حيمري البشيرمستجداتمقالات الرأي

فاتورة الخسائر في أحداث المدن الفرنسية ستؤديها الجزائر

A firefighter sprays water on a burnt bus as unrest continues following the death of a 17-year-old teenager killed by a French police officer during a traffic stop, in Nanterre, Paris suburb, France, July 1, 2023. REUTERS/Yves Herman

يبدو أن التصعيد الخطير الذي تعرفه المدن الفرنسية شمالا ووسطا وجنوبا وشرقا،خلف خسائر فادحة في الإدارات ،وممتلكات الخواص ،الدمار الذي مازال مستمرا لليوم الرابع على التوالي ،بلغ مداه ،عندما حاول بعض المراهقين مهاجمة بعض المؤسسات السجنية التي يقبع فيها سجناء بسبب جرائم وتهم يحاسب على مرتكبيها القانون الفرنسي،وهي جرائم في غالبيتها مرتبطة بالإتجار في المخذرات والسرقة، .إلى أين تقود استمرارتطورات الأحداث في فرنسا؟من خلال متابعتنا لمايحدث في فرنسا،يبدو لي أن المواقف السلبية للنظام القائم في الجزائر لمايحدث في فرنسا،سيعمق أكثر الأزمة القائمة بين فرنسا والجزائر ،وسيدفع فرنسا لاتخاذ قرارات موجعة ضد الجزائر ،خصوصا مايتعلق بالصحراء المغربية.إن الأحداث المؤسفة التي تقع في فرنسا عقب مقتل شاب ولد في فرنسا وأعتبره شخصيا فرنسيا وليس جزائريا مثله مثل كل الذين يولدون في فرنسا .فهؤلاء ،لاعلاقة بالبلدان التي ينحذر منها آباؤهم. وحتى والدته مولودة في فرنسا.إن التطورات التي يعرفها المجتمع الفرنسي ،ومواقف الرئيس الفرنسي نفسه من دعمه لحرية انتقاد شخصية الرسول محمد <ص> وحله للمجلس الفرنسي الإسلامي وهو أكبر تجمع لمسلمي أوروبا والذي كان يرأسه مغربي ومشروع وزير داخليته للتضييق على المساجد وقد أغلق 99مسجدا في مجموع التراب الفرنسي ،وقرر ترحيل مجموعة من الأئمة من التراب الفرنسي ،والإتهامات الخطيرة التي وجهها وزير الداخلية الفرنسية للمسلمين السنة بالإرهاب والتطرف ،ثم تنامي العنصرية في صفوف الشرطة كلها دوافع دفعت من الجالية المسلمة الإنتقام من فرنسا بعد مقتل الشاب نائل .إذا الجالية المسلمة في فرنسا والمسلمون السنة الذين اتهمهم وزير الداخلية الفرنسية ينتقمون من فرنسا بارتكابهم جرائم أبشع من القرارات التي اتخذها وزير الداخلية الفرنسي .الرسالة وصلت لوزير الداخلية وللرئيس الفرنسي ،ومن الضروري أن يأخذوا التطورات التي تعرفها الساحة الفرنسية بجدية،ويعيدو النظر في مسلسل التضييق على المساجد والمؤسسات الدينية،لأنهم يمتلكون عدة مفاتيح لمعالجة المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع الفرنسي.إن مواقف وقرارات وزير الداخلية الفرنسي اتجاه السنة الذين يشكلون الأغلبية في المجتمع الفرنسي والذين ينتمون ليس فقط لدول شمال إفريقيا بل لمختلف المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا بدءا من موريتانيا والسنغال ومالي وبوركنفاسو وغينيا والنيجر ،أصبحوا يناهضون التواجد العسكري الفرنسي في بلادهم،ويعارضون المصالح الإقتصادية الفرنسية

