احمد رباصمستجدات

رهانات تمازيغت بالمغرب (4/2)

أحمد رباص-حرة بريس

منذ السبعينيات، تم إنشاء جمعيات أخرى في الرباط والناظور وأكادير والدار البيضاء. شهدت سنة 1980 بروز الحركة الثقافية الأمازيغية الوليدة. إنها تزامنت مع انعقاد الدورة الأولى لجامعة أكادير الصيفية حول موضوع “الثقافة الشعبية”. الوحدة في التنوع”.
بعد عشر سنوات، في عام 1991، سوف نشهد التوقيع على ما اعتبر بمثابة عقد تأسيسي لـلحركة الثقافية الأمازيغية، ألا وهو الميثاق المتعلق باللغة والثقافة الأمازيغيتين في المغرب. ويجمع “ميثاق أغادير”، الذي وقعته ست جمعيات، المطالب الرئيسية للحركة مقسمة إلى سبعة أهداف يتعين تحقيقها، بما فيها التنصيص في الدستور على الطابع الوطني للغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، دمج اللغة والثقافة الأمازيغية في مختلف مجالات الأنشطة الثقافية والتعليمية وإدماجها في البرامج التربوية ؛ حق المواطنة في وسائل الإعلام
.


وفوق كل شيء، أتاح هذا الميثاق جلب المطالب الأمازيغية إلى الساحة العامة دون الاختباء وراء مفهوم “الثقافة الشعبية” أو وراء الاعتبارات العلمية والأكاديمية. وقد أدى ذلك إلى إنشاء العديد من الجمعيات حتى في المدن والقرى الصغيرة. كما شهدت السنوات التالية ظهور حركة طلابية أمازيغية بفكرة العمل سياسياً داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب للترويج للقضية الأمازيغية.
اكتسب الاهتمام المتزايد بالمسألة الأمازيغية زخماً عام 1994 باعتقال سبعة أعضاء من جمعية تيليلي (الحرية) من كلميمة في الرشيدية بعد استعراض عيد العمال. وخلال المسيرة رفع نشطاء تيليلي لافتات ورددوا شعارات تطالب بإدخال اللغة الأمازيغية في المدارس والاعتراف الدستوري بها.
وقد تسبب اتهامهم في سياق الانفتاح السياسي والتسامح مع الحركة الثقافية الأمازيغية في مفاجأة عامة. كما أنه ولد حشدا قويا داخليا ودوليا لصالح المعتقلين. واقتصر تأثير هذه القضية على رد فعل الحكومة المغربية عبر التفاتة وصفت بأنها “رمزية”. أعلن الوزير الأول الجديد، عبد اللطيف الفيلالي، في خطاب ألقاه أمام البرلمان في 14 يونيو 1994، أن التلفزيون المغربي سيبث من الآن فصاعداً الأخبار “باللغة الأمازيغية”.
وأشاد الملك الحسن الثاني في خطابه 20 غشت 1994 بما أسماه “اللهجات الأمازيغية” وأعلن عن إدخال اللغة الأمازيغية في المدارس الابتدائية. كان التأثير الوحيد للخطاب الملكي هو إنشاء نشرة إخبارية تلفزيونية باللهجات الأمازيغية الثلاث، مدة كل منها بضع دقائق. لكن خطاب الحسن الثاني يعتبر خطوة “تاريخية” في إطار المعالجة الرسمية للمسألة الأمازيغية. لأنه، بحسب نشطاء أمازيغ، كسر المحرمات وتناول جوهر القضية.
ونظرًا لكونها فرصة سياسية، فقد ولّدت ازدهارًا في الجمعيات في جميع أنحاء البلاد. نشأت فكرة توحيدهم وأسفرت عن إنشاء مجلس التنسيق الوطني للجمعيات الأمازيغية في المغرب.
من عام 1993 حتى عام 2000، شهدت الحركة مرحلة التدويل. بدأت الجمعيات الثقافية الأمازيغية في الانخراط في هيئات دولية واستخدام مفهوم السكان الأصليين كرهان مطلبي. أصبح هذا التدويل “رسميًا” مع إنشاء المؤتمر الأمازيغي العالمي في عام 1995؛ كمنظمة دولية غير حكومية مستقلة عن الدول والأحزاب السياسية، هدفها هو تعزيز الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية.
النقاش الآخر الذي أضفى دينامية على الحركة تناول آنذاك الانتقال إلى السياسة. في مارس 2000 ، وقعت “مجموعة من المثقفين الناطقين باللغة الأمازيغية الذين يستمعون باستمرار للرأي العام الأمازيغي على “البيان الأمازيغي”، الذي بادر إليه محمد شفيق. يدور البيان حول الحاجة إلى الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب. أثار ذلك نقاا كبيرا حول تسييس حساب تحدي الألفية.
في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قدمت الحركة الثقافية الأمازيغية نفسها على أنها حركة مهمة في المجال السياسي المغربي، وذهبت، قبل كل شيء، إلى أنها تعددية. في الواقع ، حازت دعم العديد من الجهات الفاعلة (الفردية والجماعية على المستويين الداخلي والدولي) والتي تتباين أهدافها واستراتيجياتها على نطاق واسع.


لكن تخترقها التوترات والصراعات، وأكثرها وضوحا بين أكبر جمعيتين، الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي وتماينوت، حول استخدام مفهوم “الشعوب الأصلية”. على عكس تماينوت، اعتبر ت الجمعية الأخرى أن المفهوم لا يتوافق مع الحالة المغربية، لأن الأمازيغية هي قضية وطنية ولا يمكن تقسيم المغرب إلى شعبين، أصليين وغير أصليين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube