر، خاصة في الشق المتعلق بالانخراط في العمل السياسي/الحزبي والمشاركة في العمليات الانتخابية ؟*
..سؤال هام ومفصلي، فيما يخص النقطة المتعلقة بموضوع الشباب ومدى انخراطه في العمل السياسي من عدمه، فانطلاقًا من النقاشات الدائرة داخل وسائط التواصل الاجتماعي وعلى المستوى المجتمعي بشكل عام، سواء كانت نقاشات جدية أو ساخرة في أحيان أخرى، فإنَّ المؤكد هو أن الشباب المغربي في عمومه، يتوفر على حمولة فكرية معرفية جد متميزة وأيضا حس سياسي رفيع وغيرة كبيرة على مصالح الوطن والمواطن، ويحتاج فقط إلى التأطير والتوجيه وأيضا إلى الثقة في مؤسسات البلاد وفي الفعل الديمقراطي، والإيمان بكون الأحزاب هي منظمات بشرية إنسانية تخطئ وتُصيب، ولا يمكن تحقيق هذه الأفكار والبرامج إلَّا من خلال الانخراط داخل هذه الهيئات السياسية (الأحزاب)، اعتبارًا لكونها تمثل مؤسسات الوساطة بين الحكومة والمواطنين، عبر آليات التكوين والتأطير والتمثيل على مستوى المجالس المنتخبة. فلا سبيل لتغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي، إلَّا من خلال الممارسة الديمقراطية وتعزيز الفعل الديمقراطي وتقويته عبر جيل من الشباب يشكل أساس الفعل السياسي، بعيدًا عن سلوك المِنَن والعطايا، بل من خلال المشاركة الفاعلة وإعمال آلية الاستحقاق، إذ نحن في أمس الحاجة إلى شباب قادر على تحمل المسؤوليات في تدبير الشأن العام مجاليًا والشأن السياسي، وكذا تحمل المسؤوليات داخل التنظيمات السياسية والهياكل الحزبية، بعيدًا عن الأحكام القبلية والاستباقية تجاه الأحزاب السياسية، خاصة أنَّ هذه الأخيرة ليست بنية معقدة، والولوج إليها أمر جد مُيسَّر وحتى تحمل المسؤولية داخلها. لهذا فإنني أُهيب بالشباب المغربي الانخراط في العمل السياسي لطرح أفكاره وتصوره من أجل مستقبل واعد لجميع مكونات المجتمع المغربي، لأننا مسؤولون جميعا عن مصير وطننا ومستقبل أجيالنا القادمة.