بقوة بل أصبحت العلاقة الفرنسية المتوترة مع مستعمراتها السابقة تنعكس على واقع المهاجرين الأفارقة في فرنسا ،وكأن الجمهورية الفرنسية في عهد ماكرون تريد الإنتقام منهم من خلال السياسة التي نهجها وزير الداخلية الفرنسي دارميان والذي اتهم فيها كل المسلمين السنة بالتطرف والإرهاب لسبب وحيد وأوحد هو التزامهم وتمسكهم بالإسلام ودفاعهم حرية التعبد .وهي من الأخطاء التي ستؤدي فرنسا عنها ثمنا غاليا ،وستزيد عمقا بعد تفشي ظاهرة العنصرية والكراهية اتجاه المسلمين في فرنسا .إن مشاركة جميع الجنسيات في المظاهرات التي تعرفها فرنسا بعد مقتل الشاب اليافع ،ستفرض على وزير الداخلية الإلتجاء إلى رجال الدين لتهدئة الشارع الذي أصبح يغلي ،وتتفشى فيه ظواهر لا تمت للإسلام بصلة ،إن سياسة الأرض المحروقة التي عاشتها فرنسا خلال الأربعة ليالي الماضيةوعمليات التخريب والسرقة تسيئ للشباب المسلم وللإسلام وتعطي صورة سيئة عن ثمانية ملايين مسلم يعيشون في فرنسا ،ومقتل الشاب كانت الجريمة التي دفعت بالملايين للإنتقام من سياسة ماكرون ووزير داخليته،الذين أباحوا انتقاد شخصية الرسول محمد <ص >والإسلام وجرموا ارتداء الحجاب في المدارس ففقد المجتمع الفرنسي وحدته وتآلفه الذي عرفه خلال عهد الرؤساء السابقين الذين حكموه ،وحافظوا على العلاقة التي كانت تربطهم مع المستعمرات السابقة .ومفاتيح المخرج من الأزمة التي تتخبط فيها فرنسا والصراع الذي ظهر بين مسلمي فرنسا وحاكم قصر الإليزي تمتلكها القيادات المسلمة السنية التي يحاربها وزير الداخلية ورئيس فرنسا ،والتي يتهمها بالتطرف والإرهاب .فرنسا لن تستطيع الإستمرار في سياستها الحالية اتجاه المسلمين سواءا المتواجدين على أراضيها أوالمتواجدين في مستعمراتها السابقة،وعلى وزير الداخلية الفرنسي والرئيس الفرنسي أن يعلم علم اليقين أن مايتعرض له المسلمون في فرنسا ،سيكون له تأثير كبير على العلاقة التي تربط فرنسا بمستعمراتها السابقة .فرنسا أصبحت الآن أكثر من أي وقت مضى بعد الأحداث التي وقعت ،ملزمة لمراجعة موقفها من الإسلام جملة وتفصيلا ،وإلغاء كل القرارات التي اتخذها وزير الداخلية الفرنسي إن هم أرادوا التهدئة ،والخروج من الأزمة والتوتر الذي يعيشه المجتمع الفرنسي ومفاتيح التهدئة يمتلكها الأئمة ورجال الدين ،الذين يعتبرون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل .وعودة للخسائر الفادحة التي خلفتها المظاهرات التي وقعت فالفاتورة سيؤديها نظام العسكر من دون شك ،بدءا بترحيل كل الجزائريين الذين لا يمتلكون الإقامة الدائمة والذين استغلوا هذه الأحداث للنهب والسرقةوتخريب الممتلكات إن الفاتورة كبيرة ولا أعتقد أن السلطات الفرنسية سوف تتسامح مع ماوقع ومع سياسة النظام العسكري في الجزائر.وقد أثبتت التغطية الإعلامية تورط العديد من الجزائريين في عمليات التخريب التي وقعت في غالبية المدن الفرنسية الكبرى باريس والضواحي ومرسيليا وليل وتولوز وباقي المدن الفرنسية.تجدر الإشارة كذلك أن حملة الاعتقالات مستمرة بحيث تجاوزت لحد الساعة حوالي ألف معتقل .

حيمري البشير كوبنهاكن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube